موقف لا يحسد عليه، وجد الملحن الراحل بليغ حمدي نفسه مكبلة به، فما كان منه إلا سرعة الاتصال باللواء مصطفى الصباحي، أحد أصدقائه المقربين.
استيقظ اللواء الراحل الصباحي على مكالمة هاتفية من صديقه الملحن يستغيث به؛ حيث “انتحرت” في منزله المطربة المغربية الشابة «سميرة مليان»، فما كان من اللواء إلا النزول فورا من منزله في الدقي والتوجه إلى بيت بليغ.
فوجئ الصباحي بكل الموجودين في حاله انهيار تام، وطلب منهم عدم الاقتراب من الجثة وسرعة إبلاغ الشرطة، بحسب ما نشرته الصحف المصرية بتاريخ 19 يناير 1985.
وبالفعل جاءت الشرطة، وتم البدء في التحقيقات ورفع البصمات، ولكن هل انتهى دور اللواء عند هذا الحد؟.. للأسف لا.
فقد بدأت الشائعات المغرضة تطارد اللواء ما بين أنه يسكن فوق الملحن، وأنه يعمل سكرتيرا لأحد الأمراء العرب، وأخرى أنه قام بتلقين الشهود أقوالهم قبل حضور الشرطة.
إلا أن اللواء لم يعر كل هذه الشائعات أي اهتمام، وأكد أنه فخور بوظيفته كلواء شرطه في كل الأوساط والأوقات، وأيا كانت النتيجة حميدة أم خبيثة فهي لا تخصه وإنما تخص الأطراف المعنية بالقضية، وأن كل ما كان يشغل باله عندما اتصل به بليغ هو نجدته والوقوف بجانبه في تلك المحنة.
وعند سؤاله لو تكرر نفس الموقف ماذا سيكون رد فعلك؟.. أكد أنه لن يتردد لحظة عن مساعده ونجدة صديقه حتى إذا لم يكن مشهورا مثل بليغ حمدي.
على ان الشائعات لم تقتصر على هذا اللواء الشهم، بل امتد الاتهام بالقتل والقوادة الى بليغ نفسه الذي اضطر للهروب للخارج، بعيدا عن أعين الناس وألسنتهم”.. فبالرغم من النجاح الكبير الذي حققه الملحن بليغ حمدي المُلقب بـ”العبقري” إلا أنه عانى خلال سنواته الأخيرة الكثير الكثير، والسبب سميرة المليان.
من هي سميرة مليان؟
مطربة مغربية مغمورة في العشرينات من عمرها، كانت ترغب في الشهرة والنجاح، إلا أنها واجهت الرفض من قبل أهلها الذين تخلصوا من إلحاحها بتزويجها في سن مبكرة (18 عاما) على أمل أن تنسى الغناء لكنها لم تنس حلمها وتطلقت من زوجها بعد أن أنجبت طفلين لبنى ومهدي ثم تركت فرنسا حيث بيت زوجها وعادت إلى المغرب لتبحث عن فرصة حقيقة للغناء والشهرة.
ما علاقتها بـ”بليغ”؟
لم تكن على علاقة وثيقة ببليغ حمدي، حيث عرفها عن طريق ثري عربي يدّعي أنه منتج، تعرف عليها في المغرب وأوهمها بأنه يستطيع مساعدتها في الوصول للشهرة، حيث أقنعها بالسفر معه إلى مصر وهناك قدمها لبليغ حمدي خلال حفل أقامه الملحن في بيته وسط حضور العديد من نجوم الفن والإعلام والشخصيات العامة، حيث استمع الحضور إلى صوتها وأعجب به بليغ.
الليلة المشؤومة
كان بليغ معتادا على فتح بيته للجميع، كما اعتاد على إقامة مثل هذه الحفلات للغناء وتقديم المواهب، لذلك استأذن الحضور في أن يذهب إلى غرفته كي يستريح وينام قليلا، وبالفعل دخل غرفته وبدأ الحضور في الانصراف واحدا تلو الآخر ولم يتبق إلا سميرة والمنتج، ليستيقظ بعدها بليغ والشارع بأكمله على صوت ارتطام الفنانة المغربية بالأرض ملقاة من أعلى وهي عارية بعد أن تعرضت للاغتصاب.
قُيدت ضد مجهول
انتشر الخبر من الزمالك (موقع فيلا بليغ) إلى مصر كلها وأصبحت قضية رأي عام عُرفت بقضية الثمانينات، والذي كان بطلها بليغ حمدي، الذي تعرض للعديد من الاتهامات بقتل هذه الفتاة و”القوادة” وإقامة حفلات العري والموبقات إلى آخره من المصطلحات الحمراء التي سببت له المعاناة ودفعته إلى الهروب خارج مصر 5 سنوات، على الرغم من تبرئته وحفظ القضية ضد مجهول، إلا أنه لم يطيق نظرات الناس وألسنتهم، وبعد مضي السنوات عادت مرة آخرى ليبدأ رحلة معاناة مع مرض الكبد انتهت بوفاته في 12 ديسمبر 1993.
قضية الثري العربي
هرب الثري العربي خارج مصر ولم يتم الوصول إليه أو التعرف عليه، لتحُفظ القضية ضد مجهول بسبب عدم وجود أدلة أو شهود على الجاني، حيث كثرت الأقاويل والروايات عن هذه الجريمة، البعض يراها مع سبق الإصرار حيث اغتصبها المنتج وقرر التخلص منها أو استغل سكرها وقام باغتصابها لتكتشف بعدها ذلك وتقرر الانتحار أو هناك طرف آخر في القضية، فيما يرى البعض أنها مؤامرة للنيل من بيلغ حمدي بعد النجاحات التي حققها أو لتشويه صورة أخيه الذي كان مرشحا لوزارة الإعلام.
من هو بليغ حمدي؟
ولد الملحن والمغني بليغ حمدي في 7 أكتوبر 1937 بحي شبرا بالقاهرة، وتعلم العزف على آلة العود وعمره 9 سنوات، ومن فرط حبه وعشقه للموسيقى، التحق بمعهد فؤاد الأول للموسيقى، وعقب التخرج فكر في احتراف الغناء وبالفعل سجل للإذاعة المصرية 4 أغنيات، لكنه أدرك أن موهبته الحقيقية في التلحين، لذا مضى في هذا الطريق، وحقق العديد من الإنجازات فيه بالتلحين لكبار المغنين أمثال أم كلثوم، عبدالحليم حافظ، صباح، شادية، نجاة، وردة الجزائرية، سميرة سعيد، هاني شاكر، وعلي الحجار وغيرهم الكثير من النجوم.