الحلم العربي الجميل الذي لم يكتمل

في ظل ما تمر به أمتنا العربية من تفكك وتشرذم وإعادة النظر من أعداء الأمة العربية حتى في حدود سايكس بيكو التي أوجدوها بين أبناء الأمة الواحدة ، ومحاولة تقسيم ما هو مقسم ومجزأ واختراع هويات أخرى بين أبناء الأمة الواحدة مذهبيه وعرقيه ومناطقيه ، لأجل إعادة النظر حتى في حدود سايكس بيكو المصطنعة كما أسلفت .
تمر الذكرى العطرة لأجمل حلم عربي عاشته أمتنا العربية من المحيط الى الخليج وهو قيام الجمهورية العربية المتحدة بأول وحدة عربية في التاريخ الحديث بين أهم قطرين عربيين وجناحي الأمة مصر وسوريا .
وقيام الجمهورية العربية المتحدة التي شكلت منذ ولادتها كابوسا لدى أعداء الأمة وعملائها في المنطقة .
ويومها أعلن الكيان الصهيوني اللقيط في نداءه الشهير للغرب الامبريالي وعلى رأسه الولايات المتحدة على لسان أهم قادته ومؤسسيه ديفيد بن غوريون ( لقد أصبحت إسرائيل اليوم بين فكي كماشة ) .
لذلك كان لا بد من ازالة هذا الكابوس ، والتقى بذلك كل الأضداد الغرب والشرق على السواء وخونة الأمة من الداخل ، وهم مشاة العدو المتقدمة حينما استغلوا بعض الأخطاء وبالغوا بها بدعم من أسيادهم ومشغليهم حتى تمكنوا للأسف من إنهاء تلك الوحدة والقضاء على أمل الأمة في التقدم والازدهار ، وبعد ذلك أمتنا العربية للأسف تسير في الاتجاه المعاكس لحركة التاريخ ومصالح حتى النظم القطرية ممن تآمروا على تلك الوحدة، ومن متى كان للعميل رأيا أو قرار غير التخريب وتنفيذ أجندة مشغليه فهو بمثابة عبدا مأمورا وهي الثقافة التي للأسف لا زالت سائدة ، ولا نبالغ إذا قلنا أن دبابات الخونة الانفصاليين كانت المقدمة الأولى لنكسة حزيران الأليمة عام 1967م .
وحقق العدو ومن وراءه معظم أهدافه ولا سيما بعد الرحيل المفجع للزعيم جمال عبد الناصر .
لقد كانت هناك انجازات كثيرة لدولة الوحدة التي شاركت بها كل الجماهير العربية حيث كانت الجمهورية العربية المتحدة مفتوحة لكل قطر يريد الدخول في دولة الوحدة .
وبعد الثورة العراقية في 14 تموز يوليو كبر الأمل أن ينضم العراق بكل ثقله لدولة الوحدة ولكن للأسف قطرية عبد الكريم قاسم رحمه الله سارت في اتجاه آخر معاكس لمصلحة الأمة العربية وعلى رأسها العراق الشقيق نفسه ، وثم دفع قاسم الثمن .
ومن أبرز انجازات الوحدة محاربة الأحلاف الاستعمارية التي أراد أعداء الأمة ربطها بها وعلى رأسها حلف بغداد ومبدأ ايزنهاور ومقاومة الاستعمار ودعم حركات التحرر ليس في الوطن العربي وحده ولكن في القارات الثلاثة ، وتقوية منظومة دول عدم الانحياز ،حيث كان الزعيم جمال عبد الناصر أحد أقطابها الرئيسية وغيرها الكثير من الانجازات التي تحتاج لمساحات واسعة لسردها.
تمر علينا الذكرى الــ 63 لتلك الوحدة وقيام الجمهورية العربية المتحدة ،وأمتنا العربية في أسوأ ظروفها ومهددة بوجودها ، وأصبح الحديث عن الوحدة حلما يكاد أن يكون مستحيلا في واقعنا اليوم رغم كثرة التكتلات الدولية الموجودة في العالم ، ولكن أمتنا العربية هناك فيتو وخط أحمر متفق عليه من الغرب والشرق على السواء بعدم وحدة العرب أو أي تقارب مهما كان متواضعا .
وفي ذكرى ذلك الحلم نتساءل هل سنبقى ميدان رماية للآخرين هل ستبقى أمتنا مستباحة للأبد ، هل سنبقى نحن الأمة الوحيدة التي يكرر التاريخ نفسه عليها دون أن تستفيد من أخطاءها ، هل سنبقى تحت حكم مندوبي الاستعمار من أشباه الرجال ولا رجال .
أعتقد لا وألف لا ولا بد من الاستفادة من تجارب التاريخ خاصة المرحلة الناصرية التي هي المخزون الأكبر ويمكن الاستفادة منها بروح العصر الذي نعيشه ولا أقصد تكرار نفس التجربة لأن التاريخ لا يكرر نفسه .
رحم الله فرسان الوحدة وعلى رأسهم الزعيم جمال عبد الناصر ورفاقه ، وتبقى الوحدة هي العنوان الوحيد لتقدم الأمة وازدهارها وتحرير قلبها فلسطين وإيجاد مكان لها تحت الشمس بين الأمم والشعوب .
ولا عزاء للصامتين .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى