تصدرت حادثة مستشفى السلط الاردني قائمة الاخبار الاردنية منذ اندلاعها صباح يوم السبت الموافق 13/3/2021 ، لا لشيء طبعا، وانما لسخف السبب الذي اودى بحياة قرابة تسعة اشخاص –نتيجة الاهمال فقط- تم الاعلان عن اسمائهم كوفيات نتيجة انقطاع الاكسجين عن مستشفى السلط ونفاد كمياته دون المسارعه في طلب المدد من قبل الجهه المزوده رغم ما يكتنف المستشفى من انظمة واجهزة انذار في حالة حدوث اي نقص او خطأ ورغم الاحتياط الذي ينبغي وجوده داخل هذا المستشفى . فقد شكل ذلك فاجعة استدعت معها حضور ملك الاردن الى المشفى ، ومتابعة ما حصل والتعرف على اسباب ما حصل وقيامه باتحاذ اجراءات فورية من اقالة ومطالب بالمحاسبه .
لا يمكن الزعم بان ما حصل من حادثة السلط الاكسجينيه تعتبر بالمصاب الجلل الاكبر في اطار ما حصل من مواقف واحداث داخل الاردن مما سبق وما سيليها ايضا ، فعلى مستوى عدد الاصابات كانت هنالك حوادث اكبر واشنع واكثر مظلمة ، كحادثة اطفال البحر الميت والتي راح ضحيتها قرابة ٢١ طفلا لم نجد البواكي لهم لا ولا الندامة عليهم ، ولو كان ذلك ووجدنا البواكي البيض المالحات ولو لمرة واحدة بدون ذرة فساد تختلجنا، لرأينا السيوف الحمر لما حدث ما حدث مما تلاها من مواقف ومصائب .
لا يتحتم علينا البكاء والنواح على هذه الحادثه كحادثه فرديه ، وانما هي عبارة فقط عن طفرة قد استدعت الطبيعة عنوة حدوثها من حجم غيضها وحرقتها على هذا الشعب ، فما كان الا مثل ما حصل ما بامكانه ايقاظهم ، فاين هم اصلا من وضع اقتصادي واجتماعي يعيشونه تحت وطأة الفقر والفساد والجهل ، ام جاءوا يتباكون على بضع اسطوانات غاز قد نفدت ، او لا يعلمون ان اسطوانات وجرار كثيرة قد نفدت من قبل ، ام انهم لا يشعرون ، او لا يعلمون أن اسطوانات وجرار كثيرة قد نفدت من قبل ، ام انهم لا يشعرون ، او لا يعلمون عن اسطوانات الكرامة والعزة والانفة والاحترام والكبرياء؟؟ ام ان ذرات الاكسجين المحيطة بهم تكفيهم ليكملوا معها مسيرة استنشاقهم هذا البؤس الذي سقطوا فيه منذ عقود .
ليست القصة حادثة استشهاد تسعة اشخاص ، ولا حتى خمسين ولا مائة ولا الف وما ضاعفها وعلا ، لكن المشكلة الاكبر والمصاب الاعظم في كون ديّاتهم لا تتعدى سوى عدة فناجين قهوه بلاستيكية من دلّة قد اسقيناها منذ العام ١٩٢١ ، ومن بعدها سترمى هذه الفناجين في سلة مهملات صغيرة هي ثمار كل عزاء يوضع منّا فينا.
لا اعتقد ان ارواح من ارتقوا في الحادثة المذكورة ، ولا في غيرها مما سبق من مصائب صارخة بملء الفم عن حجم الانهيار الاخلاقي والديني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي وغيرها من المنظومات المتهالكة ، لا اعتقد ان هذه الارواح ستكون بالفرحة الا ان عادت متجسدة كمقابض سيف ، كفوهة البنادق، كفتيل البارود ، والا فان ما صعد وسيصعد ، لن يقف الا على ابواب السماء هناك باصقاً على كل ما اعتمر هذه البسيطة من ذل وهوان.
ان كان الغضب السخيف الذي تطاير وحجم الاقالات غير الكافيه التي صدرت ، ان كان كل ذلك فقط ما سيحصل ، فهنيئا لكل متجبر اكبر متسلط .
ذات مرة ، سمعت قصة من شيخ لدينا كان قد ارتحل ، لا اعلم بمصداقيتها ولكنها وان تم اختلاقها فإن الواقع على مراره لم يقل بغيرها ، حال ما حصل من “اعلان شاغر” لجظة امر تعريب الجيش الاردني، وقبل خروج كلوب باشا الذي خاطب القيادة الاردنية انذاك بقوله : هنيئا لكم ، فان هذا الشعب لا يثور.
علّ الشعب الاردني يتخذ ما جرى كصيحة انذار يؤمل فيها ان تكسر حاجز الصمت وترفع الغشاوة عن أعين هي الان رمدى ، وان لم يكن كذلك ستصبح عمياء بالمرة ولن يكون لمداواتها من سبيل ، ولا حتى شيطان الشفقة سيدر علينا بلبنه السخيف هذه المرة ، وانما ستكون العاقبة بكتم الطبيعة صوت كل خلد بشري ضعيف .
Sofianbaniamer56@gmail.com