سر تاريخي.. شيخ شيعي معمم كتب لفيروز أروع أغانيها/ فيديو

 

في “تشرين ثاني” من عام 1980 عُثر على جثة رجل دين ثلاثيني (شيعي) في احدى أودية جنوب لبنان, اخترقت جسده عدّة رصاصات قاتله, وعلى الجثة ظهرت آثار تعذيب وحشي. سرعان ما تمّ التعرف على هوية الشيخ الشاب القتيل, هو “علي بدر الدين” إمام بلدة “حاروف” قضاء النبطيه الذي اختفى وهو في طريقه الى المسجد قبل بضعة أيام من العثورعلى جثته.

في تلك الفترة – نهاية سبعينات ومطلع ثمانينات القرن الماضي – كان جنوب لبنان مسرحاً لنشاطات وعمليات وجرائم عشرات الأجهزة الأمنيه العربيه والأجنبيه، فضلاً عن جهاز الموساد الاسرائيلي .

ولد “علي محمد جواد بدر الدين” في بلدة “حاروف” قضاء النبطيّه عام 1949, وعاش شبابه في أكناف العلماء والفقهاء الشيعة القاطنين في منطقة النبطية التي تلقّى أولى علومه في مدارسها وعلى يد علمائها وفقهائها.

ظهرت لديه موهبة الشعر وهو صبي وأبدع في الشعر الغزلي وهو لم يتجاوز الخامسة عشره، لكنه كان لا ينشد من “غزلياته” الاّ أمام النذر اليسير من خاصة أصدقائه، وذلك لأنه من عائلة محافظه ومن أبوين متدينين، ولم يكُن مستساغاً وقتذاك أن يكتب المتدين شعراً خارج أغراض الشعر الديني أو الوطني.

في العام 1969 قرر الذهاب إلى النجف الأشرف طالبا ً للعلوم الدينية وهناك تفرغ لدراسة الفقه وتتلمذ على يد كبار علماء الحوزات النجفيّه، ولكن رغم انهماكه في الدراسات الدينية فإنه لم يتنكر لشاعريته حيث انتسب إلى الرابطة الأدبية في النجف، الأ انه لم ينشد من خلال نشاطات هذه الرابطه وأمسياتها سوى الديني والوطني وبعض الاجتماعي الوعظي من قصائده، بينما احتفظ بالغزليات لنفسه .

لم ينقطع عن مسقط رأسه “حاروف” فقد كان يأتي من النجف الى لبنان ليزور بلدته وأهله كلما سنحت له الفرصه حيث كانت الحرب الأهليه اللبنانيه على أشدها وقتذاك -منتصف السبعينات – وفي احدى تلك الزيارات الى الجنوب جاءه من يعرف أن لديه كنزاً من القصائد الغزلية والوجدانية كان قد كتبها في سن الخامسة والسادسه عشره، وعرض عليه أن يبيع بعضها لمن يلحنها كأغانٍ..

تردد علي في البدايه، لكنه وافق على شرط أن لا تتم الاشارة الى أنه الشاعر فيما لو لُحنت هذه القصائد وغًنيت، حفاظاً على مكانته  الاجتماعيه والدينيه. وبعدها جرى ترتيب لقاء بينه وبين ” عاصي الرحباني” رأس الهرم الرحباني الذي بُهر بما وجده من قصائد في جعبة طالب الحوزة الدينيه الشاب، وكاد عاصي لا يصدق أن هذا الشاب العشريني هو مبدع هذه القصائد وفي سن الصبا .

اشترى عاصي أكثر من قصيدة ودفع ثلاثين ليرة لبنانيه في القصيدة الواحده .. وبعد ذلك خرجت الى النور قصيدتان رائعتان من تلحين الأخوين رحباني وغناء فيروزالاسطوري ودون ذكر الشاعر.. قصيدتان لا شك أنهما من أجمل وأبدع ما جادت به قريحة الرحابنه وحنجرة فيروز.

القصيدة الأولى: لملمت ذكرى لقاء الأمسِ

لملمت ذكرى لقاء الأمسِ بالهدبِ
ورحت احضرها في الخافق التعبِ

أيـدٍ تـلوّح مـن غـيبٍ وتـأمـرنـي
بالـدفء بالضوء بالأقمار والشهـبِ

حيرى أنا يا أنا والعـين شـاردة
ابـكي واضحك في سـري بلا سبـبِ

أهـواه من قال إنـي ما ابتسمت له
دنا فعانقني شوق إلى الهرب

نسيت من يـده أن استرد يـدي
طال السلام وطالت رفـة الهدب


والقصيدة الثانيه: أنـا ياعصفورة الشجـنِ 

أنـا يا عصفورة الشجـنِ   مثل عينيك بلا وطـنِ

بي كما بالطفل تسرقه   أوّل الـلـيل يـد الوسن

واغتراب بي وبي فرحٌ     كارتحال البحر بالسفن

راجعٌ من صوب أغنيةٍ      يا زماناً ضاع في الزمـن

أنا يا عصفورة الشجن    أنا عيناكِ هما ســــكني

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى