خدمة لمصالحهم.. يستهدفون الثقافة القومية العربية

ثقافة الشعوب والأمم تجسيد لوعيها لمصالحها وحقوقها، كما انها وسيلة أساسية في الحفاظ على هويتها، وعامل هام في يقظة الأمة في الدفاع والمواجهة لمحاولات أعداء الأمة الذين يستهدفونها عبر الغزو الثقافي الهادف إلى طمس هويتها والحيلولة دون تحقيق مشاريع التقدم والتطور في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.. وبالنسبة لامتنا العربية إنما يستهدف هؤلاء الأعداء الحيلولة دون تحقيق مشروعها النهضوي القومي الوحدوي، وكذلك إبقاء الأمة مجزئة عبر منع نشر ثقافة الوحدة العربية وتثبيت حالة الوعي بالهوية القومية للأمة العربية حيث تعرضت هوية الأمة العربية القومية لتهديدات ثقافية غربية استعمارية وأخرى صهيونية عبر صراع الأمة مع مشاريع ومخططات هذه الجهات المعادية للأمة حيث شكل الغزو الثقافي وسيلة مؤثرة عبر قيام هذه الأطراف باختراق الثقافة العربية ونشر ثقافاتها ومفاهيمها الخاصة وكذلك أنماط حياتها ومقولاتها التي استهدفت الثقافة الوطنية والقومية للأمة ولعل من أهم وابرز هذه الاستهدافات الثقافية الخطيرة التي استهدفت وتستهدف الهوية القومية العربية ما طرحته وتطرحه الولايات المتحدة الأمريكية والشريك الصهيوني والدول الغربية الاستعمارية حول إنزال المزيد من تجزئة أقطار الوطن العربي عبر خلق الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية بين أبناء القطر الواحد مثلما تحتل المشاريع والمخططات الهادفة إلى تحقيق هذه التجزئة حيث يتم تفكيك أقطار الوطن العربي وشطب هويتها القومية وإحباط مشروعها النهضوي وإعادة صياغتها وفقا لمصالحها وفي المقدمة منها مصالح الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين العربية وأراض عربية أخرى في سورية ولبنان وحتى يصبح هذا الكيان الأقوى والأقدر عسكريا واقتصاديا وسياسيا في المنطقة بأسرها. وكذلك فإن العصابات الإرهابية أيضا تستهدف تشويه الثقافة القومية بل محاربتها في محاولة للقضاء عليها.
لقد اقدم الصهاينة على استهداف الثقافة القومية عبر تزوير الحقائق التاريخية التي تحملها الثقافة العربية مثلما عمل الصهاينة على زرع ونشر مفاهيم ومزاعم باطلة حول تاريخ فلسطين العربية وملكيتها للشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية.
بمعنى ان اقدام الولايات المتحدة الأمريكية والحركة الصهيونية والدول الغربية الاستعمارية والاردوغانية والعصابات الإرهابية على غزو الثقافة والهوية القومية العربية ومحاولة محو الذات الفكري والحضاري العربي جاء ليخدم مصالحهم على حساب المصالح القومية للأمة العربية كما جاء ليسهل عليهم زرع ثقافة بديلة لإلحاق أفدح الأضرار بالمجتمع العربي في كل أقطار الوطن وعليه فقد تم استهداف العلاقات والروابط الاجتماعية والاقتصادية والسياسة بين أبناء هذا المجتمع مثلما عمل، ويعمل، أعداء الأمة هؤلاء على زرع اليأس والإحباط والتشكيك بقدرات الأمة وهويتها الواحدة وضرب المرتكزات الفكرية والتنظيمية للقوى والمنظمات الفاعلة في المجتمع العربي وتم بذل الجهود التي ما زالت مستمرة لصرف الأقطار عن المعركة الأساسية للأمة العربية والممثلة أساسا بالصراع العربي الصهيوني بسبب احتلال الصهاينة وبمشاركة استعمارية غربية لأرض فلسطين العربية وإقامة الكيان الغاصب على هذه الأرض ولأراض عربية أخرى في سورية ولبنان. كما تهدف إلى قتل روح النضال والمقاومة ضد هذا العدو ومسانديه ومخططاتهم ومشاريعهم التي تستهدف الأمة وانتهج هؤلاء الأعداء سياسة ربط أنظمة عربية بمشروعهم الاستعماري ودفعهم لمقاتلة عرب آخرين أو استخدام أراضيهم لغزو أقطار عربية أخرى. خرجت على طاعتهم وتنفيذ سياساتهم ومواجهة مشاريعهم مثلما حصل مع العديد من أقطار الوطن العربي في السنوات الأخيرة، كالعراق وليبيا واليمن. ومثلما هو حاصل الآن ضد سورية العربية التي تواجه عدوانا أمريكيا- صهيونيا غربيا استعماريا وتركيا وأنظمة عربية قامت بدور أساسي في التدريب والتمويل والتسليح وتهريب الإرهابيين إلى داخل سورية لتمارس القتل والإرهاب والخراب والدمار لمؤسساتها التي إنما تخدم الشعب العربي السوري بهدف إسقاط الدولة السورية المقاومة للصهيونية والسياسات الأمريكية الغربية المعادية ليس لسورية فقط بل للأمة العربية جمعاء.
تتطلب مواجهة مخاطر الغزو الثقافي المعادي الذي يستهدف الهوية الوطنية والقومية للأمة العربية نشر ثقافة وطنية وقومية عربية ديمقراطية وتشديد النضال لحماية هذه الثقافة وترسيخ الوعي القومي العربي باستخدام كافة الوسائل اللازمة، ثقافة تستند إلى النهج العلمي في التفكير والتحليل وإيصالها إلى الأجيال الشابة لتحصينهم ضد الغزو الثقافي المعادي ويتم ذلك عبر استخدام وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة وكذلك عبر المحاضرات والنشرات والاهتمام بالتربية الوطنية والقومية في المناهج المدرسية والجامعية وكل دور العلم والتأكيد على التوعية والمساواة بين أبناء الشعب العربي الواحد مثلما يتوجب صوغ ذاكرة الوجدان والقيم والتمسك بالتراث الحضاري للأمة والنضال من اجل بناء المشروع النهضوي القومي العربي ونشر ثقافة المقاومة لمواجهة ثقافة الأعداء . وتقع مسؤولية حماية ثقافة الأمة على الأفراد والمنظمات والهيئات وبخاصة الأحزاب القومية والنقابات المهنية الوطنية والأنظمة العربية الوطنية.

*الأمين العام لحزب البعث العربي التقدمي

25/8/2020

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى