الداء والدواء.. لماذا يميل بعض الاشخاص الى ايذاء انفسهم وتدمير حياتهم؟؟

يتعرض بعض الأشخاص لانتهاكات جسدية، أو ينشأ في أسرة لا تشجع كثيرًا على البوح بالمشاعر بشكل واضح، أو يتعرض البعض للانتقاد الدائم، لذا يلجأ هذا الشخص لإيذاء نفسه كأسلوب للمواءمة، أو المواساة عن الألم النفسي الذي يشعر به، فالممارسات العنيفة، والمدمرة، تريحه قليلًا أو تخدر شعوره، وقد يستخدم شخص التدمير الذاتي كأسلوب لمعاقبة نفسه لعدة أسباب منها: ضعف الثقة في نفسه، أو عدم قدرته على السيطرة على حياته، وهذه الوسائل التدميرية، قد تكون مجرد وسيلة للصراخ، وطلب المساعدة من الآخرين.
ممارسات غير محسوبة
أشكال محاولات تدمير الذات متعددة؛ من الإنفاق غير المحسوب، وتناول المخدرات، والإفراط في الجنس، إنها علامات كلاسيكية لهذا الاضطراب، وقد يعاني الشخص ذاته من اضطراب في الشخصية، أو اضطراب ثنائي القطب، تصبح معه السيطر على المشاعر أمرًا صعبًا.
يعرف الشخص أن الكحول سوف يسوّء حالته على المدى الطويل، لذا يعزم على ألا يرجع للشراب ثانيةً، لكن في اليوم التالي يجد نفسه يشعر بالملل، والضيق، فيرجع للشراب مرة أخرى، في سلسلة لا تنتهي، وتناول الكحول والمخدرات هي أحد أشكال تدمير الذات عن عمد، وهي توفر عزاء مؤقت للبعض، لكي يتأقلم، أو يجاري مآسيه الماضية، فيستخدم الكحول كأسلوب لتخدير مشاعره، وبالفعل توفر له المخدرات سلوى مؤقتة، لكن المشاعر السلبية تعود مجددًا.
تناول الطعام بشكل مبالغ فيه، أو الامتناع عن الأكل، أحد الوسائل التي يستخدمها هؤلاء، لتحرير الألم، وتعاني النساء بشكل أكبر من الرجال من اضطرابات الطعام، نتيجة لاضطرابات نفسية، وشعور بالملل، وعدم الرضا عن صورة الجسد، وعلى الجانب الآخر ففقدان الشهية العصبي قد يسبب الحاجة للمكوث في المستشفى، وقد يقود في بعض الحالات للوفاة.
إدمان ألعاب الفيديو
هل تصل إلى درجة من عدم القدرة في السيطرة، ومنع نفسك من ألعاب الفيديو؟ عليك أن تعرف أنه قد أضافت منظمة الصحة العالمية لمرجعها الطبي إدمان ألعاب الفيديو، مثل اضطراب في عام 2018، وهو من أحد الوسائل التي يمارسها الأشخاص كملهاة عن الألم النفسي، أما الشكل الشهير، والمباشر من أشكال تدمير النفس، هو الأذى البدني، أو محاولة الحرق، وهو وسيلة أيضًا للتوائم مع الآلام النفسية، في نظر من يعانون من هذا الاضطراب.
محاولات مبالغ فيها لإسعاد الآخرين
يشعر هؤلاء دائمًا بالأسف على ذواتهم، يعيشون في مرثية دائمة للنفس، وبدلًا من محاولة إصلاحهم لمشاكلهم، تجدهم دائمًا في حالة حسرة، وشفقة على النفس، تكبلهم من أي فعل. أحد السلوكيات التي يمارسها هؤلاء، هي المبالغة في إسعاد الآخرين، حسنًا يبدو الأمر غريبًا، فما هو الضرر في إرضاء الآخرين؟ إذا كان أولوية عند بعض الأشخاص، وبصورة مبالغ فيها، سيؤدي في النهاية إلى حدوث ضرر للطرفين.
إهمال النفس
هذا الشخص الذي يريد أنه يعاقب ذاته، بالطبع لن يهتم بنفسه، ولن تكون ممارسة الرياضة مثلًا إحدى أولوياته، يهمل هذا الشخص نفسه، ولن يهتم بمواعيد نومه، ولا رعاية نفسه، ومن الأشياء التي يتجنبها هي المسؤوليات؛ مثل مسئولية العمل، أو الدراسة، وبالطبع سيترتب على ذلك عواقب سيئة، أقلها التسريح من العمل، أو الفشل الدراسي، وعلى العكس هناك البعض من المصابين بهذا الاضطراب، ينتحرون فلسفيًا بالانشغال الشديد بالعمل كمهرب من التفكير في المشاكل.
كيف تتغلب على التدمير الذاتي
بالتأكيد لا يوجد زر ستضغط عليه ليمنعك عن هذه السلوكيات المؤذية؛ بالطبع ستحتاج لعلاج سلوكي معرفي، يساعدك أن تفهم العلاقة بين مشاعرك، وسلوكياتك، فمشاعرك القوية التي تقودك لتدمير ذاتك، يجب أن تجد طرق أخرى للتنفيس عنها، وهناك عدة نقاط قد تحسن من حالتك.
في البداية أنت بحاجة لأن تعرّف السلوكيات التي تؤذيك، من إيذاء لجسدك، أو ميل عنيف للشراء، أو ممارسة الجنس غير الحذر، أو تناول الطعام بشكل مبالغ فيه، ثانيًا أنت في حاجة لفهم لماذا تقدم على كل فعل مؤذٍ، فمثلًا لماذا تتناول الكحول أو تدخن بكثرة؟ محاولة للاسترخاء؟ أم إحساس بفقدان الثقة بالنفس، أم غير ذلك؟ بعد ذلك هل تتذكر العواقب التي ترتبت على سلوكك المؤذي؟ مثلًا ماذا حدث بعد تناولك للكحول آخر مرة؟ أصبت بدوار الخمر؟ اتخذت قرارات سيئة، جرحت شخصًا ما تحبه؟ دون كل الأفعال التي شعرت بها حينها، من غضب، أو حزن، أو خزي.
وما يجب أن تدركه لكي تحرز تقدمًا في العلاج أنك مسؤول عن هذه الأفعال المؤذية، لا تلم الآخرين. كذلك أنت في حاجة لتجنب المواقف، التي تحفز لديك الرغبة في إيذاء نفسك، ودائمًا أنت بحاجة لنظام حياة صحي، من أكل صحي، وساعات نوم كافية، وممارسة الرياضة للتغلب على القلق، والتوتر، والمشاعر السيئة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى