لا يحتاج التاريخ المشرف للزعيم الخالد جمال عبد الناصر للدفاع من أحد مهما بلغ من العلم ومعرفة حقائق التاريخ، ولعل واقعنا السياسي اليوم هو أكبر إنصاف للزعيم الخالد الذي لم تنته الحرب المستمرة عليه منذ رحيله حتى اليوم، أي نصف قرن ولا زالت الهجمة والحرب على اسمه كما هي .
كما أن هذا الواقع أكبر إدانة لكل الأنظمة التي جاءت من بعده وهي متشابهة على مختلف ألوانها، وأكبر قاسم مشترك بينها هو التبعية لأمريكا والكيان الصهيوني، وقد أسس تلك السياسة المقبور أنور الساداتي وعلى نفس النهج والطريق سار كل من جاء من بعده من اللامبارك وحتى عبد الفتاح السيسي ، فكل واحد منهم حسب مرحلته وظروفه ولا ننسى أن المرحوم محمد مرسي ليس استثناء بل إنه لا يختلف عن سابقيه ، السادات ومبارك وتكريمه لأنور السادات كانت رسالة للغرب وأمريكا تحديداً بأنه على نفس النهج ورسائل هيلاري كلينتون فضحت الكثير من المستور مع أن تسريباته ليست بريئة وإن كان مضمون الرسائل صحيح 100% بكل أسف .
لأن ذلك تاريخ عشناه وكل الأنظمة التي أعقبت الزعيم الخالد سارت على عكس نهجه وسياسته مع أنه الأساس لوجودها ولولا جمال عبد الناصر وثورته الخالدة لما عرفنا أنور الساداتي ومن جاؤوا من بعده وصولاً للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي يقود سياسة مخالفة أكثر من أسلافه لنهج الزعيم الخالد حتى وصل به الأمر بانتقاد الزعيم جمال عبد الناصر ناسباً إليه ضياع مخزون مصر من الذهب في حرب اليمن كما يقول، وهذا ما ينفيه تقرير البنك الدولي ناهيك عن أن حرب اليمن تم تمويلها من الملك سعود بعد الانقلاب عليه من شقيقه فيصل، ولو أن احتياط مصر من الذهب استهلك كما يقول السيسي لما كان الجنيه المصري بقي ثابتاً على سعره أمام الدولار حيث كان الدولار يساوي 35 قرشاً مصرياً .
وبعد شطحات السيسي غير الموفقة يأتي رئيس وزرائه الجاهل وفي نوبة حنين للعبودية الملكية يصرح بأن مصر ما قبل ثورة يوليو كانت تسلف بريطانيا وأن أمريكا توسلت إليها لدعم أوروبا، ولم يبق لرئيس وزراء مصر إلا أن يقول أن مصر قبل ثورة يوليو هي التي مولت مشروع مارشال الأمريكي.. فأي جنون هذا وكل مصادره عالم الفيس الافتراضي لكن ألم يسمع أو يقرأ رئيس وزراء مصر كيف استعبدت بريطانيا مصر وأدخلتها حروبا لا تخدم إلا الصالح البريطاني بما في ذلك حروب مع الأشقاء في السودان مثلاً، حيث كان دورها مجردبوليس بريطاني، وغير السودان ألم يقرأ رئيس وزراء مصر ورئيسه السيسي حادثة الرابع من فبراير عام 1942م عندما طلب السفير البريطاني من ملك مصر فاروق بأن يعين المرحوم مصطفى النحاس رئيساً للوزراء، وعندما تأخر الملك ساعات كانت الدبابات البريطانية تحاصر قصر عابدين وتفرض النحاس رئيساً للوزراء رغم أنف الملك .
ألم يقرأ السيسي ورئيس وزرائه عن حكومات مصر ما قبل الثورة التي كانت شعاراتها حذاء لكل مواطن، فكيف بالله عليكم أن تتوسل لها أمريكا لدعم أوروبا وأن تسلف بريطانيا التي كانت تسيطر على كل شيء في مصر ، أما حكاية القاهرة التي كانت أنظف مدن العالم عندما كانت تحت الانتداب البريطاني فيمكن للنظام المصري أن يعيد القاهرة لتكون أنظف مدينة تحت حكمه وليس الحكم البريطاني التي كانت كل ثروات مصر تذهب إليه، فكيف يستدين منها إذا كان هو من يعين حتى رؤساء حكوماتها ولا تأتي حكومة إلا بعد رضا المندوب السامي وحادثة الرابع من فبراير شاهدة على العصر كما أسلفت .
الآن عرفنا لماذا كل هذا الهجوم على الزعيم جمال عبد الناصر وتجربته، وعرفنا من يمول مرتزقة البترودولار ليهاجموا الزعيم جمال عبد الناصر في كل مناسبة أو غير مناسبة، فكل ما نراه من هؤلاء للأسف ليس إلا أنهم طابور المشاة الذي يريد تمهيد الطريق أمام المشروع الصهيوأمريكي وصفقته المشبوهة من خلال التنكيل بأعظم مراحل تاريخنا العربي الحديث .
جمال عبد الناصر وتاريخه المشرف لا يحتاجان للدفاع من أحد، ولكن من هم بحاجة للدفاع ولشرعية حقيقية بعد خلع شرعية أكتوبر المزعومة بثورة 25 يناير هو نظام كامب ديفيد، وليس الزعيم الخالد الغائب الحاضر جمال عبد الناصر الذي ما زال مشروعه المقاوم يثبت كل يوم إنه الطريق الصحيح لعودة الأمة لمكانها تحت الشمس.. ولا عزاء للصامتين .