ثلاثية (الفساد) و (الاستبداد) و (التبعية)

1▪︎ هذه الثلاثية موجودة ، بدرجات متباينة ، في جميع بلدان العالم الثالث ، ما عدا عدّة دول ، قد لا تزيد عن عدد أصابع اليد الواحدة ،
وسيستغرب البعض ما سأقوله بأن ( سورية الأسد ) تأتي في طليعة هذه البلدان المستقلة، التي تمتلك قرارها الوطني ، غير التابع ، إلاّ لمصالح وطموحات الشعب العربي السوري ، الذي تعبّر عنه وتجسّده ، قيادتها الوطنية…
2▪︎ و ( التبعية ) هي بيت القصيد الدائم ، في مختلف مخططات الاستعمار ( القديم والجديد ) ، ويخطط لها ، ويقودها ، ويشرف على تنفيذها ، في هذا العصر ، المحور الصهيو-أطلسي ، وتؤسّس لها وتديرها ، وتنفذها ، الفئات والقوى الداخلية، التي تستمد مبرّر وجودها ، واستمرارها ، وقوّتها ، من الاحتضان والدعم الخارجي لها..
3▪︎ وأما ( الفساد ) و ( الاستبداد ) فهما الأداتان الأهم في يد قوى الاستعمار الجديد وأدواتهما الداخلبة في مجتمعات العالم الأخرى ، للوصول بتلك المجتمعات وبدولها إلى تحقيق التبعبة وترسيخها وقطع إمكانية التخلص منها ، إلا بأثمان فادحة ..
4▪︎ وكعادة الاستعمار عامة و الحالي خاصة ، يرفع عناوين براقة ، ليمرر تحتها ما هو على العكس منها تماما ..
فهو يلوح ب راية ( الحرية ) و ( الديمقراطية ) لتلك الدول والمجتمعات ، لكي يتمكن من الوصول إلى استعباد تلك الشعوب والهيمنة عليها ونهب ثرواتها .
5▪︎ وهو الذي يرعى ( الفساد ) و ( الاستبداد ) في الدول التابعة له ، ويحافظ عليهما ، لأنهما أهم أدوات الاستعمار الجديد . ولا يتحدث عنهما ، هنا – أي في الدول التابعة له – إلا عندما يلمس بأن هناك تراخيا في حبال التبعية له ، أو يشعر بأن الرفض الشعبي لما هو قائم ، بات يشكل خطورة على تبعية تلك البلدان له .
6▪︎ خينئذ يدق النفير ، ويدعي العفة والطهارة وينادي بضرورة وضع حد للفساد والاستبداد القائمين في تلك البلدان ..
ثم يعمل على استبدال القوى السياسية الراهنة المتخلعة ، بقوى سياسية جديدة ، تكون أكثر نشاطا وحيوية وأكثر قدرة ، على تكريس التبعية القائمة وعلى ترسيخها والحفاظ عليها .
7▪︎ وكذلك عندما تصل الأنظمة التابعة ، إلى مرحلة العجز ، عن القيام بالدور التابع المناط بها ، يلجأ داعموها ومحتضنوها الخارجيون ، إلى استبدالها، بأنظمة جديدة ، تكون أكثر قدرة على تأمين ديمومة واستمرار التبعية..
وبمجرد تخلّي الخارج عن الأنظمة التابعة له ، تتهاوى تلك الأنظمة ، بين عشية وضحاها..
8▪︎ هذا هو الفرق بين ( الأنظمة الوطنية المستقلة ) و ( الأنظمة اللا وطنية التابعة ) ، حيث أنّ الأولى معرّضة ، دائماً ، لمحاولات متلاحقة ، فاشلة ، لإسقاطها وتغييرها ، وخير مثال على ذلك ( كوبا ) و ( إيران ) و ( فنزويللا ) و ( سورية)..
وهذا هو جوهر الحرب الكونية ( الصهيو – أطلسية ) الدائرة منذ عشر سنوات الأرض السورية ، بواسطة أدوات، مُدارة ومموّلة وموجّهة ، من الخارج الاستعماري.. وهم يريدون الانتقال ب ( سورية ) من الموقع الوطني المستقل، إلى الموقع اللا وطني التابع..
9▪︎ وأمّا التذرع ، بالوقوف ضد الفساد والاستبداد ، فهما موجودان ، بدرجات متباينة ، في مختلف جهات الأرض الأربع وفي جمبع دول العالم ، وإن كانا يشكّلان ، الحاضنة والقاعدة ، التي يستند عليها ، أعداء الشعوب ، لانتزاع قرارها المستقل..

10▪︎ وقد أثبتت عشرات الحالات ، السابقة والحالية ، أنّ الاستعمار الخارجي ، وبمجرد نجاحه ، في تنفيذ ” أجنداته ” سواء في تبديل الأنظمة التابعة له ، أو في تغيير الأنظمة الوطنية ، كما حدث في إيران ( مصدق ) في خمسينيات القرن الماضي ، وكما حدث في تشيلي ( أليندي ) في أوائل سبعينيات القرن الماضي ، بمجرد نجاحه في ذلك ، فإن ( الفساد ) و ( الاستبداد ) يتضاعفان ، أضعافاً مضاعفة ، وليضاف إليهما ، الضلع الثالث من الثالوث البغيض ، الذي هو ( الاستبداد )..
هذه هي حصيلة (ثورات الناتو .. والربيع العبري ” العربي ” ) ، ومَن يشك في ذلك ، أو يعتبر أنّ هذا كان في الماضي ، ما عليه ، إلاّ أن ينظر، ملياً ، في ما يحدث، الآن، في دول ( ثورات الناتو ) الحالية ، وفي البلدان الأخرى التابعة للعم سام والدائرة في فلكه .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى