سلوكيات عوجاء بحاجه الى تقويم

 

 
لا يوجد بلد ينشد التطور والتقدم مالم يتم تعليم وتثقيف مواطنه على السلوك الايجابي تجاه نفسه وتجاه المجتمع الذي يعيش فيه، فالثقافة ليست ترفا حضاريا ثانويا بل هي ضرورة انسانية، وهي اسلوب حياة قوامه السلوك الايجابي والممارسة الواعية والملتزمة بقضايا وهموم الامة والشعب والمجتمع.
والازمات والمحن خير مختبر لبيان مدى التزام الناس بالواجبات والمسؤوليات الملقاه على كواهلهم – فيروس الكورونا يكشف لنا مدى ثقافة المواطن من خلال سلوكياته في الشارع والسوق والتعامل مع الاخرين، وتطبيق معايير السلامة العامة تجاه نفسه ومجتمعه .
قيض لي ان اخرج من صومعتي واعتكافي القسري الذي بدأ من صباح يوم 18-3-2020 عندما اعلنت الحكومة عن تعطيل الدوام في كافة المؤسسات العامة والخاصة وايقاف النشاطات الاجتماعية والثقافية التي يتطلب فيها وجود التجمهر وحشود المواطنين . وانا العبد الفقير الى الله اعتبر نفسي مواطنا ملتزما ومطيعا في تنفيذ التعليمات ودفع الضرائب والفواتير المستحقة عليّ في وقتها دون تسويف او تأخير، فهذه ابسط متطلبات المواطنة الصالحة في نظري .
خلال تجوالي في السوق القريب من سكني حيث التعليمات الصادرة من الحكومة تنص على كل مواطن ان يقوم بجلب الحاجيات الضرورية له ولاسرته من خلال الذهاب راجلا ( يعني استخدام باص نمرة 11 ) لكن الغريب ان الحكومة تصدر تعليمات عبر الاثير المرئي والمسموع وعبر شبكات التواصل الاجتماعي ولكن دون وجود الية واضحة لمراقبة تنفيذ هذه التعليمات، فمن خلال تقييم لمشهد اليوم وجدت ان اكثر من70% من مرتادي السوق حضروا بسياراتهم دون التقيد بالتعليمات الصادرة، وكنت انا وقلة قليلة من سكان الحي ممن يسيرون على ارجلهم والناس تنظر الينا باستغراب.
كنا نرتدي الكفوف والكمامات وفي جيوبنا زجاجات هيجين للتعقيم، بينها الناس يدخلون للمحلات بدون كمامات ولا كفوف وبعضهم يدخن وغير مبالٍ بصحة الاخرين .
التعليمات الوقائية التي تصدر عن الجهات الرسمية ممتازه من الناحية النظرية ولكن المأساة في تنفيذها والرقابة على عمليات التنفيذ . لم اجد شخصا مسؤولا من جهة ما ينبه الاخرين من اصحاب المحلات الى ضرورة ان يكون المتعامل معه ملتزما بتعليمات السلامة والصحة العامة .. بل اكتشفت ان -الهم الاوحد – لاصحاب المصالح التجارية الان هو جمع المصاري والفلوس من المواطن باي طريقة، ومن اي شخص دون اخذ جانب السلامة الصحية بعين الاعتبار .
المسؤولية المجتمعية تتطلب تظافر كل الجهود ، فالمواطن علية ان لايستهتر بهذا الوباء الخطير لان الوضع لازال يشكل خطرا على الانسان والمجتمع معا، لهذا تقع على اجهزة الرقابة التنفيذية من بلديات وصحة وضابطة عدلية جميعا مسؤولية اجراء الجولات الصباحية والمسائية وخلال ساعات ما قبل رفع حضر التجوال و تنفيذ القانون على الجميع وبدون تراخٍ او تسويف . والمواطن الذي لايلتزم بالتعليمات الرسمية – القانون كفيل بمعاقبته .
هناك اناس لا ينفع معهم الكلام اللين واللطيف فهم بحاجة الى شدة وغلظة حتى لو لازم الامر الى تغليظ العقوبة والسجن والغرامة معا، فالذي لاتردعه الكلمة اللينة فالعقاب المادي والمعنوي هو الكفيل بردعه واعادته الى جادة الصواب، وهذه طبيعة بعض الافراد الذين لديهم ازمات بنيوية واخلاقية وتربوية ويعتبرون التمرد على القانون هو نوع من البطولة والشجاعة ، والعكس هو الصحيح بل من وجهة نظري الشخصية هي وقاحة وقلة ادب وقلة تربية وقلة جدية و قلة الشعور بالمسؤولية، فالقانون والعقوبات المادية والمعنوية كفيله بتقويم السلوكيات المعوجة – يقول الشاعرجميل صدقي الزهاوي :
اذا تساهل شعب      مشى اليه الشتات
للناس في العفو موت   وفي القصاص حياة 
شكرا لكل مسؤول وكل فرد وكل مواطن في بلدنا يضحي بوقته وجهده وعرقه ودمه و يعمل في مجاله من اجل الحد من اخطار هذه الجائحة الخطيرة والتي اصبحت تهدد البلاد والعباد والانسانية جمعاء … وتبا لكل شخص او فرد يستهتر بالقانون وغير مبالٍ بشروط السلامة الوقائية العامة في البلاد ويعرض نفسه و ارواح الناس الى التهلكة والضرر الكبير .
قيل في الماضي – درهم وقاية خير من قنطار علاج – والعلاج من دون التفكير في الوقاية عبء لا يمكن تحمله، والواجب قانون بحد ذاته لايقبل اي مخالفة، وتقويم السلوكيات المعوجة للافراد في مثل هذه الازمات وبالتأشير عليها من خلال الكلمة الصادقة والمنتمية هي الوطنية الحقيقية بحد ذاتها وهي اضعف الايمان .

البريد الإلكتروني: [email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى