المشروع القومي العربي كان دائما هو المستهدف

 

 

كان العرب ومنذ سقوط النظام العباسي يسعون إلى إقامة دولتهم المستقلة ليعيشوا فيها أحرارا فوق الأرض وتحت الشمس؛وقد ٱبتلوا بالكثير من الهجمات والغزوات والإحتلالات ؛ وحينما كان الإحتلال التركي في النزع الأخير؛ رأى أحرار العروبة أن الفرصة مواتية ليتحرروا من نيره؛ فتحالفوا مع بريطانيا ٱعتقادا منهم أنها ستكون عونا لهم في تحقيق دولتهم المنشودة؛ فما كان منها إلا أن ٱتفقت مع فرنسا فيما يعرف بٱتفاقية (سايكس-بيكو) حيث تقاسمتا الوطن العربي فيما بينهما؛ وقام من لايملك(بريطانيا وفرنسا) بإعطاء من لايستحق(الكيان الصهيوني وتركيا وإيران) أرض العرب.. فلسطين والٱسكندرونه وأنطاكية والأحواز؛وقامت بريطانيا بنفي زعيم العرب وقائد ثورتهم الشريف الحسين بن علي إلى قبرص؛وٱعتقدت أنها بذلك قد قضت على المشروع وحطمت الحلم.

غير أنها فوجئت بعد ذلك بقيام ثورة يوليو المجيدة، وبروز قائد جديد بحجم الأمة العربية يقود نضالها ضد الٱستعمار والإمبريالية والصهيونية؛ فحطمت الأمة معه وبه الٱستعمار المباشر، وجعلت الأمة معه وبه بريطانيا وفرنسا تتراجعان إلى دول عادية تجريان في الفلك الأمريكي طمعا في الحماية.

بعد ذلك نشبت حرب عام ٦٧تلك الحرب الأمريكية الصهيونية التي لم تستهدف عبد الناصر الشخص بل ٱستهدفت المشروع والحلم؛ وبعدعام واحد قامت ثورة البعث في العراق، تلك الثورة التي أممت النفط وبدأت تقيم نهضة شامله في العراق وتحاول إقامة توازن إستراتيجي مع العدو الصهيوني؛ فكان لابد للخميني أن يدفع فاتورة عودته مكرما معززا من منفاه؛ليستلم السلطة في إيران، وكان العدوان على العراق لتحييده وإشغاله في حرب مدمرة ٱستمرت ثماني سنوات؛خرج العراق منها منتصرا.

وكان لابد من تحطيم العراق، فأمرت أمريكا الإمارات والكويت بإغراق الأسواق العالمية بالنفط حتى وصل سعر البرميل إلى سبع دولارات فقط؛ فطارصواب العراق فغزا الكويت، وقد مهدت لذلك السفيرة الأمريكية غلاسبي زاعمة بأن أمريكا لن تتدخل فٱبتلعت القيادة العراقية الطعم؛ووقع بعد ذلك ما وقع على العراق من حصار وتدمير وعدوان ٱنتهى بإسقاط نظامه القومي وتقاسم السيطرة والنفوذ فيه بين أتباع أمريكا وإيران؛ وإعدام الرئيس الشهيد صدام حسين، وبالطبع لم يكن المستهدف شخص صدام بل المشروع القومي.

وفي عام ٧٨ قامت ثورة تصحيحية في اليمن لتصحيح مسار ثورة ٢٦سبتمبر؛ حيث أنجزت تلك الثورة على قصر عمرها(ثلاث سنوات) للشعب اليمني مالم ينجزه نظام الإمامة في ثمانمائة عام؛وتصادف قيامها بوجود الجبهة القومية في جنوب اليمن فكانت المؤامرة حيث قتل الرئيسان الشهيدان إبراهيم الحمدي وسالم ربيع علي في عام واحد تقريبا؛ولم يكن بالطبع المستهدف شخصيهما الكريمين، بل المشروع القومي حيث العمل الإمبريالي الصهيوني الجاد لمنع قيام نظام قومي أنموذج في جزيرة العرب وبالقرب من منابع النفط.

ولكن حينما فجروا ثورات الخراب العربي التي خططوا لها وقادها المجرم الفار من وجه العدالة القومية العربية برنار هنري ليفي ؛فوجئوا بأجيال جديدة في مصر والجزائر وسورية والعراق والسودان واليمن وغيرها ترفع صور جمال عبدالناصر وإبراهيم الحمدي وصدام حسين؛ وهذه الأجيال لم تكن يوما منتفعة من السلطة في عهودهم؛ بل أنها أجيال عروبية جديدة تؤمن بحقها في العيش بكرامة في أوطانها؛ وترفض الخنوع والمذلة.. وهي بطبيعة الحال زاد للمشروع القومي العربي حينما يتفتق رحم الأمة مخرجا قيادة جديدة تقود الأمة نحو التحرر والكرامة وتحويل أحلامها المنشودة إلى مشاريع على أرض الواقع.

الوقت: 28 أكتوبر,2020 at 12:35 ص
البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى