معذرةً يا صحبتي، لم تثمر الأشجار هذا العامْ
فجئتكم بأردأ الطّعامْ
ولستُ باخلاً، وإنما فقيرةٌ خزائني
مقفرة حقول حنطتي
معذرة يا صحبتي، فالضّوء خافتٌ شحيحْ
والشمعة الوحيدة، التى وجدتُها بجيب معطفي،
أشعلتُها لكم
لكنها قديمة معروفة،لهيبها دموع
معذرة يا صحبتي، قلب حزينْ
من أين آتى بالكلام الفرِحْ؟
من حيث انتهى شاعرنا الكبير صلاح عبد الصبور…أبدأ..أنا محمود الكومى المحامى..وأترك لقب الكاتب .. بعيداُ فى علو الآن .
بسرعة البرق لملم مافيا الفساد أذنابه وأعاد شبكة تواصله واتصاله , فكل قضية ,يعوزها الدليل , ولو قدمتها النيابة مبتورة(بفعل جهات أدارية ونقابية دربت ) من مادياتها فسوف تبدو أمام المحاكم والعدم سواء ,وحتى تلك التى سيثُبت مجافاتها للواقع والقانون وطبائع الأشياء , ستطرح أمام دوائر تتوارى أمام الحرج , فيخرج الفساد من أوسع الأبواب ’ ثم ينبعث ينخر كالسوس من جديد فى أرجاء النقابة العامة والفرعيات, أشرس , لتقتل الروح الثورية فى المحامين ,وتستنطقه :أليس فيما مضى من فساد كان أخف من عًهر الآن , وهو منطق يؤدى الى قبول الأمر الواقع حيث تغييره لما هو آت (أسود) جدير بخراب الديار, فشقلبوا تعريف الثورة رأسا على عقب من علم تغيير المجتمع تقدمياً (للأحسن),إلى تغيير المجتمع رجعياً (للأسوأ) بما يؤدى الى خراب الديار.
بدت انتخابات نقابة المحامين ,كما كل انتخابات جرت فى الوطن ، انتخابات تنتهك حرمة الديمقراطية التى تعتبر الصندوق أخر مراحلها من آليات تسبقه آليات أخرى تزيل الجهل والفقر والمرض وتؤدى للعدالة الاجتماعية , لكنهم يدركون أن من لا يملك قوت يومه لا يملك صوته الأنتخابى , لذا فمافيا الانتخابات , رفعوا شعار المال السياسي سواء من جيوبهم إن كانوا غير أعضاء، والتلويح بما فى خزينة النقابة أن كانوا أعضاء لشراء الأصوات.. تربيطات هنا وهناك وقوائم تشكل تنتهك حرمة الانتخابات وتقضى على الكفاءات , وتشوه الوطنين , ومن ينكرون الذات , ويقدرون على رفع راية الحق فى نقابة الحقوقيين .
وتَشَكَل مجلس النقابة نقيبا وأعضاء,أشد وأنكي من سابقه ,تعبيراً عن أرادة النظام ومافيا رجال الأعمال.
منذ كامب ديفيد , حين حل السادات نقابة المحامين لمعارضتها الصلح مع إسرائيل ,وتعين مجلس نقابة حكومي ثار التساؤل: كيف نقضى على قلعة الحريات فى شكل نقابة تبدو خدمية , فى ثوب الانتهازية ؟وقد كان!! وكيف يمكن أن يشكل مجلس نقابة يستجدى الحكومة ,ويكون أداه ليفقد اتحاد المحامين العرب استقلاليته ودورة فى النضال ضد إسرائيل ؟ وقد كان .
آليات أتبعت من وراء الكواليس , وآليات كانت تلوك بها الألسنة فى كل مكان فتدنت نقابة المحامين الي الدرك الأسفل ,ولعل أبرزها الحرب التى دارت وسال فيها بعض الدماء على عتبات نقابة المحامين فى قلب القاهرة بشارع رمسيس, بين النقيب أحمد الخواجة ومجلسة من جهة، والدكتور عصفور وأحمدناصر من جهة أخرى , فكان الانهيار , والخنوع للسلطات وفقدان الاستقلال .
والأدهى أن ذلك ينطبق بالتمام على مجلس النقابة الأخوانى ونقيبة الهلامي الأقرب الي حزب السلطان , فكان مقصوداً أن تندثر المحاماة بما حشده تنظيم الأخوان من محامين يعملون سائقين ونقاشين وأصحاب سوبر ماركات .
وعلى أثر ذلك تشكلت مواصفات من هو القادر على الترشيح بل ومن سيفوز نقيبا و أعضاء سواء فى النقابات الفرعية أم فى النقابة الأم .
كان آخر الرواد وأعظمهم الأستاذ \ نبيل الهلالي، قديس الحريات والمدافع الأول عن حرية الوطن وحريات الأفراد وكان ضيفا على المعتقلات , وحين كان يطرح أسمة فى عهود سبقت,للترشيح لعضوية نقابة المحامين كانت تجمع عليه كل الاتجاهات , فى أخر مره قبل وفاته جاء الي قاعة المحامين بمحكمة دمنهور الابتدائية يعرض برنامجه الأنتخابى المحترم والواعي,والكاشف لكل الأفاعي , فأعد له تنظيم الأخوان عصابته , وبرز نقيب المحامين السلطوي( وهو عضو الآن فى النقابة العامة) يناغى العصابة الأخوانية من اجل أصواتهم ,وتصدوا للأستاذ نبيل شيخ المحاماة الجليل , الضعيف البنية , قوى الشكيمة فارس النضال والحريات , وكادوا يفتكون به, لولا أنى ذدت عنه بكل قواي متحملا بعض السباب واللكمات , وسط فرجة ووجوم من جَمع المحامين , كان مع الفارس النبيل الأستاذان عبدالعظيم المغربي ووجيه عباس – وعلى ما أتذكر أنهم كانوا يكونون فريقا واحدا له برنامج للإنقاذ , خرج الأستاذ نبيل محاطا بنا , وقد بدا علية التأثر , لكنه قالها :هذه نهاية المحاماة , وأكد على انه قد صار الآن بينه وبين نقابة المحامين حائط سد , خاصة بعد أن صنعوا للمحامين أرواباً ذات جيوب فى أنتهاك صارخ لحصانة روب المحاماة الخالي من الجيوب , ومات الرجل بعيداً عن النقابة ,متلأ لأ فى ساحات المحاكم ومغرداً فى كل قضايا الرأي والحريات ناعياً المحاماة مخلداً المحامى النبيل .
فى 15\3\2020 جرت انتخابات نقابة المحامين المصريين، ولم يحالف الحظ النقيب السابق لان المفسدين على قائمته ومن يوشون بالشرفاء كانوا السبب الرئيس فى هذا السقوط , لكنهم فى غالبيتهم مروا – بفعل استثنائي وقد تحالفوا مع قائمة النقيب الحالي ضد النقيب السابق – وفازت القائمتان بعضوية النقابة ومعهما النقيب الحالي .. وهذا درس للجميع (من يستعين بالشيطان الرجيم يكتوي بمازج من ناره).
فيما بدا صراع الكراسي المنحط الذي أعاد الفرقة بين القائمتين , وأشعل نارها ,محاولة قائمة النقيب الحالي وشخص النقيب التشفي من النقيب السابق , وتصيد فساد الجهاز الأدارى وأعضاء من مجلس النقابة وهو ما بدا مخالفا لاتفاق الانتخابات .
حتى قرار تنقية الجداول وقد كان مطلبا طالما ناضلنا من أجله وقد تحقق بفعل النقيب السابق ,إلا أنه فتح المجال لعبث البعض من الأعضاء مع الجهاز الأدارى فى قيد مخالف للشروط , وكانت الفيزا , التى أدت الي ثراء فاحش للبعض , فيما بدت الطامة الكبرى , التى قد تعصف باتحاد المحامين العرب مرور أحدهم بما عرف عن تاريخه ضد النزاهة وقيم العروبة معا الي الأمانة العامة للإتحاد.
قدم النقيب السابق فرائض الولاء والطاعة على استحياء , وحفاظاً على ماء الوجه كانت الخطب التى تتاجر بالنضال.
لكن النقيب الحالي صريح فى تأييد كامب ديفيد وسعودية تيران وصنافير والعداء لـ 25يناير .
ومازال الصراع محتدما الي الآن فى أعرق النقابات بالوطن العربي ,صراع لم يقض على الحريات فقط , وإنما على المحامى الذي مازال يحتفظ يروب المحاماة الخالي من الجيوب – صراع بين نقيب ونقيب !!
فهل من رائد ينهى هذا الصراع ؟
رجع الصدى يعيد لى كلمات الرائد والمحامى الجليل، قديس الحريات أحمد نبيل الهلالى .. أنتهى عصر الرواد .
كاتب ومحامى – مصرى
البريد الإلكتروني: nasse66@yahoo.com