إليه في يوم ميلاده.. الثالث بعد المائة

استعرت الشق الأول من عنوان هذا المقال (إليه في يوم ميلاده) من شاعر العرب الكبير نزار قباني رحمه الله في قصيدته ذائعة الصيت والشهرة التي ألقاها في الذكرى الــ53 لميلاد الزعيم جمال عبد الناصر أي عام 1971م ، .
وأول عام لذكرى ميلاده بعد رحيله المفجع في 28 سبتمبر أيلول 1970م ،.
وما بين ذكرى ميلاده الــ53 واليوم الثالث بعد المائة لميلاده ، جرى الكثير من الأحداث في نهر الحياة المتدفق الذي غير مجرى التاريخ حيث نجح الزعيم جمال عبد الناصر بدعم الشعب العربي له من المحيط إلى الخليج، بشهادة قمة السودان في أغسطس آب 1967م ، والاستقبال الأسطوري الذي جرى له وهو شاهد على العصر ، وتمكن من تصحيح الأخطاء التي حدثت وسببت النكسة ، وأعاد تسليح القوات المسلحة المصرية وخاض حرب ألاستنزاف، أي حرب الثلاثة أعوام وفقا لتعبير وزير الحربية الفريق أول الذهبي محمد فوزي رحمه الله .
كما وضع خطة العبور وعمل على الاستعداد لخوض معركة المصير للأمة العربية مع الكيان الصهيوني الغاصب من خلال قومية المعركة، ولا سيما العمل والتنسيق مع سوريا العروبة شريكة المصير .
ولكن شاءت الأقدار أن يختاره الله لجواره بعد أن أعد كل شيء لمعركة العبور لاسترداد الأرض والكرامة ، الأمر الذي جعل خليفته المقبور أنور الساداتي يماطل ثلاثة أعوام وهو يعلن كل عام بأنه عام الحسم من عام 1971 إلى عام 1973م ، بعد أن حاول التهرب من المعركة، ولكن كل شيء في مصر وأمتها العربية كان جاهزا لأخذ الثأر من الصهاينة الأشرار واسترداد الأرض بالقوة ، وكان شعار تلك المرحلة ( ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة ).
وعندما جاء الاستحقاق بعد رحيل الزعيم المفجع المفاجئ ، تمكن الخائن أنور الساداتي بدعم مشغليه الأمريكان الصهاينة وعرب أمريكا من إفراغ حرب أكتوبر عبد الناصر من محتواها، وجعل منها حرب تحريك وليس حرب تحرير ، وداس على دماء الشهداء ووضع الطوبة الأولى لمسلسل السقوط العربي حتى وصلنا لعرب أمريكا المهرولين لأحضان العدو دون مقابل، اللهم إلا طمعا في رضا البيت الأسود في واشنطن الذي أثبت هو الآخر أن المحتمي به خسران .
ذكرى ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر الثلاثة بعد المائة ناقوس ومحرك يدعونا من جديد للتفاؤل والتفكير معا بصوت عال، ويضع كل أحرار الأمة أمام مسؤولياتهم التاريخية أمام وطنهم وأمتهم .
ولكن الى متى نبقى ميدان الرماية للآخرين؟ إلى متى يحكمنا أشباه الرجال ولا رجال بأمر من مشغليهم في واشنطن المأزومة؟ .
فبعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها أمريكا من مجنونها ترامب ، لا أحد يحدثنا عن المشروع الأمريكي الصهيوني وإمكانية نجاحه في المنطقة ، فقد هزم في عقر داره .
إن أمريكا تشهد انحدارا للهاوية منذ انتهاء عهد الرئيس ايزنهاور الذي تحدث في خطبة الوداع محذرا الشعب الأمريكي من خطورة تيار داخل الحزب الجمهوري اسمه “المحافظون الجدد” يخلط ما بين مصالحه الخاصة ومصالح أمريكا كدولة عظمى .
وبالتالي علينا كأمة ونحن نحتفل بميلاد رائد النهضة والتحرر العربي جمال عبد الناصر أن نجعل من انجازاته العظيمة محطة انطلاق، وليس كما يحدث اليوم للآسف في مصر وما يقال عن التفريط في إحدى قلاع عبد الناصر الصناعية ، مصنع الحديد والصلب ، كما جرى التفريط بالكثير من القلاع الصناعية تحت عناوين مختلفة ،(1200) مصنع مجموع ما بناه الزعيم جمال عبد الناصر ليجعل من مصر بلدا صناعيا وزراعيا معا ، بهدف الوصول للاكتفاء الذاتي .
ترى هل يعلم الكثير من الأجيال الجديدة خاصة في مصر أن كوريا الجنوبية كانت ترسل خبراء منها لمصر بهدف الاستفادة من التجربة المصرية التي كانت متقدمة كثيرا على كوريا الجنوبية، .
انظروا اليوم بعد الردة الساداتية وثقافة الاستهلاك التي أرساها بطل العبور المزيف وسار عليها للأسف كل حكام مصر دون استثناء ، أين مصر الناصرية من مصر اليوم .
ذكرى ميلاد الزعيم جمال عبد الناصر وانجازاته واستحضار عصره الذهبي ليس للبكاء على الأطلال ، ولكن بهدف الاستفادة من أعظم تجاربنا وثوراتنا السياسية، وأخذ الدروس والعبر من أجل الغد والأجيال القادمة .
رحم الله الزعيم جمال عبد الناصر يوم ولد ويوم ناضل وكافح من أجل أمته وشعبه ويوم يبعث حيا .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى