في سنة ١٩٥٦، شاءت الأقدار أن يتقابل إثنان من ساسة العالم في مواجهة سياسية وعسكرية كانت من أخطر المواجهات في القرن العشرين وهي المواجهة المشهورة بأزمة السويس. الزعيمان كانا أنتوني إيدن، السياسي البريطاني المخضرم وزعيم حزب المحافظين ورئيس الوزراء البريطاني. ومقابله كان جمال عبد الناصر الذي كان قد انتخب لتوه رئيساً لمصر. كان كل من الرجلين يزعم حق الملكية والسيطرة على قناة السويس، مما أدى إلى عدوان ظالم على مصر وأزمة عالمية شهدت للمرة الأولى والوحيدة التهديد بإستعمال الأسلحة النووية.
أنتوني إيدن:
كان أنتوني إيدن رئيساً لوزراء بريطانيا و سياسياً مخضرماً ومن أقطاب حزب المحافظين وأقواهم. و كان ذو شخصية محببة ووجه وسيم و ذو خلفية مثالية لما ينبغي أن يكون عليه رجل في ذلك الموقع الخطير. فقد جاء من اسرة أرستقراطية وتلقى تعليمه المدرسي في كلية إيتون والتي لا تزال إلى اليوم تحتفظ بمركزها كأحسن مراكز التعليم في بريطانيا. ثم التحق بجامعة اكسفورد ذات المركز العالمي المرموق وحيث اتيحت له دراسة التاريخ والحضارة الإسلامية. و بعد انضمامه لحزب المحافظين تقلد مناصب مرموقة وكان الساعد الأيمن لتشرشل وترك بصمات على تشكيل السياسه البريطانية في أحلك أوقاتها. ومن وجهة نظرنا كعرب فقد نذكر دوره في تأسيس جامعة الدول العربية، وكذلك دوره في معاهدة ١٩٣٦ في مصر، وفيما بعد إتفاقية الجلاء. أما في بلاده، فقد كان حزب المحافظين يعول عليه ليكون واحداً من أنجح رؤساء الوزارات في بريطانيا وكانت كل الشواهد تشير إلى أنه فعلاً سيكون كذلك.
جمال عبد الناصر:
كان شاباً في الثلاثين من عمره من خلفية بسيطة و إبن موظف بسيط في دائرة البريد. تلقى تعليماً حكومياً متواضعاً من المستوى الذي كان متاحاً لأي تلميذ من عامة الشعب. و كان بلا أي خبرة سابقة في الدوائر الحكومية ولم يتلقى أي دروس أو تدريب في السياسة الدولية أو الأساليب الدوبلوماسية.
وقد سبق أن التقى الرجلان مرة واحدة، وكان ذلك عندما زار إيدن القاهرة سنة ١٩٥٥. في تلك الزيارة تعرف رئيس الوزراء البريطاني على عبدالناصر وزملائه و دعاهم إلى مأدبة عشاء في السفارة البريطانية، التي لم يكن عبدالناصر دخلها من قبل. كان حفل العشاء فاخراً وكان الحاضرون يرتدون ملابس العشاء الرسمية ، أما عبدالناصر وزملائه فقد جاؤوا بملابسهم العسكرية، ربما لخطأ بروتوكولي، مما سبب لهم شيئاً من عدم الإرتياح . واستقبلهم إيدن ورحب بهم، وتجاهل بلباقة كونهم لا يرتدون الملابس المناسبة، ثم فاجأهم بمحادثته معهم باللغة العربية الفصحى مستعرضاً معلوماته في التاريخ و الحضارة الإسلامية، وكانت مواضيع دراسته في اكسفورد. يقال أن عبدالناصر لم يكن مرتاحاً أثناء ذلك العشاء، وقال لزملائه وهم في طريق العودة ”كنا كالتلاميذ أمام أساتذتهم“. وذكر وزير الدولة البريطاني انتوني ناتنج فيما بعد أن إيدن ربما تعمد المبالغة في تلك المناسبة ليظهر بأنه الأقوى والمهيمن.
وبعد عام من ذلك اللقاء شاءت الأقدار أن يواجة الرجلان بعضهما بعضاً مرة أخرى، ليس في حفل عشاء، ولكن على الساحة الدولية وعلى مرأى من العالم كله. وظهر من البداية أن المواجهة ستكون أشبه بمواجهة بين وحش كاسر وفريسته، و لو فتح تجار المراهنات مكاتبهم لراهن الجميع على أن إيدن سيفوز في الجولة الأولى و بالضربة القاضية.
لم يكن تأميم قناة السويس وليد ساعة غضب كما يعتقد الكثيرون، بل كان في خاطر عبدالناصر منذ قبل الثورة، كما كان في خاطر الكثير من الوطنيين المصريين. وكان عبدالناصر قد درس مسبقاً كل الدراسات التي نشرت والمتعلقة بحفر قناة السويس واتفاقياتها والوضع القانوني إزاء إحتمالات تأميمها. كان عبدالناصر ملماً تماماً بكل ما يتعلق بذلك الممر المائي الهام، وذلك واضح من خطاب التأميم الذي استغرق قرابة الثلاث ساعات والذي كان أشبه بمحاضرة مبسطة عن تاريخ مصر الحديث.
وقد فوجىء إيدن بقرار التأمين لكنه لم يكن ملماً بالوضع القانوني للقناة لأنها طبعاً لم تكن شغله ولا شاغله ولا تعيش في وجدانه كما كانت بالنسبة لعبد الناصر. وهذا يفسر ثورته على مساعديه، عندما قدموا له تقريراً عن الموضوع كانت خلاصته أن التأميم كان قانونياً تماماً، قائلاً لهم: ”هذا يليق فقط بسلة القمامة“ وأهمل التقرير تماماً . ومع ذلك أدرك إيدن أن إرسال جنوده لإحتلال القناة سيسبب له متاعب داخلية وخارجية كثيره فاتجه تفكيره إلى الأسلوب الآخر الذي تتقنه بريطانيا وهو التخلص من عبدالناصر عن طريق إغتياله أو زعزعة نظامه. ثم جائته فرنسا بفكرة الاستعانة بإسرائيل لتقوم هي بالعدوان ويقوموا هم باحتلال القناة بحجة تأمينها. وقد أصر بن غوريون في محادثاته السرية في فرنسا مع مندوبي بريطانيا وفرنسا على أن يكون الاتفاق بين الدول الثلاث مكتوباً ، وكان له ما أراد. وهكذا عاد المندوب البريطاني إلى لندن بوثيقة الإتفاق السرية فغضب أيدن قائلاً “هكذا إتفاق كان ينبغي أن يكون شفوياً لا مكتوباً“ وألقى بالوثيقة في الموقد الذي أمامه. وكان ذلك التصرف مستهجناً من رئيس وزراء اشتهر بدقته في العمل والتزامه بالحيثيات. وهذا سر إختفاء تلك الوثيقة السرية الهامة من الملفات البريطانية وبقائها في الملفات الفرنسية والإسرائيلية.
كان عبدالناصر يدرك أهمية التوازنات الدولية بين أميريكا والاتحاد السوفياتي في النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، بل كان قد لمس ذلك مباشرة وتعامل مع تلك التوازنات عندما شارك في تأسيس منظمة دول عدم الإنحياز وكذاك عندما عقد صفقة الأسلحة التشيكية. وكان يدرك أن بريطانيا العظمى أصبحت أقل عظمة في وجود الاتحاد السوفياتي وامريكا. كان يدرك أيضاً أن احتمال التدخل العسكري كان قائماً، خاصة في البداية، ثم يتلاشى الخطر شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت.
وهكذا قامت إسرائيل بمهاجمة مصر وتبعتها الأساطيل البريطانية والفرنسية وأدرك عبد الناصر المؤامرة فوراً وأعلن للناس وللعالم أن الحرب كانت عدواناً مخططاً له و متفق عليه مسبقاً بين الدول الثلاث، وهو ما ثبتت صحته فيما بعد. كان عبد الناصر يدرك، منذ بدأ في التخطيط للتأميم، أنه في حالة الحرب فلا طاقة للجيش المصري، الذي كان لا يزال يتدرب على إستعمال أسلحتة السوفياتية، الوقوف أمام الجيش البريطاني، وهو جيش ذو تاريخ عريق ولم يخسر حرباً واحدة على مدى عدة قرون. ولذلك اعتمد في تخطيطه على المقاومة الشعبية. بل أنه ذهب إلى أبعد من ذلك فوضع خطة لنقل الحكومة كلها إلى الصعيد لإدارة المقاومة الشعبية من هناك، إذا تطلب الأمر. كان عبد الناصر يدرك أهمية أن لا يجعل مصر لقمة سائغة للمعتدين وهذا بحد ذاتة كافٍ لأن يثير الرأي العام البريطاني والعالمي ضد العدوان، وهو بالضبط ما كان.
وكانت مصر من الدول المعدودة خارج المعسكر الشيوعي التي تربطها علاقات صداقة مع الاتحاد السوفياتي، ومن أجل ذلك ثارت ثائرة خروتشوف، الزعيم الجديد للإتحاد السوفياتي، وهدد بريطانيا وفرنسا بإستعمال الأسلحة النووية ضدهما. وكانت تلك هي المرة الأولى والوحيدة التي تذكر فيها الأسلحة النووية في النزاعات الدولية. وهكذا تدهور وضع السلام العالمي مما أثار حفيظة أيزنهاور الذي لم يكن على علم بخطط العدوان، مما اضطره هو ايضاً ليصدر إنذاره للدول المعتدية بأن توقف عملياتها فوراً.
نتج عن حرب السويس أن قناة السويس أصبحت مصرية ١٠٠٪ لأول مرة منذ حفرها، وبناء السد العالي في موعده. وعالمياً كانت أزمة السويس بمثابة الضربة القاضية التي أنهت بريطانيا وفرنسا كأكبر امبراطوريتين استعماريتين، فكانت السويس علامة فارقة في تاريخ هاتين الامبراطوريتين حتى أنه الآن يشار إلى أحداث القرن العشرين بتعبيرات مثل ”ما قبل السويس“ و “ما بعد السويس“. أصبح جمال عبدالناصر أسطورة عالمية ومثلاً يحتذى لأي قائد يطالب بحقوق أمته ووطنه. أما انتوني إيدن فقد سقط و أختفى من الساحة السياسية للأبد، ولم يأخذ معه إلا الخزي والعار، ونفس المصير لحق بالحكومة الفرنسية. وهكذا سلمت مصر و عادت الوحوش الضارية أدراجها مثخنة بجراحها ومضرجة بدمائها.
ظهرت في بريطانيا دراسات عديدة لتفسير أزمة السويس ولماذا فشل أيدن في التعامل معها. ولماذا ظهر كالسياسي الساذج أمام جمال عبدالناصر، رغم كون الأخير من عامة الشعب و حديث العهد في السياسة والدبلوماسية. الدكتور ديفيد أوين، وزير الخارجية الأسبق ومؤسس حزب الاحرار الديمقراطيين، قام بدراسة الملفات الطبية (وهو أصلاً طبيب) لأنتوني إيدن وخرج برأي يقول أن كثرة المسكنات والمنبهات التي كان أيدن يتعاطاها ليلاً ونهاراً بسبب مضاعفات لعملية جراحية أجريت له في اوائل الخمسينات، ربما أثرت على قدراته في إتخاذ قرار صائب. لكن أيدن عاش عشرين سنة بعد السويس فغالباً أن حالته لم تكن بذلك السوء. أما عبدالناصر نفسه، ففي حديث له مع الصحافة الأميركية حدد الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه إيدن قائلاً ” انه كان لا يزال يفكر بالعقلية الاستعمارية القديمة“ . . . أما نحن، فنعتقد أن الزعيم الشاب كان يؤمن بحقوق أمته وحريصاً على تطوير بلاده، ثم أنه تشرّب في سنتين أو ثلاثة من الخبرة السياسية والعلاقات الدولية وإستراتيجية الموازنات أكثر من ما تعلمه إيدن في عشرين سنة، مما جعل من ضربته في السويس حقاً ”ضربة معلم“.
وفي نهاية المقال أريد أن أتعرض لإثنتين من المزاعم التي يحلوا لأعداء عبدالناصر من العرب التشدق بهما:
الأولى هي الإدعاء بأن ”مصر في الواقع هزمت هزيمة منكرة في السويس لكن أبواق عبد الناصر حولتها إلى إنتصار“، ويدلّلون على ذلك بحقيقة الخسائر الطفيفة التي تكبدتها القوات المعتدية قياساً إلى الخسائر المصرية في الأرواح وما لحق من تدمير للمنشئات العسكرية والمطارات و الأحياء السكنية! وهو إدعاء سخيف لأن كل العالم يعرف أن مصر انتصرت في السويس انتصاراً مبهراً، فهل كانت الدنيا كلها تحت تأثير أبواق عبد الناصر؟ وهل لا يزال العالم تحت تأثير أبواقه؟ لا يوجد بريطاني واحد ولا فرنسي واحد ولا أي مثقف أو سياسي في أي مكان في العالم ينكر انتصار مصر. المنتصر في أي حرب هو الطرف الذي يحقق أهدافه من تلك الحرب، بغض النظر عن الخسائر. أزمة السويس كانت بهدف السيطرة على قناة السويس وهو ما فشلت به القوى المعتدية بينما تمكنت من تحقيقه مصر. في الحرب العالمية الثانية كانت خسائر المانيا طفيفة قياساً إلى خسائر روسيا لكن لا يشك أحد في ضخامة الانتصار الروسي، و كذلك لا يشك أحد في هزيمة اميركا في فيتنام رغم أن الخسائر الاميريكية كانت طفيفة قياساً للخسائر الفيتنامية.
الملفت للنظر أن نفس المغرضين لا يشككون مثلاً في إنتصار ١٩٧٣، مع أن خسائر إسرائيل في الأرواح والمعدات كانت أيضاً طفيفة قياساً إلى تضحيات الجيش المصري، الذي كان جيشه الثالث محاصر تماماً عند وقف إطلاق النار. بل إن من يتصفح الانترنت بلغات أجنبية يفاجأ بأن الرأي السائد، و للأسف الشديد، هو أن إسرائيل هي التي انتصرت عسكرياً عام ١٩٧٣، ومن ثم مضت لتحقق أكبر انتصار سياسي منذ تأسيسها بحصولها على إتفاقية كامب ديفيد. حرب ١٩٧٣ كانت هي الحرب المنتظرة التي تم إعادة بناء الجيش من أجلها و كان الهدف منها، كما يعرف الجميع، هو ”إزالة آثار العدوان“، فهل تحقق ذلك الهدف؟.
والنقطة الثانية هي الإدعاء بأن تأميم القناة كان بلا مبرر لأنها كانت على أي حال ستعود لمصر بعد ١٢ سنة. الحقيقة أن الدلائل المتوفرة كانت تشير إلى أن شيئاً من هذا لن يحدث، لكن إذا كان هذا الإدعاء صحيحاً فما هو إذاً لزوم أن تتآمر بريطانيا وتقوم بإرسال أساطيلها لاحتلال القناة في تحد للقوانين الدولية؟ وما لزوم أن تفعل فرنسا نفس الشيء طالما أن القناة ستعود قريباً لمصر على أي حال؟ الكذب والمماطلة ما هما الا أساليب إمبريالية أساسية، والأمثلة كثيرة:
فمثلاً كانت بريطانيا قد تعهدت بمساعدة مصر لبناء السد العالي لكن ذكر إيدن صراحة في مذكراته التي نشرها في الستينات أنه كان لا ينوي الإلتزام بذلك التعهد. ثم نحن نذكر موقف بريطانيا من الصين وقمعها لمظاهرات الطلبه سنة ١٩٨٨. كانت هونج كونج لا تزال مستعمرة بريطانيه وكان مقرراً لها أن تعود للصين سنة ١٩٩٧ لكن خرجت أصوات قوية في مجلس العموم والحكومة تطالب بأن لا تفي بريطانيا بوعدها كنوع من العقاب للحكومة الصينيه. بل حتى هذه الايام لا تزال بريطانيا تتطاول على الصين وتستهتر بسيادتها، فمنذ أسابيع أعلنت بريطانيا عن استيائها من معاملة الحكومة الصينية لسكان مستعمرتها السابقة فقررت أن تمنحهم (وهم ثلاثة ملايين) الجنسية البريطانية في تحد سافر لحكومة الصين وسيادتها وتدخل بشئونها الداخلية . فإذا كان هذا موقف بريطانيا تجاه الصين وهي دولة عظمى فما بالك بموقفها تجاه مصر؟
وعلى أي حال فإن السنين أصدرت حكمها بهذا الشأن، فلو انتظرت مصر حتى سنة ١٩٦٨ لما بني السد العالي إطلاقاً. كان المشروع سيتأجل سنين طويلة بسبب عدوان ١٩٦٧ والمشاكل الاقتصادية التي حاقت بمصر في السبعينات (”ثورة الحرامية“ كما سماها السادات) والعقود التي تلت. ثم ان تكاليف البناء ستكون قد وصلت الى أرقام فلكية لا طاقة لمصر عليها خاصة وأن المشروع كانت ستتكفل بإنشائه شركات أميركية، لا سوفياتية، همها الربح الكبير. كما أنه كان سيكون من الصعب إبرام تلك الاتفاقيات مع دول حوض النيل (والتي أبرمتها مصر عبدالناصر بسهولة في الخمسينات) بسبب التغيير في مواقف تلك الدول، بل ان أغلب الظن أن تلك الدول كانت ستطالب بتعديل مخطط السد ليكون سداً قزماً وأصغر بكثير مما هو عليه الآن وبسعة تخزين بسيطة. بل ربما خرج من الحكومات المصرية من يرفض السد لمجرد أنه يذكر الناس بعبدالناصر ويتشدق بأن الفكرة سخيفة ولا لزوم لها.
الشيء المؤكد أنه لو لم يتم تأميم القناة في وقته لكان تم بناء سد النهضة قبل السد العالي.
لقد أعطى جمال عبدالناصر الكثير لمصر، ومن أجمل ما أعطى كانت قناة السويس والسد العالى. مصر لم تكن أبداً مسيطرة على قناة السويس منذ إنشاء ذلك الممر المائي وشيئاً فشيئاً تلاشت حصتها حتى انعدمت. الذي أعطى القناة لمصر كان هو جمال عبدالناصر وليس ديليسبس. يجدر بالمصريين أن يقيموا على مدخل القناة تمثالاً لعبدالناصر، لا ديليسبس كما تنادي بعض الاصوات الآن. بل يجدر بمصر أن تطلق آسم عبدالناصر على القناة وعلى السد العالي … كما تفعل الأمم التي تفخر بتاريخها.