لقاء تاريخي.. صراعات المنطقة ومحنة الفلسطينيين والمسيحيين العراقيين تتصدر نقاشات البابا فرنسيس والمرجع السيستاني

استقبل المرجع الشيعي الأعلى بالعراق “علي السيستاني” في مدينة النجف، اليوم السبت، بابا الفاتيكان “فرنسيس”، في لقاء تاريخي لتشجيع التعايش السلمي بين الأديان.

وجاء اللقاء المغلق في اليوم الثاني من بدء زيارة البابا إلى العراق، واستغرق نحو 45 دقيقة، وهي المرة الأولى التي يتم فيها لقاء على هذا المستوى بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والمرجعية الشيعية العراقية.

وذكر مكتب “السيستاني”، في بيان، أن اللقاء تطرق لما “تعانيه العديد من شعوب المنطقة من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها”.

ونقل البيان عن “السيستاني” قوله إن “الكثيرين في مختلف البلدان يعانون من الظلم والقهر والفقر والاضطهاد الديني والفكري وكبت الحريات الأساسية وغياب العدالة الاجتماعية”.

وأضاف: “دار الحديث خلال اللقاء حول التحديات الكبيرة التي تواجهها الانسانية في هذا العصر (…) خصوصا ما يعاني منه العديد من شعوب منطقتنا من حروب وأعمال عنف وحصار اقتصادي وعمليات تهجير وغيرها، ولا سيما الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة (..) ودور الايمان بالله تعالى وبرسالاته والالتزام بالقيم الأخلاقية السامية في التغلب عليها”.

وأشار “السيستاني”، طبقا للبيان، إلى “الدور الذي ينبغي أن تقوم به الزعامات الدينية والروحية الكبيرة في الحد من هذه المآسي، وما هو المأمول منها من حثّ الأطراف المعنية، ولا سيما في القوى العظمى، على تغليب جانب العقل والحكمة ونبذ لغة الحرب”.

وأكّد السيستاني “اهتمامه بأن يعيش المواطنون المسيحيون كسائر العراقيين في أمن وسلام وبكامل حقوقهم الدستورية”.

ولفت إلى “جانب من الدور الذي قامت به المرجعية الدينية في حماية المسيحيين”، ولا سيما “في المدة التي استولى فيها الارهابيون على مساحات شاسعة في عدة محافظات عراقية”.

ومن جانبه، حث البابا “فرنسيس” المسلمين على احتضان “الأقلية المسيحية العراقية المحاصرة منذ فترة طويلة”، حسبما نقلت وكالة “أسوشيتدبرس” الأمريكية عن بيان للفاتيكان.

وشدد البابا على أهمية “التعاون والصداقة بين الطوائف الدينية حتى تتمكن، عبر تنمية الاحترام المتبادل والحوار، من المساهمة في خير العراق والمنطقة للبشرية جمعاء”.

وذكر البيان أن اللقاء مثل فرصة للبابا لتقديم الشكر إلى “السيستاني؛ لأنه رفع صوته مع الطائفة الشيعية في مواجهة العنف والصعوبات الكبيرة في السنوات الأخيرة، دفاعا عن الأضعف والأكثر اضطهادا”.

وبعد انتهاء اللقاء، توجه بابا الفاتيكان إلى مدينة أور، مسقط رأس النبي “إبراهيم” -وفق روايات تاريخية- في محافظة ذي قار (جنوب)، إيذانا ببدء أولى خطوات الحج هناك وأداء الطقوس.

وقد حضّ البابا فرنسيس، اليوم السبت، في خطاب له من مدينة أور التاريخية على السير من “الصراع إلى الوحدة”، طالباً “السلام لكلّ الشرق الأوسط” و”بشكل خاص في سوريا المجاورة المعذبة”.

وكان البابا ذكر أمس الجمعة، في كلمة أمام المسؤولين في بغداد، أيضاً سوريا حيث تحوّلت انتفاضة شعبية إلى حرب لا تزال مستمرةً منذ عشر سنوات راح ضحيتها أكثر من 387 ألف شخص.

ودعا إلى “احترام حرية الضمير والحرية الدينية والاعتراف بها في كل مكان”، خلال صلاة جمعته مع ممثلي كافة الأديان في العراق، وذلك في أور، المدينة التي يعتقد أنها مكان مولد النبي إبراهيم، وهي بمدينة الناصرية في محافظة ذي قار .

وأضاف: “من هذا المكان الذي ولد فيه الإيمان، من أرض أبينا إبراهيم، دعونا نؤكد أن الله رحيم، والعداء والتطرف والعنف لا يولدون من قلب ديني، ففي ذلك خيانة للدين”، وذلك بحسب وكالة “أسوشيتد برس”.

وشدد على أنّ “الإرهاب يستغل الدين كغطاء، والعنف لا يأتي من الدين أبداً”.

ودعا بابا الفاتيكان الشعب العراقي إلى تقبل بعضهم البعض، وشدد على أن “السلام لا يتطلب رابحين ولا خاسرين، بل إخوة وأخوات، رغم كل مظاهر سوء الفهم وأذى الماضي، ينتقلون من الصراع إلى الوحدة”.

وسيحضر البابا في ذي قار اجتماعا بين الأديان بحضور عدد كبير من الشخصيات الممثلة لمختلف الأديان والطوائف في العراق، ثم ينتقل جوا إلى بغداد لحضور قداس في كاتدرائية القديس يوسف الكلدانية.

وكان البابا “فرنسيس” غادر روما، الجمعة، في مستهل زيارة تستغرق 4 أيام إلى العراق، سيزور خلالها 4 مدن منها الموصل التي كانت معقلا لتنظيم “الدولة”، والتي ما زالت كنائسها ومبانيها تحمل آثار الصراع.

والتقى البابا، الجمعة، زعماء الطوائف الكاثوليكية ببغداد، داعيا المجتمع الدولي إلى أداء دور حاسم في تعزيز السلام بالعراق وكل الشرق الأوسط.

وتعد زيارة “فرنسيس” للعراق امتدادا لسلسلة زيارات قام بها بابا الفاتيكان إلى الدول العربية؛ بهدف تعزيز ثقافة التسامح والتعايش بين الأديان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى