كشف خبير بشؤون الاحتلال الإسرائيلي العسكرية؛ إن الآونة الأخيرة قد شهدت تغييرا في نظرة الإسرائيليين إلى جيشهم، الذي نادرا ما يحظى بانتقادات داخلية”.
وأوضح نوعام أمير، في تقرير له بصحيفة “مكور ريشون”، أن تواتر التقارير حول أداء جيش الاحتلال، داخليا وخارجيا، وقضية انتظام المتدينين الحريديم في صفوفه، “فضلا عن التنبؤات بفشله في الحرب القادمة، واستمرار إطلاق البالونات الحارقة من غزة، كلها أسباب أدت إلى تراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي بجيشه”.
وأضاف أن الجيش حافظ في العقود الأخيرة على نسبة ثقة عالية جدا تزيد عن 93 بالمئة في المتوسط، “لكن معهد الديمقراطية الإسرائيلية نشر تقريره السنوي لعام 2020، وقدم لمحة سريعة عن ثقة الجمهور في جميع مؤسسات الدولة، وأظهر هذه المرة أن الثقة في الجيش تنهار”.
وأوضح أن “معطيات المعهد الإحصائية أظهرت تراجع ثقة الإسرائيليين بالجيش إلى أدنى مستوى، وبلغت 81 بالمئة مقارنة بـ90 بالمئة في الفترة نفسها من 2019، وهي النسبة الأدنى منذ 2008، بسبب فشله في حرب لبنان الثانية، مما يطرح السؤال عن سبب فقدان الجمهور الإسرائيلي للثقة في الجيش”.
وتابع بأن “المتحدث باسم الجيش أجرى تغييرا في السنوات الأخيرة لوجهة نظره 180 درجة فيما يتعلق بإدارة استراتيجيته تجاه الإعلام، نحن أمام مؤسسة ضخمة تضم 700 جندي، وحتى 2017، حظي الجيش عبر متحدثه العسكري موتي ألموز، بجرعة دسمة من التغطية الصحفية، وتنقل الصحفيون بين الشمال والجنوب، وحصلنا على تغطية إيجابية لنشاطات الجيش، مما ساهم بشكل كبير في تعزيز ثقة الجمهور به”.
واستدرك بالقول: “في فترة لاحقة، تم تعيين رونين مانليس برئاسة مكتب المتحدث العسكري، فطرأ تغيير سلبي على تغطية فعاليات الجيش، زادت المقالات السلبية، وانخفض الموقف الإيجابي، والنتيجة المباشرة أن الضباط تخلوا عن لقاءات الصحفيين، لأنهم أول من فقد الثقة بوسائل الإعلام المعادية، واليوم في عهد المتحدث هيدي زيلبرمان لا زال الصحفي الذي يريد دخول قاعدة عسكرية، يواجه عقبات أكثر من الماضي”.
سبب آخر لتراجع الثقة بالجيش، بحسبه، تتعلق بتزوير بيانات تجنيد الحريديم، موضحا أن “الجمهور الإسرائيلي لم يتسامح مع التعتيم والتضليل الذي مارسته قيادة الجيش ببيانات التجنيد الحريديم، لأنه اعتبرها استغفالا له، وشعر أن هناك شيئا ما خطأ، لأن الجيش فشل في تقديم الواقع المفترض أن ينعكس في البيانات، وثبت للإسرائيليين أن المؤسسة العسكرية تغشهم، والنشوة التي اشتراها الجمهور للجيش تلقت ضربة قاسية”.
وأشار الكاتب إلى “السبب الثالث المتعلق بما يوجهه عدد من كبار الجنرالات لأداء الجيش المتراجع، لا سيما يتسحاق بريك مفوض عام الجنود، الذي هزت تقاربره الدولة بأكملها، لأنه بشجاعة كبيرة وقف في وجه المؤسسة العسكرية الأقوى، ونشر تقارير مفزعة عن الاستسلام والصمت داخل الجيش الإسرائيلي، وتطرق لانكشاف الجيش، وتراجع ثقة الجمهور به بعد حرب لبنان الثانية نظرا لعدم استعداد الجيش للحرب”.
وأوضح أن “السبب الرابع يتعلق بإشعال حماس والجهاد للطائرات الورقية والبالونات الحارقة في قطاع غزة، حيث اختار الجيش تجاهلها، رغم أنها لا تشكل خطرا وجوديا على إسرائيل، إلا أن الطائرات الورقية تحدت الجيش في السنوات الأخيرة، ولكن بسبب عدم الرد في بداية الموجة، وبجانب الصور اليومية للحرائق في آلاف الأفدنة المشتعلة في مستوطنات غلاف غزة، فقد فضل الجيش احتواء الأحداث، وألحق بنفسه أضرارا كبيرة”.
وأكد أنه “بعد بضعة أشهر قرر الجيش تغيير موقفه، والبدء في الرد على هذه الموجة، وتصاعد الموقف إلى عدة أيام من الاقتتال الذي اندلع دائما بسبب تصاعد رد حماس، وإلحاق الضرر بدوائر أوسع من قطاع غزة، حتى صاح المستوطنون أن الحكومة لا تعامل غلاف غزة كما تل أبيب، وبالفعل فقد كانوا على حق، وعندما أطلق صاروخ على الغلاف، اكتفى الجيش بدبابة أطلقت قذيفة على مواقع حماس، وعندما أطلق صاروخ على بئر السبع أو وسط إسرائيل، أدى ذلك إلى يوم صعب من المعارك”.
وختم بالقول بأن “الجيش حاول لاحقا تفسير منطقه للإسرائيليين، لكن يبدو مرة أخرى أنه فات الأوان، ووصفه العديد من مستوطني الجنوب بأنه كاذب، ويخدع الجمهور في تقاريره، ولم يفهم الجيش مدى خطورة الوضع، وكلما سألت ضابطا كبيرا لم ير عدم ثقة سكان الجنوب في الجيش، أجاب بأن المؤشر يظهر عكس ذلك، معتمدا على نسبة 93 بالمئة الذين يثقون بالجيش الإسرائيلي”
يُضاف الى ذلك إن السلاح هو، وفقًا للقانون العسكري العالمي، شرف الجندي، ونزع سلاح الجندي هو أداة لإهانة شرفه واحتقاره، الأمر الذي ستكون له عواقب سلبية على معنويات الجيوش.
ومن هنا فإن سرقة السلاح عمل مخجل، والتقصير في الاحتفاظ بالسلاح وفقدانه يؤدي وفق القانون إلى رفع دعوى أمام محكمة عسكرية، ويتم التعامل معه بهذه الطريقة.
والملفت للانظار أن سرقة السلاح في الجيش الاسرائيلي، أصبحت ظاهرةً شائعةً رغم انها ليست قضية جديدة. وقد تم مؤخراً توزيع أسلحة إسرائيلية على المستوطنين والمهربين الصهاينة، الذين حصلوا على هذه الأسلحة برشوة الجنود الصهاينة.
وفي هذا الصدد، كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن أكبر عملية سرقة للذخائر من قاعدة عسكرية إسرائيلية، موضحةً أن هذه قد تكون أكبر حالة سرقة أسلحة في تاريخ الکيان الإسرائيلي.
ووفق التقرير، ففي حين ادعى الجيش الإسرائيلي توفير إجراءات أمنية مشددة للقواعد العسكرية للکيان بتكلفة عالية، نجح المهربون في تسجيل واحدة من أكبر السرقات من القواعد العسكرية، وربما أكبر عملية سطو في تاريخ إسرائيل، عبر مهاجمة قاعدة عسكرية.
وذكر التقرير أن اللصوص دخلوا القاعدة بمساعدة الجيش الإسرائيلي، وتمكنوا من سرقة 93 ألف رصاصة من موقع قاعدة “تسئيليم” التابعة للجيش الإسرائيلي في جنوبالبلاد.
وفي كانون الأول 2020، كشفت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية عن سرقة عشرات الأسلحة المستخدمة في الحراسة من قاعدة عسكرية إسرائيلية في شمال البلاد، بالقرب من الحدود اللبنانية. ونقل التقرير عن مصادر عسكرية إسرائيلية قولها إن 40 بندقية سرقت خلال هذه العملية.
وأفادت مصادر صهيونية بأنه عقب عملية السطو هذه، خلع الجيش الإسرائيلي رتبة الضابط المسؤول عن القاعدة وطرد نائبه. كما تم تطبيق هذه العقوبات في مجال خفض الرتبة والفصل والتأنيب بحق 15 ضابطاً آخر في الجيش الصهيوني.
کما أعلنت القناة 12 الإسرائيلية أن قواعد عسكرية إسرائيلية تعرضت للنهب عدة مرات في السنوات الأخيرة.
وفي عام 2019، نشرت صحيفة معاريف الإسرائيلية، تقريرًا عن سرقة معدات وأسلحة عسكرية من إحدى القواعد العسكرية للکيان الصهيوني في فلسطين المحتلة، سُرقت خلالها عدة قنابل.
تثبت هذه الانحرافات في الجيش الإسرائيلي عدة حقائق في المجتمع الإسرائيلي:
– الحقيقة الأولى هي أن الکيان الصهيوني أهمل توفير الأمن على الجبهات الداخلية، بالتركيز على توفير الأمن على المستوى الإقليمي. وهذا يدل على أن بنية الكيان الصهيوني وعقيدته العسكرية تواجهان عيوباً خطيرةً.
– وتشير التقارير والتحقيقات التي تظهر اشتباكات بين جنود ومسؤولين في الکيان الصهيوني، إلى عدم وجود شرف عسكري وعقيدة عسكرية في جيش الكيان الصهيوني، وبالتالي فإن احتمال التجسس والخيانة بينهم مرتفع للغاية.
– إن تورط الجيش الصهيوني في جرائم مثل الرشوة، يشير إلى أزمة اقتصادية عميقة في المجتمع الصهيوني، بينما تحاول السلطات الإسرائيلية إظهار العكس وتشجيع المطبِّعين العرب على الاستثمار في الأراضي المحتلة.
– هناك بعد كبير من اللا أخلاقية في ظاهرة سرقة القواعد العسكرية الإسرائيلية بمساعدة الجنود، لأن هذا غير شائع في الجيوش الأخرى، وخاصةً في البلدان التي تعاني من أزمات اقتصادية، لأن قيم النظام واحترام السلاح والحفاظ على قدسيته هي المبادئ الأساسية للجنود.
كل هذه الحالات تدل على وجود خلل بنيوي كبير في المجتمع الإسرائيلي، ولكن عندما تصل هذه القضية إلى مستوى الجيش (الذي لا يقهر) فإن الخطر يتضاعف على مصير الكيان الصهيوني برمته.