السعودية ومحاولات الخروج من مأزق حرب اليمن

بعد ما يزيد عن خمس سنوات على تكوينها لقوات ” التحالف العربي ” وبدء حربها على اليمن تحت مسمى ” عاصفة الحزم “، فشلت المملكة العربية السعودية وحلفاؤها العرب في القضاء على الحوثيين وتحقيق نصر في عدة أسابيع كما توقع ولي عهدها ووزير دفاعها، واستمرت المعارك التي ألحقت ضررا بالغا باقتصادها وجيشها ومدنها وقراها في مناطق حدودها الجنوبية، وأثرت سلبا على مكانتها عربيا وإسلاميا ودوليا، ووجدت نفسها في مأزق خطير لا تستطيع الخروج منه بسهولة كما تتمنى الآن.
المملكة العربية السعودية التي تنفق 53.3 مليون دولار يوميا على تلك الحرب، وتعاني من هجمات اليمنيين على مدنها وقراها ومنشآتها النفطية، ومن ضائقة اقتصادية بسبب انخفاض أسعار النفط وتداعيات وباء كورونا، ترغب بمغادرة اليمن بأي ثمن، لكنها لا تملك سوى ثلاث اختيارات: أولها الاعتراف بالهزيمة والانسحاب خاوية الوفاض، وهذا ما يرفضه الأمير محمد بن سلمان لأن ذلك يضعف موقفه، ويؤدي إلى تقوية الأمراء المعارضين له، وقد يمكنهم من الإطاحة به وحرمانه من الوصول إلى العرش؛ وثانيها يتمثل في إجراء محادثات مع الحوثيين والتوصل إلى حل سلمي للنزاع؛ لكن ذلك من الصعب جدا تحقيقه لأنه يعني استمرار الحوثيين المدعومين إيرانيا في السلطة، ولأن حلفاء المملكة العرب والأمريكيين يرفضونه؛ وثالثها يتمثل في تقسيم اليمن إلى شمالي وجنوبي، وربما إلى عدة دويلات تحوله لمركز عدم استقرار في المنطقة، وخاصة للسعودية التي تمتد حدودها الجنوبية معه إلى 1800 كم، ويصبح تهديدا للتجارة الدولية والممرات المائية الحرة الهامة في باب المندب.
حكام السعودية ارتكبوا خطأ استراتيجيا فادحا بتدخلهم المباشر وغير المباشر في اليمن منذ نجاح ثورة عبد الله السلال ورفاقه في إقامة النظام الجمهوري عام 1962، وبالتآمر عليه واعتباره تهديدا استراتيجيا لأمن واستقرار مملكتهم، وزادوا الوضع سوأ بشن ” عاصفة حزمهم” التي أدمته ودمرت بنيته التحتية المتهالكة وزادت شعبه فقرا وبؤسا؛ كان من الأفضل لهم ولمملكتهم أن لا يتدخلوا في مشاكله الداخلية، ويتعاملوا معه كدولة شقيقة جارة، ويحافظوا على علاقات حسنة مميزة مع قادته وشعبه، ويدعموه سياسيا وماليا ليتمكن من بناء دولة موحدة قوية مزدهرة تحمي استقراره، وتضمن لهم الأمن في مناطقهم الحدودية معه، وتكون عونا لهم في مواجهة أعدائهم وأعداء الأمة العربية.
هذه الحرب الظالمة التي أدمت ودمرت اليمن سيكون لها تداعيات خطيرة على الوطن العربي، وخاصة على أمن ومستقبل السعودية ودول الخليج الأخرى، وسينتفع منها أعداء السعودية الذين يخططون لتقسيمها إلى دويلات وتفكيك الوطن العربي والهيمنة عليه؛ لكن الشعب اليمني الذي صمد بإمكانياته المحدودة سيهزم جيوش دول ” عاصفة الحزم”، وسينتصر ويساهم في تغيير وتطوير عالمنا العربي!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى