الحب اعمى.. هكذا غيّر طه حسين قوانين الحب والزواج

 

رحلة طويلة بدأت بالمشقة والتعب، وانتهت بوداع خلده التاريخ، “سوزان بريسو” و”طه حسين”، عاشقان انضمت قصة حبهما إلى قصص الحب التي لا يصدقها البعض، فتصورت أجيال أن الحب يحدث من أول نظرة ولكن ما بالكم بمن لا يرى، فهل يكتب له الحب، أم أن حياته سيغلبها الظلام ولن ينيرها نور العشق!..

لقد استطاع عميد الأدب العربي طه حسين أن يغير موازين العشق عندما أحب “سوزان بريسو” الفرنسية الكاثوليكية، التي اشتغلت بالتدريس في بداية حياتها العلمية، وتسببت أحداث الحرب العالمية الأولى في تهجيرها مع عائلتها إلى مدينة «مونبلييه» في جنوب فرنسا.

بدأت القصة في ١٩١٥م …عندما تعرفت «سوزان بريسو» على طالب بالدراسات العليا كفيف ومصري الجنسية، يدعى «طه حسين» وكان في حاجة لمن يقرأ له الكتب والمراجع التي تساعده على إتمام دراسته، فأقدمت سوزان على مساعدته وتوطتدت علاقتهما من الزمالة إلى الصداقة وصولًا إلى الحب، وظلت سوزان تقرأ لعميد الأدب العربي حتى وفاته في أكتوبر 1973.

وسجلت سوزان بريسو لقائها الأول بعميد الأدب العربي طه حسين في كتابها “معك”، فتقول: أول مرة التقينا فيها كانت في 12 مايو 1915، في مونبلييه، ومنذ زواجنا كنا نحتفظ لهذا اليوم بوضع خاص، لم يكن ثمة شيء في ذلك اليوم ينبئني بأن مصيري كان يتقرر، ولم يكن بوسع أمي التي كانت بصحبتي أن تتصور أمرا مماثلا، وكنت على شيء من الحيرة، إذ لم يسبق لي في حياتي أن كلمت أعمى.

ولم تكن تلك المرة الأخيرة التي تتحدث فيها مع أعمى، ولكن تعددت اللقاءات واعتادت سوزان على زيارة طه حسين في غرفته بسكن الطلبة، وكان يلاحظهما أحد أستاذ اللغة اللاتينية، والذي تنبأ بأن علاقتهما ستنتهي بالزواج وأبلغ طه حسين ذلك قائلًا “ستتزوج هذه الفتاة”..

بعدها بوقت قصير تأكد طه حسين أن سوزان بريسو هي شريكته التي ستكمل ما ينقصه وسيعتمد عليها ويثق بها، وقرر أن يتقدم لطلب يدها للزواج، ولكنه فوجئ برفض أهلها رفضًا قاطعًا، فكيف لابنتهم الفرنسية المسيحية الجميلة أن تتزوج بشاب عربي مسلم وأعمى…

حزن عميد الأدب العربي حزنًا كبيرًا بعد هذا الرفض الصادم، فلم يكن يتوقع أن المجتمعات الغربية أيضًا لديها، نفس معتقدات وعادات العرب، أو أنهم سوف ينفرون منه كونه أعمى، ولكن على الجانب الآخر كانت سوزان تحاول إقناع أهلها، حتى ساعدتها والدتها في إتمام زواحها بعميد الأدب العربي “طه حسين”.

وظلت سوزان هي عكاز وعين عميد الأدب العربي طه حسين، حتى وفاته في 28 أكتوبر 1973، وعقب وفاته لم تستطع العيش في منزلهما “رامتان”، وانتقلت للعيش مع ابنتها في حي الزمالك.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى