التناقض الفرنسي بين حرية الأديان والتدين والاعتداءات على الإسلام ورموزه

تعمّ عدة دول إسلامية حالة من الغضب الشديد بعد تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المهينة للإسلام والمسلمين، وبعد سماح إدارته لوسائل الاعلام الفرنسية بنشر رسومات مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، واتخاذها إجراءات ضد المسلمين الفرنسيين ومساجدهم ومؤسساتهم الدينية تتناقض بشكل صارخ مع نصوص الدستور العلماني الفرنسي الذي يضمن حرية الأديان والتديّن، ويعتبر تديّن المواطن الفرنسي واختياره لدينه شأنا شخصيا لا يحق للدولة التدخل فيه.
الدين المسيحي الذي تؤمن به غالبية الشعب الفرنسي دين محبة وسلام وتسامح وتعايش مشترك يرفض الكراهية والتطاول على الإسلام والمسلمين؛ والمسلمون عامة هم ضد التشدد والعنف الديني، ويعتبرون القتل وقطع الرؤوس الذي قام به بعض الجهلة المتشددين المرتزقة المشكوك في تديّنهم وانتمائهم لأوطانهم عملا بربريا وحشيا مقززا مرفوضا لا علاقة للمسلمين ودينهم ورسولهم به. والإنسان المتحضر المستنير، سواء كان متدينا أو غير ذلك، يرفض الإساءة لأي دين، ويحترم الأديان جميعا لأنها ساهمت في تنظيم الحياة الإنسانية وأقامت جسورا من التعاون والمشاركة والتآلف بين شعوب العالم.
فرنسا تعتز بكونها دولة ديموقراطية ليبرالية يضمن دستورها حرية التعبير التي تعني أن المواطن حر في التعبير عن رأيه الشخصي شريطة أن يحترم الآخرين، ويتعامل مع من يختلفون معه في الرأي بأدب وتفهم؛ وتفاخر بتمسكها بالحرية الدينية القائمة على أساس حق الفرد في اختيار الدين الذي يعجبه وممارسة طقوسه بحرية!
فلماذا إذا تتدخل الدولة الفرنسية في الشؤون الدينية ل 4.5 مليون مسلم فرنسي؟ أليسوا فرنسيين ولهم الحق بممارسة دينهم بحرية كبقية أبناء الشعب الفرنسي؟ ولماذا تمنحهم جنسيتها وتعتبرهم مواطنين فرنسيين إذا كانت تخشى من تأثير دينهم وممارساتهم الدينية على المجتمع الفرنسي؟ ولماذا لا تثير ضجة ضد العنصريين الفرنسيين الذين يعتدون على المسلمين واليهود ومساجدهم ومعابدهم؟ ولماذا أقرت هي وغيرها من دول الغرب قوانين تجرّم منتقدي الهولوكوست وتعرضهم للمساءلة القانونية تحت غطاء معاداة السامية بينما تتجاهل أكبر جريمة ارتكبت في تاريخ العالم الحديث وهي احتلال الصهاينة لفلسطين وتشريدهم لشعبها؟
المسلمون يستنكرون الأعمال الإرهابية البشعة التي حدثت في عدد من دول العالم خلال السنوات القليلة الماضية، وقام بها أفراد من المتشددين العنصريين الذين يزعمون الانتماء إلى الاسلام، أو المسيحية، أو اليهودية، أو الهندوسية، أو البوذية إلخ، ويعتبرونها جرائم مقززة تتناقض مع صحيح كل دين، وترفضها وتزدريها القيم الأخلاقية والمشاعر الإنسانية السوية.
يحق للمسلمين أن يغضبوا ويتظاهروا ضد فرنسا، وأن يقاطعوا منتجاتها احتجاجا على إهانتها لدينهم وللرسول محمد صلى الله عليه وسلم؛ ” وعقبال ” ما تتحرك الشعوب العربية والإسلامية وتقاطع منتوجات الدول التي تدعم الدولة الصهيونية التي تحتل فلسطين والقدس وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية! أليست القدس وفلسطين بمساجدها وكنائسها ملكا ل 1700 مليون مسلم وللمسيحيين العرب!؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى