أمير الشعراء يلقن عبد الوهاب درسا في الابداع والصدق الفني

روى موسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب، فى برنامج تليفزيونى، تفاصيل أول دعوة للعشاء تلقاها من أمير الشعراء أحمد شوقى قائلاً: ” كانت أول دعوة لى للعشاء من أمير الشعراء أحمد شوقى بك فى مطعم الكورسال، يومها أذكر أننى تناولت أفخر عشاء فى حياتى مادة ومعنى، كنت أردت رضاءه عندما ألف لى أغنية “فى الليل لما خلى”، وكنت أعرف أنه يحب من الغناء اللون القديم الذى اشتهر بأدائه عبده الحامولى وعبدالحى حلمى، ومن يليهما من كبار مطربى الأجيال الماضية، فقلت له حينها: “أنا حعمل للأغنية لحنا يعجبك ويتفق مع اللون اللى تحب تسمعه”.

على غير ما توقعت، فوجئت وقتها بتجهم وجه أمير الشعراء وهو يسألنى: “يعنى إيه اللحن اللى يعجبني؟

فقلت: “يعنى تلحين قديم زى المغنى بتاع الحامولى، وعبدالحى حلمى”.

وهنا نظر لى أمير الشعراء ووجدته يقول: “اسمع يا بنى، الفنان الأصيل ميخلقش حاجة على ذوق غيره، إنما يستلهم ذوقه وإحساسه وحده، وأنصحك بالابتعاد عن هذه الطريقة لأنى اعتبرها نفاقاً وتملقاً لرغبات الناس، خلى فنك ينبع من ذات نفسك، لأن ده يخليك تعتز بما تخلقه من ألحان، وأنا شخصيًا أصبحت أعيش فى بيئة غير البيئة التى تعيش فيها أنت، وربما يكون ذوقى غير متفق مع ذوقك، ولكن إذا حاولت أن تسمعنى لحناً تعتز به وتحبه، فسيكون ذلك أفضل لى، لأني حينها سأسمع فنًا غير زائف أو مصطنع”.

وتابع عبدالوهاب : “كان هذا الدرس أثمن لدى من كل ما تعلمته ومن كل ما قد أتعلمه، لأنه علمنى أن أقتنص الشعور بلذة الحياة من كل ما أخلقه من ألحان، ولقد جعلتنى هذه الفلسفة العميقة أكثر إحساسًا بأولادى وبجمال فكرة الله فى خلقهم، فأحيانًا يرى الأب قطعة من نفسه تمشى على الأرض مثلما يمشى، أو تضحك مثلما يضحك، أو تومئ مثلما يفعل، وربما يكون الأبناء نسخًا طبق الأصل من آبائهم، ولكن لن يشعر اي منهم بجمال الخلق أو لذته، إلا من يعتز بنفسه وبما ينبع من داخله، مثل أبى الروحى أستاذى ومعلمى أحمد شوقى بك، أو مثلى أنا بعد أن تعلمت ذلك الدرس منه.

من الجدير بالذكر أن الموسيقار محمد عبد الوهاب عندما سافر إلى لبنان عام 1967، علم ان النحات اللبنانى أمين رزق قد صنع لأحمد شوقى تمثالا من الجبس لوضعه فى مدينة زحلة التى فتن شوقي بجمالها فتغزل فيها شعرا، فدهب من فوره الى زحلة، وعندما توقفت السيارة التى تحمله أمام فندق “الأمباسادور”، نزل ليقبل رأس تمثال أبيه الروحى شوقى بك عرفاناً بالجميل، وبما قدمه له من رعاية واهتمام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى