الخطاب الغوغائي المضلل، اللبواني مثالاً !!!

 
للمرة الثانية هذا العام شاركت ليلة أمس في حلقة الاتجاه المعاكس حول جائحة كورونا ومع نفس الضيف…
وللمرة الثانية استمعت لكم هائل من المغالطات والتضليل والمعلومات التلفيقية التي اضطررت معها هذه المرة لإيقاف الطرف الآخر الذي أضاع الحلقة الماضية بتاريخ 31/03/2020 بحديث مطول عن بطولاته ضد نظام الرئيس الأسد، وهذه لي وقفة معها لاحقاً…
مما لا شك فيه أن الخطاب الشعبوي الغوغائي له محبيه ومريديه ويدغدغ عواطف الكثيرين، وليس أتباع ترامب عنا ببعيد…
وأتباع هذا الخطاب يعيبون على سبيل المثال أني أتسلح بالأدلة والحقائق والمعلومات والإحصاءات والأبحاث وكأنها عيب، على اعتبار أني مؤمن بها وآخذها كما هي رغم أنها من مصادر غربية ومؤسسات دولية تتآمر علينا جميعاً!
هؤلاء أنفسهم هم الذين يعيشون على تشخيص الغرب وتلك المؤسسات ويتداوون بأدويتهم، ويلقحون أبناءهم بلقاحاتهم، ومع ذلك يرفضون ما يصدر عنهم، وهو أمر ملازم لأتباع النهج الشعبوي الغوغائي…
هذا الخطاب الذي لا يستند على حجة أو دليل أو منطق بل هو سرد مسترسل وحديث وكأنه حقائق يُخلط فيه الحابل بالنابل على طريقة سمك لبن تمر هندي، وربما إلى هنا لا مشكلة، فلكل رأيه حتى وإن كان شاذاً…
لكن ورد في مقال للبواني في 23/03/2020 تحت عنوان “كورونا، جنون وأكاذيب، وحكومات ترهب شعوبها لتسرقهم” وكذلك في حلقتي الاتجاه المعاكس مغالطات من الصعب تجاوزها، بل ودعوات تصل حد الجريمة، وادعاءات باطلة تعاكس المثبت طبياً وعلمياً
سأحاول هنا سرد بعضها على أمل أن يراجع بعض أصحاب النهج الفوضوي مواقفهم مما يُطرح ويُقال ويتلقفونه كما هو…
طبياً وعلمياً:
سرد اللبواني بعضاً – وليس كل -من الأمور المنافية تماماً لكل دارس للطب ولكل ما أثبتته الأبحاث العلمية، وعذري هنا أنه لم يُمارس الطب منذ سنوات طويلة، على سبيل المثال لا الحصر:
1. التحريض على عدم ارتداء الكمامات والواقيات البلاستيكية – واعتبار من يفعلون ذلك بلهاء!
2. عدم تجنب الاختلاط وعيادة المرضى لزيادة المناعة والذهاب للأعمال والمدارس والمساجد، لأن “الحالة عادية والدنيا طبلة تهز ولا تقع”، ولا تكونوا ك”القطيع”
3. التشجيع على التدخين واعتباره وقاية من الفيروسات
4. عدم استخدام خافضات الحرارة وبالمطلق
5. وقف أدوية مرض السكر
6. الدعوة لعدم استخدام المعقمات والمطهرات المعروفة
7. الادعاء بأن المرض يستمر 10 أيام أسوأها الرابع للسادس
8. الادعاء أن الاصابة تولد مناعة تامة 5 سنوات وجزئية لفترة أطول
9. الادعاء بأنه لا احصائيات عن إصابات الكادر الطبي لأنها غير موجودة
10. اعتبار أن الوباء انفلونزا قوية
11. الحديث أن لا أبحاث ولا علاجات يجري التحقق منها
12. الادعاء بأن البحث عن لقاح يثبت نظرية مناعة القطيع، وهو العكس تماماً فالمناعة تكتسب عبر الإصابة المباشرة أو عبر اللقاحات كما هو الحال مع مرض الحصبة على سبيل المثال
13. القول بأن 50% من سكان السويد أصيبوا بكورونا بينما الإحصاءات تتحدث عن 3.7% فقط بعد 6 أشهر من بداية الجائحة، وهو ما يجري على بقية دول العالم
قد يمكن فهم أن يصدر ذلك عن أي شخص آخر، لكن أن يصف شخص ما نفسه بأنه طبيب ثم يسرد ما سبق فهي كارثة بكب معنى الكلمة…
هذه وصفة للقتل الجماعي يحرض ويدعو لها منافياً كل المثبت علمياً ومعارضاً التوجيهات والارشادات وسبل الوقاية والعلاج…
هي جريمة مهنية وأخلاقية وخرق للقوانين وتحريض على الفوضى ونشر الوباء ومخالفة للعقل والمنطق والشرع
هل يتحمل اللبواني وزر أي شخص يصاب وربما يتوفى لأنه استمع لما يقول من تضليل علمي وطبي؟ تماماً كأتباع ترامب الذين شربوا المعقمات بعد سماعهم دعوة ترامب لذلك؟
السباحة عكس التيار ليست شطارة عندما تكون عبثاً بأرواح الناس…
هذا أمر خطير أن يصدر عن طبيب ولو كان ما زال يُمارس المهنة لوجب التبليغ عنه لنقابة الأطباء وإيقافه فوراً عن العمل، لكنه ليس كذلك
اقتصادياً:
1. الادعاء بأن أوروبا طبعت مليارات من الدولارات لتقوية اقتصادها خلال الجائحة بلا غطاء، لم يعط دليلاً واحداً أو مصدراً لادعائه
2. القول بأن شركات مثل ميكروسوفت وغوغل وأمازون كانت على وشك الإفلاس لذلك تتآمر اليوم، بينما هذه الشركات كانت تحقق أرباحاً لا متناهية قبل الجائحة، المعلومة مضللة تماماً
3. الإصرار أن الاقتصاد السويدي لم يتأثر، وهذا منافي تماماً لكل ما صدر من مراكز اقتصادية معتمدة
4. الاعتماد على روايات البنوك العشرة التي تتحكم بالعالم دون أن يأتي بمصدر أو اسم واحد
أخلاقياً:
1. قام اللبواني بشطب كبار السن (السبعيني وما فوق) واعتبار أنهم ميتون إن لم يكن اليوم فغداً وأن أخذهم للمستشفيات عيب، وبالتالي لا يجب الوقوف عند أعداد وفياتهم
2. كذلك طالب بشطب ثلث العمالة العالمية لأنها بطالة مقنعة ولا حاجة لها
3. أصر أن الأطباء هم جزء من عملية الافقار وأنهم يغتنون بسبب الجائحة، رغم أن المرضى بكورونا لا يراجعون الأطباء في عيادات خاصة بل في المستشفيات مباشرة، وهو ادعاء أقل ما يقال عنه أنه غير أخلاقي ناهيك أنه كذب بواح
4. رفض كل سند علمي مهما كان وكل إحصائية مهما كانت، بل واعتبار أن العلماء والباحثين والأطباء “حمير” و”أغبياء” لأنهم لا يعرفون الحساب
شخصياً:
أخذ علي البعض الحدة في التعامل مع الطرف الآخر معتبرين أني هاجمته شخصياً، وهذا غير صحيح…
لم أتهجم عليه لشخصه في الحلقة لكني شككت بما يقول في صلب الموضوع وتهكمت عندما اعتبر نفسه الفاهم الوحيد في العالم دوناً عن كل علماء الأرض…
حاول اللبواني الظهور بمظهر الحامي والمحافظ على الحريات وحقوق الانسان، وأضاع جل حلقة 31/3/2020 للحديث عن نفسه وتجربته في سجون الأسد، وهو ما حاول فعله مرة أخرى في حلقة ليلة الأمس واضطررت لوقفه حتى لا يحيد عن الموضوع…
لكن هنا سأسمح لنفسي بتوضيح أشياء بسيطة أعرفها وأعلمها ولم أتعرض لها في الحلقات حفاظاً على الموضوع وللبقاء في دائرة الحقائق والأدلة والابتعاد عن الشخصنة:
• اللبواني اليوم ليس طبيباً ممارساً وابتعد تماماً عن كل جديد في مجال الطب لأسباب منها أنه لا يتعامل مع مرضى وأيضاً لعدم قدرته على متابعة ما يستجد لعائق لغوي
• من المعروف أن من يترك ممارسة الطب لفترة من الزمن يصبح خارج التغطية تماماً، ويصبح حديثه تاريخياً من الماضي بعيداً تماماً عن الطب الحديث
• اللبواني الذي لم يترك مناسبة للحديث عن الحريات وحقوق الانسان، ويظهر نفسه أنه معارض عتيد للنظام السوري، لكنه لم يجد طريقاً لتلك المعارضة إلا من بوابة تل أبيب التي زارها عام 2014 وحضر هناك مؤتمراً أمنياً، ليخرج مدافعاً عن “إسرائيل” وعلى القنوات الإسرائيلية أكثر من مرة، وليكون بدلاً من نصرة قضية الشعب السوري طعن الشعب السوري بزيارة من يحمون نظام الأسد
• اللبواني اليوم منبوذ سورياً بسبب مواقفه الصادمة، وما تكرار حديثه عن معاناته في سجون الأسد إلا محاولة لإثبات وطنية فقدها
ما كنت لأتطرق لتلك الأمور لولا أن البعض يظن عكس ما سبق، ولأن معرفة خلفيات من يتحدث بخطاب غوغائي فوضوي ضرورية ليعرف المتابع الأسباب والخلفيات، وحتى لا يقع فريسة لهذا الخطاب المدمر
ورغم كل ما سبق أعلم يقيناً أن من هواه يميل لهذا الخطاب سيجد الأعذار والمبررات ويستمر في اعتبار الكلام المرسل كلاماً مقنعاً…
واعتبار من يستشهد بالأبحاث والأدلة تابعاً للغرب، رغم أنهم جميعاً كما ذكرت يتنفسون من الغرب والمؤسسات الغربية طبياً…
بكل وضوح لا أحاول أن أقنع من قرر مسبقاً أن الجميع على خطأ أفراداً ودولاً ومؤسسات علمية وبحثية، ومن يعتبر كل صيحة عليه…
ولا أحاول أن أغير من مواقف من يتربص ويعتبر العلم سبة والدليل عار والسند عيب والحجة منقصة…
ومن يعتبر من يتمسك بعقله وعلمه جاهلاً، ومن يتحدث بلا دليل ولا سند مقنعاً…
لنتذكر أن أغلب الناس يميلون مع الهوى…
مهما أقام عليهم الناس البينة…
وهو ما نقرأه في قرآننا الكريم بعد كل إشارة لأكثر الناس…
فأكثر الناس لا يعقلون، لا يفقهون، لا يعلمون للحق كارهون
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى