فاتن حمامة في موسكو.. أول فنانة عربية يرتفع لها الستار الحديدي

 

في قلب موسكو، قضت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة أياما لم تنساها؛ حيث حملت معها في رحلتها إلى روسيا مجموعة من أحدث أزياء باريس، منها معطف من الفراء الثمين جدا ومجموعة من الأحذية الجميلة.

وقد مرت فاتن بواحد من أشهر المواقف الطريف في حياتها، حين وقفت أمامها سيدة روسية في دار الأوبرا وهي تحملق في حذائها، ثم تتنهد طويلا من شدة إعجابها بالحذاء .

كانت فاتن محط كل الأنظار عندما سافرت إلى العاصمة الروسية عام 1956؛ إذ كانت في قمة أناقتها أشبه بعود الخيزران في وسط غابة من نساء روسيا البدينات في الغالب، ولعل السبب في ذلك اضطرارهن إلى الإكثار من الطعام لمقاومة البرد.

الدعوة التي وجهت إلى فاتن حمامة كان مصدرها وزارة التربية في الاتحاد السوفيتي، لكن لماذا هي بالأخص؟!.. الإجابة كانت بسبب فيلمها “صراع في الوادي”، الذي رأت وزارة التربية انه يمثل الصراع بين الطبقات، وهو أقرب إلى أذهان الشعب الروسي من أي فيلم آخر.

وبسبب وعكة صحية لم تشاهد فاتن حمامة العرض في اليوم الأول، ولكنها حضرت في اليوم التالي لتشاهد عرض الفيلم، وكانت ترتدي ثوبا للسهرة ناصح البياض يضغط على حصرها النخيل في رشاقة، وبعد أن قدمتها مديرة دور السينما في روسيا، وقفت فاتن حمامة أمام الميكروفون، وبدأت تتكلم للشعب الروسي وقالت ببساطة: “أنا لا أعرف لغتكم وإلا كنت عبرت بها عن سعادتي بوجودي في بلادكم لكني أعرف جملة واحدة، إنها تعبر عن شعوري نحوكم وهي (يا فاسو لوبلو) ومعناها إني احبكم، وبعدها ظلت الجماهير في الصالة تودع فاتن حمامة بالتصفيق حتى باب السينما.

كان جمهور كبير في انتظارها، وظهر من وسط هذا الجمهور صبي بترت إحدى ساقيه وظل يخترق الصفوف حتى أصبح أمام فاتن، قبل الصبي أطراف أصابعه ثم نفخ قبلته في الهواء، ثم قال جملة بالروسية ، سألت فاتن الترجمة الروسية ماذا قال الصبي فردت المترجمة: “إنه انتظرك منذ دخلت دار السينما ليقول لك إنه شاهد الفيلم وأعجب بك جدا”. فتقدمت حمامة من الصبي وأعطته باقة الزهور التي قدمتها إليها طفلة روسية داخل السينما.

كانت سيدة الشاشة العربية، قد تعبت من الحديث في الإذاعة والوقوف أمام عدسات التلفزيون، فقد ذهبت إلى دار الأوبرا لتشهد الاحتفال بمرور 75 عاما علي وفاة الموسيقار الروسي موزورجسكي، ثم ذهبت تحترق أسوار الكرملين نفسه، وشاهدت مجوهرات القياصرة وتحفهم وملابسهم، وكانت مذهولة عندما رأت ثوبا مطرزا بحوالي 6 كيلوجرامات من اللؤلؤ الحر.

شاهدت فاتن عاصمة القياصرة التي بنوها على أحدث النظم الأوروبية، وشاهدت كيف كادت تموت جوعا تحت الحصار الألماني، وكانت أول فنانة من الشرق يرتفع لها الستار الحديدي لتدخل روسيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى