هكذا زعزعت حركتا حماس والجهاد وحزب الله العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلي

 

 موقع عكا للشؤون الاسرائيلية – كتب نائل عبد الهادي 

“العقيدة العسكرية” مصطلح عسكري عام لوصف الأداء الذي ستقوم به قوات الجيش خلال المعارك والحروب. وتعتبر إطار نظري قياسي موحد وموجه داخل المؤسسة العسكرية أكثر من كونها مجرد قوانين ونظريات جامدة، وتهدف العقيدة العسكرية بشكل عام، لتعزيز التفكير الإبداعي والابتكاري داخل المؤسسة العسكرية لإيجاد حلول غير نمطية في مواجهة المواقف القتالية المتعددة.

أولا: عقيدة الجيش الإسرائيلي القتالية:
الجيش الإسرائيلي اعتمد منذ تأسيسه عام 1948، على عقيدة قتالية مبنية على أساس حرب العصابات، والسيطرة على المناطق التي تتم فيها عمليات القتال بسرعة، معتمدا على تكتيك الهجوم المفاجئ والكمائن، وقطع الطرق وخطوط الإمداد اللوجستية، بالإضافة إلى السرعة والمباغتة.
وتركزت العقيدة العسكرية الإسرائيلية، منذ فترة “بن غوريون” على الدفاع وضرب العدو في قلب أرضه، كخطوة استباقية لتفادي هجومه أو ردعه من خلال المفاجأة والترويع.
واعتمدت العقيدة القتالية الإسرائيلية منذ العقد الأول لقيام الدولة، على النظرية الهجومية، بسبب الإحساس بالضعف أمام جيرانها، وعدم الإحساس بالأمان، ومهاجمة مصادر التهديد قبل تطوره، وإتباع نهج الحرب الوقائية، وهو ما جعل القيادة العسكرية الإسرائيلية تعمل على تطوير سلاحها الجوي والحصول على أفضل التقنيات العسكرية، والعمل على نقل المعركة القصيرة إلى أرض العدو.

ثانيا: مبادئ العقيدة العسكرية الإسرائيلية
تعتمد العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلي على المبادئ التالية:
– جيش صغير نوعي وقوي.
– الحرب الخاطفة السريعة.
– كثافة القوة النارية للقوة الجوية.
-تقليل الخسائر في العنصر البشري.
– الاعتماد على الأسلحة المتطورة.
– الاعتماد على عنصر المفاجأة.
-نقل المعركة إلى أرض العدو.
– تدمير قوات العدو المسلحة.
– احتلال مناطق والبقاء فيها لتحقيق مكاسب سياسية.
– هجوم استباقي أو حرب وقائية.
– حسم نتيجة الحرب سريعاً.
– تأمين العمق الإسرائيلي، وتكوين مناطق عازلة.
– تعزيز قوة الردع والتفوق النوعي.

ثالثا: تطوير العقيدة العسكرية الإسرائيلية
العقيدة الإسرائيلية القديمة، التي تلاءمت إلى حد كبير مع الحروب البرية الكلاسيكية، ضد جيوش نظامية، كانت تعتمد على تحقيق المفاجأة للعدو من خلال اختيار زمان ومكان المعركة وسرعة تحريك القوات، وقد استمرت تلك المبادئ قائمة حتى حرب أكتوبر 1973.
وبعد حرب أكتوبر عملت القيادة العسكرية الإسرائيلية على تطوير عقيدتها القتالية من خلال الاعتماد على القوة النارية الجوية، أو ما يطلق عليه “سياسة الأرض المحروقة”، بمعنى تجنب الاشتباك البري مع العدو.

الحرب غير المتكافئة والعقيدة العسكرية الإسرائيلية:
شكلت حرب لبنان الأولى منعطفا حادا بالنسبة للعقيدة العسكرية الإسرائيلية، فإسرائيل لم تواجه في العام 1982 قوات نظامية، ولم يعد الجيش الإسرائيلي قادرا على تطبيق مبادئ نظريته القتالية، لأنه يواجه منظمات قتالية شبه عسكرية، هذه المنظمات لم يكن لديها ما تخسره، ولا يمكن التأثير عليها عسكريا (الحسم) لذلك بدأت إسرائيل بإحداث تغييرات في العقيدة العسكرية.
التطوير في استراتيجيات القتال، أمام المنظمات الفلسطينية واللبنانية، دفع إسرائيل لاعتماد حرب العصابات، والقتال المحدود، في مناطق ذات مساحات صغيرة، من خلال الاعتماد على القوات الخاصة، وسياسة الاغتيالات، والتأثير على العدو من خلال الآخرين – مثل السكان، أو الحكومات أو المنظمات الدولية- وذلك لإجباره على طلب الهدنة، وفرض الشروط عليه.

حماس وحزب الله والحرب غير المتكافئة:
تجربة الجيش الإسرائيلي القتالية، مع منظمات شبه عسكرية، تعتمد على تكتيك حرب العصابات، كحماس وحزب الله، تسبب في إحراج الجيش الإسرائيلي، وتسبب كذلك في فشل نظريته القتالية، فأمام منظمات لا تمتلك دولة ولا حدود، ولا ذخر استراتيجي، كان من الصعب الانتصار، أو حتى الحسم العسكري، وبناءً على هذه الإخفاقات العسكرية، طورت إسرائيل مصطلح عقيدة الضاحية.

رابعا: عقيدة الضاحية
تعتمد هذه النظرية على الضربة العسكرية الجوية الخاطفة والمفاجئة، التي تحدث ضررا كبيرا في صفوف العدو، وارباك قواته على الأرض، ويختصر أحد الضباط الإسرائيليين مفهوم عقيدة الضاحية بالكلمات التالية: “إلحاق ضربة قوية بالعدو، وتدمير بيوت وبنى تحتية للتسبب بمعاناة مئات الآلاف من الأشخاص، هي الأمور الوحيدة التي يمكن أن يكون لها التأثير الأكبر على العدو”

خامسا: القتال بالنيابة – المرتزقة
بعد فشل عقيدة الضاحية أمام حماس بغزة، خلال الأعوام 2008، و2012، وعدم حسم المعركة ضد حماس عسكريا، طورت القيادة العسكرية الإسرائيلية مبدأ جديدا تم اضافته إلى عقيدتها العسكرية.
وهذا المبدأ على يعتمد على الحرب بالوكالة، بمعنى قيام الجيش الإسرائيلي باستئجار مرتزقة من الموالين لإسرائيل، وزجهم نحو الخطوط الأولى في المعركة، (كما حدث في الحرب الأخيرة على غزة).
ويمكن للمرتزقة أن يشكلوا جزءً كبيرا من وحدات المشاة، وتوفير الحياة البشرية، من خلال عدم الاشتباك البري المباشر مع العدو، والأهم هو عدم تمكين العدو من تسجيل انتصارات عليه، من خلال التكتم على خبر مقتلهم.

أخيرا: يمكن القول إن التطورات التي طرأت على النظرية القتالية للجيش الإسرائيلي، لم تكن جوهرية، وموسعة، ومازال الجيش الإسرائيلي يعتمد على معظم المبادئ القديمة في نظريته القتالية، تحديدا: الاعتماد على عنصر المفاجئة، والحرب القصيرة الخاطفة، وتدمير قوات العدو المسلحة، ونقل المعركة إلى أرض العدو، و الاعتماد على الأسلحة المتطورة، وتوفير الحياة البشرية، من خلال تجنب المواجه البرية، وكثافة النيران، مع السعي لاغتيال شخصيات بارزة، لحسم المعركة بسرعة وتسجيل الانتصارات الوهمية على العدو، بالإضافة إلى عقيدة الضاحية، والاعتماد على المرتزقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى