أزمة الدولة والنظام الأمريكي ونبوءة مسلسل “النهاية “

 

 
يوم 31\5\2020 غرد الأمريكي ترامب عبر حسابه على توتير , ليعلن أن الحكومة الأمريكية قررت تصنيف جماعة “أنتيفا” المناهضة للفاشية كمنظمة إرهابية- حركة محتجين يسارية مسلحة مناهضة للفاشية تبرز أثناء الصراعات السياسية سواء في الإنترنت أو في الأماكن العامة-
ويأتي هذا القرار بعد أن اجتاحت العديد من المدن الأمريكية مظاهرات صاخبة وإشعال حرائق فى بعض مراكز الشرطة والعديد من المنشات الحيوية , فى أعقاب قيام شرطي امريكى أبيض بتوقيف شخص امريكى أسود من أصول افريقية , وقام بالارتكاز على رقبته مما أدى الى اختناقه ووفاته وسط الفرجة من باقي زملائه من الشرطة .
الحالة ليست الأولى وإنما هو سيناريو متكرر من عنصرية المؤسسات الحاكمة الأمريكية , وميراثها ضد الإنسانية المتجذر فى العنصرية منذ قيام الولايات المتحدة الأمريكية بإبادة الهنود الحمر سكان أمريكا الأصليين على يد العنصريين البيض المهاجرين من أوروبا الغربية الى الآن , عبر مراحل تجلت فى احتلال دول عسكريا واقتصاديا وتدمير بناها التحتية وتهجير شعوبها , الى وقائع مارس فيها رجال المخابرات الأمريكية أقذر أنواع البلطجة والتصفيات الجسدية والاغتيالات , ولا زال دم الثائر ” تشي جيفارا” يجرى فى دماء عروق كل الثوار حتى تأتى لحظة القصاص من عصابات المخابرات الأمريكية , ولا زالت شوارع بغداد وجدران سجن “أبو غريب” يسيل عليها دماء شعبنا العراقي , وانتهاك أدميتهم وهو ما يوجب على كل الشرفاء الثأر من العنصريين ومافيا ال C I A, وحتى اللحظة الآنية تشهد على أعداء الإنسانية العنصريين من القوات الأمريكية وهم يتلذذون فى سادية مفرطة وعلى وهج النار التى أشعلوها فى ألاف الهكتارات من القمح المحصود فى ريف حلب بسوريا، أملين أن يتضور جوعاً شعبنا السوري فيرضخ
أو يموت ,وعلى الحالتين يتعالى سُعار سادية العنصريين فى مؤسسات المافيا التى تحكم أمريكا .
السادية أُم العنصرية والاثنين نتاج الماسونية التى هى قلب الصهيونية , واللوبي الصهيوني هو أُم المؤسسة التى تحكم العصابات الأمريكية , شياطين تشعل النار فى كل مكان , وقد حانت اللحظة التى تمسك بتلابيبها النار التى أشعلتها , فصارت الدولة والنظام الأمريكي مدعاة لانهيار عصابات المافيا الأمريكية .
مابين التنبوء وماديات العلم -التى تُبني على مقدمات وفرضيات وتحليلات وأبحاث تستخلص منها النتائج- بحار وأنهار ومسافات مابين السماء والأرض , إيمان لايتزعزع بالعلم , لكن النبوءة هذه المرة غالبتني ,وأنا أساير منطق مسلسل الخيال العلمي المصري ” النهاية” مع أولى حلقاته فى رمضان حيث تتلاشي دولة الكيان الصهيوني، ومن قبل تزول الولايات المتحدة الأمريكية ,فَلِمَ لا؟ وهى جرثومة تتغذي وتنضج وتكبر وتحاول أن تستخرج هيكل سليمان من تحت أنقاض الأقصى لتتنامي دولتها العنصرية من النيل الى الفرات , من أحشاء الجسم الأمريكي , فحين يزول الجسد الذي تتغذى منه الجرثومة الصهيونية بالتأكيد فأنها تزول معه.
عمرو سمير حافظ مؤلف مسلسل ” النهاية” المصري تنبأ قلمه، كما صاغتها دراما الحلقة الأولى من المسلسل “بزوال إسرائيل بعد تفكك الولايات المتحدة “، في مشهد يشرح فيه مُعلم لتلامذته عن “حرب تحرير القدس” التي “انتهت بسرعة وتسببت في تدمير دولة إسرائيل، بعد أقل من 100 عام على قيامها، وهروب معظم اليهود في إسرائيل وعودتهم إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا, مع نهاية حلقات المسلسل , كانت كورونا تمسك بتلابيب المجتمع الأمريكي وتسجل الجائحة أعلى معدلاتها فى العالم ببلاد العم سام , لكن كان المجتمع الأمريكي ينذر بشر مستطير , تطاير الشرر الى مدن عديدة أمريكية وأنضجت العنصرية المتجذرة نُذر الانهيار بحرب أهلية أمريكية جديدة قد تقضى على الأخضر واليابس، وقد تمتد الى مفاعلات نووية , ومخازن الصواريخ والقنابل الذرية , فغطاء المساواة والعدالة وحقوق الإنسان قد أنكشف وتعري , فالقوى الحاكمة الأمريكية والتي تمثلها عائلات روكفلر وروتشيلد واللوبى الصهيوني قد أسفروا عن وجههم العنصري القبيح حين أتوا بالممثل الفاشل السمسار”ترامب”فصارت العنصرية تتجسد كما لم تتجسد من قبل فى المجتمع الأمريكي , لكن الأهم من العنصرية هو العدالة المفتقدة فى النظام الأمريكي القضائي , هذا النظام الوهمي فى عدالته , المصنع منذ قيام أمريكا والمتجافى مع العدل بمفهومه النصي والروحي , بمفهومه القانوني والأجتماعى , فالمجتمع الأمريكي مازال منحازا للأبيض , والمنظومة القضائية فى أمريكا والتي تقوم على نظام باهت لا يتطور وكأنه وليد العصور الوسطى وهو “نظام المحلفين”- نظام مبرمج لتبرئة الأبيض , والإيقاع بالأسود فى سلاسل العقوبة -, والمحلفين نظام لايمت للعدالة بصلة ,فقوامه أثنا عشر شخصا يتم اختيارهم عشوائيا من جداول السكان في المدينة التي وقعت فيها الجريمة.. وعليهم وحدهم أن يقرروا إذا كان المتهم مذنبا أم غير مذنب… ولا يملك القاضي مخالفه رأيهم.. فيكون دوره هو فقط قبول الادلة المقدمة للمحاكمة او رفضها.. دون أن يملك سلطة في تقرير أدانه المتهم من عدمه..فإذا كان المتهم ابيض فبالتأكيد هو غير مذنب عند هيئه المحلفين لان غالبيه الأعضاء من البيض.. وإذا كان اسود فهو مذنب بالتأكيد .
الصراع العنصري الأمريكي بين السود والبيض سيؤدي حتما الى حرب أهلية لن يدرك أثارها أحد، حيث تخلو الساحة ممن يقود الصراع سليما , كما فعل الزعيم الزنجي مارتن لوثر كينج من اجل إنهاء التفرقة العنصرية ضد الزنوج فى أمريكا سلمياً ,لكنه راح ضحية العنصرية حين قُتِل على يد رجل ابيض , وبالتالي فأن إشعال نار العنصرية التى تنذر بحرب أهلية أمريكية جديدة لن تجد من يطفئها , فمقتل الزعيم “كينج” مازال ماثلا فى الأذهان يعبر عن عنصرية متجذرة فى سيكولوجية الأمريكي العنصري الأبيض .
تقارير منظمة مراقبة الشرطة الأمريكية فى واشنطن تشير إلى أن المنظمة تستقبل فى اليوم من 8 إلى 10 حالات تعذيب من الشرطة الأمريكية تجاه مواطنين سود، سواء كانوا مجرمين أو مشتبه بهم.
وكذلك تفيد هذه التقارير بوجود تمييز عنصري داخل السجون الأمريكية، حيث يصل عدد المسجونين بسبب العرق إلى أكثر من 60% من إجمالى المسجونين داخل الولايات المتحدة، كما أن هناك من يقبع داخل السجون دون تهم أو محاكمة مسبقة.
ويتجلى تراث العنصرية من خلال تعرض الأميركيين من أصل أفريقي للعنصرية في مختلف مناحي الحياة مثل المدرسة والجامعة، وعند التقدم للوظائف والترقية فى العمل، وعند محاولة استئجار، أو شراء مسكن، وعند الذهاب إلى الطبيب، أو العيادة الصحية وعند محاولة التصويت،
ومنذ بداية عام 2018 وحتى أكتوبر من نفس العام بلغ عدد القتلى من الأميركيين من أصل أفريقي على يد الشرطة بـ 158 شخصاً.
أذن أزمة النظام والدولة الأمريكية تتصاعد , ونبوءة مسلسل “النهاية” المصري تكاد تتحقق، وهناك أبعاد لهذه الأزمة تتجلى حاليا ومع اجتياح فيروس كورونا وكذلك اجتياح مظاهرات العنف والحرائق التي قام بها الزنوج في أمريكا والمتعاطفون معهم من اثنيات أخرى أو من البيض , يمكن أن نبرزها فيما يلي :
1- أظهرت جائحة كورونا تدنى النظام الصحي الأجتماعى والأقتصادى في مواجهتها , بل أن آثارها سوف تمتد حتى إلى ما بعد كورونا , ليصير النظام الأمريكي متدنيا بعد أن كان يتفرد بالعالم , خاصة وأن الصين بعد كورونا ستصير شأنا آخر قد يقلم أظافر الجسد الأمريكي المنهك .
2-العجز الأقتصادى الأمريكي والركود الأقتصادى سيرفع معدلات البطالة إلى نسب عالية تفوق ماهي عليه الآن.
3- تحلل النظام السياسي الأمريكي , بل أن النظام القضائي , سيكون مدعاة لانهيار هيكل النظام .
4- المهرج “ترامب” بانسحابه من كثير من المنظمات الدولية , ومؤخراً التهديد بعدم دفع حصة أمريكا المالية لمنظمة الصحة العالمية , وكأنه يسير بأميركا إلى خلف العالم , بعد أن كانت فيما مضى تقود.
وأخيراً في (مينيابوليس),انطلقت جائحة الحرب الأهلية تواكب جائحة كورونا , لتضخ كل صيحات الغضب على النظام العنصري الأمريكي , ليتطاير شرر الحرائق وأعمال العنف فى أكثر من ثلاثين مدينة أمريكية ,تكشف وجه الحكم الأمريكي المتخفي خلف نظام قضائي يتاجر بالعدالة التى أقامها من أجل ترسيخ العنصرية ضد السود , فصار الرعب يحاصر ساكن البيت الأبيض خوفاً من أن يرتقى درجاته يوسف الشريف وأبطال مسلسل النهاية فتصير النبوءة حقيقة وتنهى الحرب الأهلية الأمريكية الدولة والنظام الأمريكي من الوجود، وتبعا نهاية جرثومته “إسرائيل.

المخابرات الأمريكية أمرت بإغلاق البيت الأبيض فى واشنطن، وقوي الأمن نفذت , فهل هذا الأجراء كفيل؟
نتمنى أن ينحسر جواسيس النظام الأمريكي الصهيوني ,خاصة العرب منهم، وأن تجبر الشعوب العربية النظام الرسمي العربي على أن يفك القيد الحديدي الأميركي .

*كاتب ومحامى – مصرى

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى