استغلال المنبر المكي للترويج للتطبيع مع العدو الصهيوني!!!

 

 
لا يمكن السكوت على ما يجري في الخليج – وقد وصل حد توقعناه منذ شب فكرنا على التحليل مستقرئين الواقع والتاريخ , لكن كذبنا العامة والمهرجون وتصدى لنا إعلاميو البتر ودولار والمتصهينون .
وكان مقياس فكرنا يتصاعد مع مرور الزمن , وتحركات المنطقة ,من خلال النفط المراق على رمال الصحراء واللبن المسكوب دون فم الرضيع رغم البكاء , والدم المسفوح هنا وهناك .
حذرنا من مجلس التعاون الخليجي ورأيناه آلية لهدم الجامعة العربية، وتفتيت وتفكيك عرى بنية بعض الدول العربية المتصدية للامبريالية والصهيونية , وقد كان – في حين روج الأفاقون وأعداء العروبة وإعلاميو البتر ودولار , لاعتبار مجلس التعاون الخليجي مثالا للوحدة كما يجب إن تكون وبعضهم رآها تفوق الاتحاد الأوروبي , فبهتت وجوههم , حين أنهتها أمريكا لحظة زرع الخلاف بين قطر من ناحية والسعودية والإمارات والبحرين من ناحية أخرى, فتم استخراج شهادة وفاة مجلس التعاون الخليجي حين حقق الأهداف باتخاذ الجامعة العربية كآلية لهدم الدول القومية المتصدية للصهيونية .
كيف أتى الاستعمار بأسر تحكم بلاد النفط والجاز لاستمراره مدرارا يصب في بلدانه ليدير عجلة الاقتصاد والحياة على الدوام , حتى يستنزف من بلدان الدول المنتجة , فتصير قاحلة كما كانت زمان ؟! وكيف حاربت أسرة آل سعود جمال عبد الناصر, وحاولت اغتياله ووقف الفكر الوحدوي و تآمرت على الوحدة و انفصال سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة؟! , لايمكن أن يتعامى عن هذه الحقائق , ويروج للنفط لخدمة المعارك مع إسرائيل , سوى عميل أو صهيوني حقير ,أو جرو صغير تشبث بقطعة لحم رميت له من بقايا موائد شيوخهم الذين استطابوا الثريد وامتطاء العبيد .
“بروجرام” موضوع من زمن لأسر الحكم الخليجية ,وقد نُفِذ كما يرام وأقترب الآن من نهايته ,بأن تسود إسرائيل المنطقة العربية وتقود لتقضي على حلم الوحدة المكنون .
الفرق بين ما يجري في الخليج وما جرى من سلام بين السادات وإسرائيل في كامب ديفيد – وبين الملك حسين والصهاينة في وادي عربة – وبين عرفات ومن يحتلون فلسطين في أوسلو , أنهم أظهروا تلك التنازلات في العلن , فصارت مقاومة التطبيع بداية الأمل لتحرير فلسطين .
أما ما كان يحدث في الخليج من تطبيع مكتوم في الخفاء متواري عن الغافلة من العيون وعلاقات تجارية واقتصادية وسياحية من خلال مكاتب لعملاء في حقيقتها أمنية يتجول فيها الموساد على شواطئ الخليج ,يباح لها بالكشف من مصادر إسرائيلية , وتنفيها النظم الرجعية العربية وإعلامها المتدني في الصهيونية , حتى لاحت في الأفق زيارات لشخصيات غير رسمية خليجية لإسرائيل تعتبرها النظم الرسمية الخليجية أنها لا تمثل إلا صاحبها , وفي حقيقتها أنها مرتبة من أجهزتها المخابراتية – حتى صار قبولها رويدا رويدا من الرأي العام العربي , وكأنها أمر واقع , فحانت لحظة العلن بزيارات نتنياهو لعمان وأبو ظبي وفي الدوحة كان جل المسؤولين الصهاينة ضيوف مائدة الأمير , ومن قبل كان ملك البحرين أسير حب الصهاينة , حتى حانت اللحظة التي أعلن فيها ترامب عن إقامة اتفاق بين الإمارات والكيان الإسرائيلي بمقتضاه روج المسئولين الإماراتيين بأن إسرائيل جزء من الأرض العربية وأن الحقوق الفلسطينية لا تتفق مع الشرعية ,والآن كل التوقعات ترشح البحرين بعد الإمارات تليها السعودية وعُمان , والدوحة مع إسرائيل في أمان من زمان – وتمسك الكويت على جمر مقاومة الاعتراف بإسرائيل نتمنى لها أن لا تلين .
كل هذا الذي كان يحدث وحدث من الحاكمين ومن يجلسون على مناضد الحكومات في الخليج , بما فيه من خيانات لأمة عربية ذات شجون بين شعوب دولها ذات الحدود المصطنعة استعماريا ,أو انتهاك لحرمة أولى المقدسات الإسلامية (الأقصى) والتفريط فيه من أجل ظهور الهيكل المزعوم من تحت أنقاضه , قد يكون كفراً بقيم دينيه ومقدسات أسلاميه , نتيجة أن الساسة ورجال الحكم العلمانيين المفروض عليهم تعليمات غربية أمريكية لايدركون حقيقة الدين ويتدنى لديهم الإدراك الروحي وتتحجر قلوبهم فيتبلدون , فيصيروا كالآلة الصماء- لكن تبقى المصيبة الكبرى , فى من يتسمون برجال الدين , هؤلاء الذين يفترض فيهم أنهم الأقرب إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله وأنهم يصححون المعوج ويفرقون بين الحق والباطل ويدركون عدو الله الظالم , وأن مقدسات الله ليست بحجر أصم ولكن دلالاتها الإيمانية ومكانتها الإسلامية من العلو والسمو , لا تهان ولا يفرط فيها بالنفيس ومن اجلها يكون المسلمين للجهاد عنوان .
لكن على أرض الحجاز لا ينطبق هذا الذي سبق على مشايخ الوهابية فمن بينهم خرجت القاعدة و داعش والنصرة , وبعد البترول صاروا يشترون المؤسسات الدينية الإسلامية في دول عده بالمال , لتنشر الفكر الوهابي , الذي يتخذ من ملك المملكة أمام .
صارت خطبة عرفات -والحجيج من مختلف العالم وقوف بين يدي الله كتجربة ليوم القيامة- فإذا بمن يعتلى المنبر , وقد شارك الخشوع لله , الملك وحاشيته وأركان مملكته وشملهم بالجزء الأخير من خطبته ,وأثنى عليهم وعظمهم , فتنحت الخطبة عن مغزاها ومرماها , وهي التي يجب أن تصعد بعواطف الحجيج وكل المسلمين إلى قمة الخشوع وذرف الدموع والسجود إلى الله الواحد القهار , دون شريك , ولا تعظيم سوى غيره الواحد الأحد الجبار الذي ينهار أمام عظمته كل ملك أو أمير لينزل منزلة العبد الفقير .
صاحبنا السديسي أمام المسجد المكي أعتلى المنبر يوم الجمعة الفائتة , وأمام مصلين عددتهم كورونا , ومنعت عن الناسكين مزاحمة من يصلون في الحرم المكي الصلاة فيه – فصال الرجل وجال , وأمتع الصهاينة بكلام دجال , عن التطبيع ومعاملة اليهود وكيف عاملهم سيدنا محمد بلين –
وعلى حد تغريد احد المغردين “السديس في خطبة سجعية من الحرم المكي، وفي وقت له دلالته، كأنما يمهد الأجواء لاستمرار الهرولة نحو التطبيع مع الذين أحرقوا الحرم القدسي. استحضار قصص السيرة لتشفع لرأيه، محاولة مكشوفة لاستغفال العامة. الوقائع تلك حدثت يوم كانت الدولة ممكنة تفرض شروطها لا أن يُفرض عليها وهذا هو الفرق”
وغرد أخر “السديس ومن منبر الحرم المكي يخطب وحده بلا مصلين! ويدعو إلى التطبيع! ويحرض على قتل من يرفضه بدعوى الفكر الخارجي!”
في خطبته العنترية , الرجل لا يدرك حقيقة المكان الذي يعتلى منبره , ولا يتوجه إلى خالقه , إنما هو قد درج على الخنوع والخضوع لولى الأمر اى ما كان الفسق والفجور , والتعدي على الحرمات وبيع المقدسات , وهنا تبرير لسياسات الحكام وتغليفها بغلاف الدين لينساق العامة والدهماء- وهو حين يضرب المثل بمعاملة سيد الأنبياء لليهود فهذه حقيقة وواقع اتسمت به أخلاق رسول الله , لكن السد يس يخفى من وراء ذلك حقيقة جلية وهى إن اليهود قابلوا معاملة رسول الله لهم بكل السلام والوئام , بالخسة والنذالة والحنث والنكول عن كل اتفاق , وأضمروا له العداء – هذه حقيقة بني إسرائيل التي يجب أن تقال , وقد أغفلها متعمدا أمام الحرم المكي – لذا حذرنا من الاتفاق معهم نبينا عليه السلام , ليخالفه السد يس ويدعو إلى التطبيع معهم من اجل تبرير سياسة الحكام .
عن اى تطبيع وسلام يتحدث السديس والأقصى يحرق ويهان كل يوم – ألم يدرك هذا السديس انه وبرغم اتفاقيات سلام وقعها حكام عرب مع إسرائيل إلا أنها مازالت تتمسك بسياستها العنصرية التوسعية ومازالت ترفع شعار دولتها المزعومة من النيل للفرات على واجهة الكنيست –
إذا لم يدرك السديس حقيقة الكيان الصهيوني الاستيطاني التوسعي , ولم ير قتلهم الأبرياء من شعبنا الفلسطيني كل يوم , فهذه مصيبة , وإذا كان يدرك لكنه يحاول تغليف سياسة حكامه نحو التطبيع بمسوح دينية , مخالفا شرع الله , ومن أجل أن يخرج الهيكل المزعوم من تحت أنقاض الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين , فذلك يعد تفريطا فى الأقصى وأستهانة بأول وثاني الحرمين , فهذه أم الأثافي .
رحمنا الله وإياكم، وخلّص أسيرنا الأقصى من براثن الصهيونية، وحمى حرمنا المكي والمدني من هلوسات شيوخ صعدت درجات منبرهما عن طريق عدونا .

*كاتب ومحامى- مصرى

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى