الصراع على المعابر السورية لإيصال المساعدات

 

أمام حرب التجويع التي تخوضها أمريكا ضد الشعب السوري، استخدمت روسيا والصين يوم الثلاثاء الماضي حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار ينص على تمديد آليّة إيصال المساعدات عبر معبري باب السلامة وباب الهوى على الحدود التركية إلى منطقة شمال سورية الخاضعة للاحتلال التركي لمدّة عام واحد .
وخضع مشروع القرار الذي تقدمت به ألمانيا وبلجيكا، العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن ، لتصويت خطّي. وخلال المفاوضات، طالبت روسيا بتمديد آلية المساعدات لمدّة ستّة أشهر فقط وبأن يتمّ إيصالها عبر نقطة حدودية واحدة حصرا، في مقابل اثنتين حاليا، وفق ما أوضح دبلوماسيّون.أما الأعضاء الـ13 الآخرون في المجلس، فصوتوا لصالح النص الألماني البلجيكي، حسب المصادر نفسها.
وينص القرار على إبقاء نقطتَي الدخول الحاليتين على الحدود التركية السورية في باب السلامة وباب الهوا، ويطلب تمديداً لمدة عام، حتى العاشر من يوليو 2021، لهذه الآلية التي ينتهي مفعولها الجمعة.وتتيح نقطة باب الهوا خصوصا إيصال المساعدات الإنسانية لما بين ثلاثة وأربعة ملايين شخص يعيشون في منطقة إدلب في شمال غرب سورية الخارجة عن سيطرة الدولة الوطنية السورية .
وفي كانون الثاني/يناير2020، خفّضت موسكو، الداعم الأوّل لسورية، عدد نقاط الدخول إلى البلاد من أربع إلى اثنتين، كما خفّضت مدّة التفويض وجعلته لستّة أشهر بدلاً من سنة كما كان معمولا به في السابق.وتقول روسيا والصين إنّ التصريح بإيصال المساعدة عبر الحدود يخرق السيادة السورية وإنّ المساعدات يمكن أن تمرّ عبر السلطات السورية عندما تبسط كامل سيطرتها على البلاد. وكانت الدولتان استخدمتا الفيتو أواخر كانون الأول/ ديسمبر2019 ضدّ مشروع قرار ألماني بلجيكي كان ينص على وجود ثلاث نقاط دخول حدودية لمدة عام. وفاجأ استخدام بكين للفيتو دبلوماسيين، وتحدث بعضهم عن سابقة في هذا الشأن ضد نصّ ذي طابع إنساني.
خلفيات الفيتو الروسي و الصيني
وهذا هو الفيتو الخامس عشر الذي تستخدمه موسكو في الأمم المتحدة منذ اندلاع الحرب في سورية عام 2011.فمن وجهة نظر روسيا والصين يشكل التصريح بإيصال المساعدة عبر الحدود خرقًا للسيادة السورية ،وإنّ المساعدات يجب أن تمرّ عبر السلطات السورية عندما تبسط كامل سيطرتها على البلاد. وكانت الدولتان استخدمتا الفيتو أواخر ديسمبر 2019ضدّ مشروع قرار ألماني بلجيكي كان ينص على وجود ثلاث نقاط دخول حدودية لمدة عام. وفاجأ استخدام بكين للفيتو دبلوماسيين،وتحدث بعضهم عن سابقة في هذا الشأن ضد نصّ ذات طابع إنساني.
يأتي الفيتو الروسي الجديد لممارسة مزيد من الضغط على نظام أردوغان الذي يكرس الاحتلال التركي للشمال السوري،فموسكو أرادت أن توجه رسالة خاصة لأنقرة بأنَّها قادرة عسكريًا وديبلوماسيًا على تهديد المصالح التركية في جوانبها المتعددة العسكرية والاقتصادية والإنسانية،وجعل تكلفة احتلالها لشمال سورية ورعايتها للمنطقة الآمنة بحجة حماية المدنيين مرتفعة،لا سيما في هذه المرحلة والمراحل المقبلة،مع اشتداد العقوبات الأمريكية ضد سورية، واستبدال العملة السورية بالعملة التركية في شمال غربي البلاد،الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع ملحوظ في أسعار السلع الغذائية الأساسية.
لا شك إِنَّ إغلاق معبر السلامة على الحدود التركية سيؤثر بشكل سلبي على مناطق الاحتلال التركي عبرعمليتي “درع الفرات” التي تضم أعزاز والباب وجرابلس وأريافها و”نبع السلام” ،وتضم البلدات بين تل أبيض شمال غرب الرقة ورأس العين شمال غرب الحسكة،وستحدث فجوة كبيرة بين الإغاثة والاحتياجات الإنسانية الضرورية. وسيؤدّي هذا الأمر إلى رفع تكاليف عمليات النقل من باب الهوى إلى ريف حلب الشمالي، ومن ثم إلى شمالي الرقة وبعض مناطق في الحسكة.
كما يأتي الفيتو الروسي أيضًا في سياق رفض موسكو الاعتداء على السيادة السورية،إذ تطالب روسيا باستمرارأن تكون الدولة الوطنية السورية المعترف بها من قبل هيئة الأمم المتحدة،هي البوابة الرسمية لعبور كل المساعدات الأممية إلى كل الأراضي السورية،سواء الخاضعة لسيطرة الدولة أو الخاضعة للإحتلالين التركي والأمريكي في الشمال الغربي والشمال الشرقي لسورية،و اللذين يحتضنان مجموعات إرهابية وقوات سورية الديمقراطية.ولذلك،أصَرَّتْ موسكو على أنْ تُسَلِّمَ كل المساعدات الإنسانية الدولية إلى الحكومة السورية حَصْرًا ،بعد الموافقة المسبقة على دخولها،وموافقتها المسبقة أيضاً على تحديد المعابر التي ستسلم من خلالها المساعدات.
تركيا ومن ورائها أمريكا وباقي الدول الغربية،يريدون كلهم استخدام ورقة المساعدات الإنسانية في المناطق الخاضعة للإحتلال التركي لابتزاز الدولة الوطنية ،كي تقبل بالتسوية السياسية مع المعارضة السورية،وفق الشروط الأمريكية-الصهيونية-التركية.و بالمقابل تريد روسيا من خلال تولي الحكومة السورية أمر المساعدات الأممية ،تخفيف معاناة الشعب السوري،لجهة تخفيض الأسعار وتقليل الواردات، ما يؤدي إلى انخفاض الحاجة إلى العملة الصعبة،وبالتالي تحسين الاقتصاد، ولو بشكل بسيط. وفضلاً عن ذلك،تساهم المساعدات الإغاثية في توفير جزء من القطع الأجنبي.
ترفض الولايات المتحدة الاستجابة للمطالب الروسية،لا سيما بعد دخول “قانون قيصرالأمريكي” حيز التنفيذ،الذي يستهدف خنق الحكومة السورية اقتصاديا وماليا،وتجويع الشعب السوري ،فإدارة ترامب لا تريد أن تتحول الأمم المتحدة إلى منصةٍ لدعم الحكومة السورية اقتصادياً، وتمكينها من التحكم بمصير المساعدات للشمال السوري الخاضع للاحتلال التركي و الأمريكي ، بواسطة قوى معارضة سورية مناهضة للدولة الوطنية.
وتقرُّ الدول الغربية بأنَّ إجازة إدخال المساعدات الأممية عبر الحدود التركية هي انتهاك لسيادة الدولة السورية على أراضيها. لكنهم يعتبرون أنَّه لا بديل ذا مصداقية من هذه الآلية،لأنّها ضرورية بالنسبة إلى ملايين الأشخاص، مسلطين الضوء على العقبات المختلفة التي تضعها الحكومة السورية أمام إيصال المساعدات عندما تمرّ عبر دمشق.
يذكر أنَّ آلية المساعدات الأممية المطبقة منذ العام 2014،لا تتطلّب أي تفويض من جانب الحكومة السورية،وفي العاشر من الشهري الحالي،ينتهي التفويض الحالي الذي تعمل به الآلية، بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2504 الصادر في 11 يناير/ كانون الثاني2020،وذلك بعد تقليص مجلس الأمن الدولي عدد المعابر إلى اثنين هما “باب السلامة” بأعزاز و”باب الهوى” بإدلب.
فشل مشروع القرار الروسي
وتسعى روسيا إلى إيقاف آلية نقل المساعدات الأممية عبر الحدود التركية إلى الشمال السوري، وذلك ما يؤكده حديثها المتجدد عن رغبتها بتقليص عدد النقاط التي تدخل منها المساعدات إلى واحدة فقط، ولمدة نصف عام. وبعد يوم واحد فقط من رفض موسكو وبكين مشروع قرار تقدمت به ألمانيا وبلجيكا لتمديد آلية إيصال المساعدات العابرة للحدود إلى سورية لمدة عام،تقدمت روسيا يوم الثلاثاء الماضيبمشروع قرار إلى مجلس الأمن، ينص على”إعادة ترخيص معبر حدودي واحد فقط ،باب الهوى،لمرور المساعدات الإنسانية لمدة ستة أشهر”.
ورفض مجلس الأمن الدولي،في جلسته يوم الإربعاء 8يوليو/تموز الجاري الأربعاء،مشروع القرار الروسي الخاص بالمساعدات العابرة للحدود إلىسورية،حيث حصل مشروع القرار الروسي علي موافقة 4 دول فقط، مقابل رفض 7 دول، وامتناع 4 أخري عن التصويت.
ويحتاج صدور أي قرار من المجلس موافقة 9 أعضاء علي الأقل من إجمالي أعضاء المجلس لاعتماده من قبل ممثلي الدول الأعضاء بالمجلس، البالغ عددهم 15 دولة، شريطة ألا تعترض عليه أي من الدول الخمس دائمة العضوية، وهي أمريكا وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين.
وطالب مشروع القرار من أمين عام الأمم المتحدة،أنطونيو غوتيريش تقديم تقرير بحلول نهاية آب/ أغسطس عن “الأثر المباشر وغير المباشر للتدابير القسرية الانفرادية على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية علي سوريا”،وهذه إشارة إلى العقوبات المفروضة على سورية.
وقال رئيس مجلس الأمن، السفير الألماني كريستوف هويسجن، الذي تتولي بلاده الرئاسة الدورية لأعمال المجلس، إنَّ بلاده وبلجيكا صوتتا ضد مشروع القرار،لأنَّه “لم يستوف المتطلبات الأساسية التي طلبتها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية على الأرض في سورية.
وفي بداية شهر يوليو/ تموز الجاري ، عقد الاجتماع الدولي الرابع للمانحين الدوليين في بركسيل،تحت عنوان “مؤتمر دعم مستقبل سورية والمنطقة”، في ظل ظروف استثنائية يعيشها السوريون الذين وصلوا إلى درجات غير مسبوقة من الفقر والعوز، بعد 9 سنوات من الحرب، وبعد أيام من بدء تطبيق “قانون قيصر الأمريكي” في 17 يونيو/ حزيران الماضي، لتزداد التساؤلات حول إمكان أن تؤدي الأوضاع القائمة والعقوبات الأمريكية إلى دفع الدولة الوطنية السورية للقبول بحل سياسي حقيقي، في ظل تشديد دولي على اغتنام الفرصة لدفع أطراف النزاع إلى الانخراط في مفاوضات سياسية.
نتائج قمة بوتين وأردوغان وروحاني الثلاثية
وجاء المؤتمرالدولي للمانحين قبل يوم واحد من مباحثات عبر الفيديو جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيريه التركي رجب طيب أردوغان،والإيراني حسن روحاني،وأشار البيان الختامي،إلى أنَّ الزعماء الثلاثة تناولوا خلال القمة الوضع الحالي في سورية، واستعرضوا التطورات التي حدثت بعد اجتماعهم الأخيرفي أنقرة يوم 16 أيلول/ سبتمبر 2019 ،وجَدَّدُوا التزامهم بزيادة التنسيق الثلاثي على ضوء اتفاقاتهم.
ولفت البيان إلى أنَّ الزعماء أكَّدُوا على أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتزامهم القوي بسيادة سورية واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها.وفي هذا السياق،شدَّدَ القادة على رفضهم أي محاولة لخلق أمر واقع جديد على الأرض تحت ستار مكافحة الإرهاب في سورية، بما في ذلك مبادرات الحكم الذاتي غير الشرعية.
وأعربوا عن تصميمهم على التصدي للخطط الانفصالية التي من شأنها الإضرار بالأمن القومي للدول المجاورة وكذلك سيادة سورية وسلامتها الإقليمية. وبحثوا خلال القمة الوضع في شمال شرق سورية حيث أكدوا على أنه لا يمكن تحقيق الأمن والاستقرار في هذه المنطقة إلا على أساس احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها، واتفق القادة على تنسيق جهودهم في هذا الاتجاه.
وعبّروا عن معارضتهم عملية الاستيلاء على عائدات النفط، التي يجب أن تكون مملوكة لسورية، ونقلها بشكل غير قانوني.وأكَّدُوا على ضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية وفقًا للقانون الإنساني الدولي.  وشدَّدوا على عزمهم مواصلة التعاون بهدف القضاء على جميع الأفراد والجماعات والكيانات المرتبطة بـ “جبهة النصرة والقاعدة و داعش”،والجماعات الأخرى التي حددها مجلس الأمن الدولي على أنَّها إرهابية.وتمت خلال القمة مراجعة الوضع بمنطقة خفض التوتر في إدلب بشكل مفصل، حيث تم التأكيد على ضرورة ضمان التهدئة في الميدان من خلال تنفيذ جميع بنود الاتفاقات المتعلقة بإدلب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى