تفوق سلاح الجو الإسرائيلي لا يعوض هزال السلاح البري في المعارك الحقيقية

في السنوات الأخيرة وبالتحديد بعد الحرب الأخيرة على غزة عام 2014، بدأت فكرة مزعجة تراود أذهان قيادة الجيش الإسرائيلي وهي ما مدى كفاءة ذراع البر في الحسم حال نشوب معركة مستقبلية، حيث إنهم يعلمون أن الحسم الحقيقي لا يتأتى إلا عن طريق تواجد القوات البرية على أرض الخصم وليس عن طريق ضربات سلاح الجو.

فالطائرات الحربية لدى الجيش تعدت كونها سلاح دعم ناري للقوات على الأرض وإنما باتت السلاح الرئيسي والعمود الفقري للجيش الإسرائيلي بخلاف باقي جيوش العالم.

هذه الفكرة تحولت مع الوقت إلى شيء أشبه بالعقدة النفسية لدى الجيش الإسرائيلي، فالاعتماد الكبير على سلاح الجو أثار الريبة ليس في نفوس قيادة الجيش فحسب وإنما كذلك في نفوس سكان إسرائيل حول قدرة القوات البرية في احتلال نطاق جغرافي مكتظ بالسكان كقطاع غزة حالما يتم تحييد سلاح الجو، لا سيما في ظل تنامي القدرات القتالية للمقاوم الفلسطيني في الميدان، وهذا ليس كلامي وإنما بشهادة جنود الجيش الإسرائيلي الذي شاركوا في الحرب الأخيرة عام 2014، حيث قالوا أن أشرس المقاتلين على الأرض موجودين في قطاع غزة، بالإضافة إلى تصريح مفوض شكاوي الجنود لدى الجيش اللواء (احتياط) “يتسحاك بريك” حينما قال أن المقاتلين في غزة أكثر كفاءة وجرأة من مقاتلينا.

حتى أن خطة تنوفا متعددة السنوات التي وضعها رئيس هيئة الأركان العامة أفيف كوخافي جاءت بشكل أساسي كمحاولة للنهوض بذراع البر وجعله العمود الفقري الأساسي في الحسم بدلاً من الاكتفاء بالضربات الجوية هنا وهناك.

لا أحد ينكر التفوق العسكري للجيش الإسرائيلي في المنطقة لكنه مرهون بشكل أكبر بسلاح الجو، ولو أردنا التعبير بشكل أدق عن هذا التفوق فسيكون جويًا وليس بريًا.

سيقول البعض وماذا بعد التفوق الجوي فهو يكفي وينهك الخصم، وهذا صحيح لكن الأمر يختلف في أدبيات الجيوش فهي تعرف أن كل الفخر يتمثل ببسالة وشجاعة المقاتل على الأرض عندما يحمى الوطيس وتُحيد الطائرات.

فالجيش الإسرائيلي تتركز خبرته القتالية بشكل أكبر في المجال الجوي ولكنها ليست على الأرض ومصداقًا لكلامي هذا هو المناورة الأخيرة التي جرت قبل أسابيع في قاعدة تساليم التي قام بها الجيش تحت اسم الزنبرك المشدود، والتي تركزت على تدريب قادة الفصائل في الألوية القتالية المناورة على القتال في غزة كونهم يفتقدون للخبرة القتالية، حسب ما ذكرت معاريف والتي قامت بحذف الخبر بعد نشره بوقت قليل، وثم نشرته مرة أخرى بطريقة ألطف.

كما أن صحيفة يسرائيل هيوم نشرت عام 2017 تقريرًا يتحدث عن أن الشبان في إسرائيل أصبحوا لا يفضلون الخدمة في الوحدات القتالية كلواء جولاني وجفعاتي وكفير وإنما يفضلون الخدمة في سلاح الجو والجبهة الداخلية وحرس الحدود.

حتى عندما يصرح السياسيون في إسرائيل باحتلال غزة من جديد فإن العسكريين عندهم يقولون أن الفكرة ليست في دخول القطاع بريًا وإنما فيما بعد الدخول بيوم وهم يقصدون هنا أن بإمكان القوات البرية دخول القطاع دخولاً استعراضياً بدعم ناري كبير من سلاح الجو لكن الصعوبة تكمن وقت تحييد الطائرات عند الالتحام وجهًا لوجه مع المقاومة لأيام.

ولا أحد يفهم من كلامي آنف الذكر أني أقلل من قدرات العدو ولكني أسلط الضوء على بعض نقاط الضعف لديه مستندًا في ذلك على الوقائع والشواهد في السنوات الأخيرة وعلى فلتات ألسنتهم في الإعلام.

ربيع عايش – عكا للشؤون الاسرائيلية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى