هذه اسباب الاهمية العالية للنوم.. وطرق الوقاية من الارق

نحن بحاجة للنوم، وبطريقة ما نحن مبرمجون للتأكد من الحصول عليه، يستدعي الجسد النوم بطريقتين من خلال تعزيز المستويات المتداولة من الناقل العصبي أدينوزين ومن خلال إرسال إشارات من الساعة البيولوجية التي تتحكم في إيقاعات الجسم اليومية، يعملان هذان النظامان جنبا إلى جنب في تحديد وقت وقت نوم مثالي.
الأدينوزين هو نتاج ثانوي لطاقة الخلايا المنصرفة، تنتج الخلايا الطاقة والتي تجعلنا نتحرك طوال اليوم، يطلق الأدينوزين في مجرى الدم ويصل إلى المستقبلات في الدماغ وفي المنطقة التي تتحكم باليقظة (قاعدة الدماغ الأمامية) وفي تلك المنطقة يتصرف مثل زر الإضاءة التدريجي للكثير من العمليات المتعلقة باليقظة مثل الانتباه، والذاكرة، وردود الفعل إلى المحفزات الجسدية. وكلما ارتفعت مستويات الأدينوزين في الدماغ زاد شعورنا بالنعاس (يجعلنا الكافيين مستيقظين لمدة أطول عن طريق حجب مستقبلات الأدينوزين في الدماغ). عندما ننام فإن احتياجنا إلى الطاقة يقل وتنخفض مستويات تداول الأدينوزين. وبعد نوم جيد في الليل تصبح مستويات الأدينوزين في أدنى حالتها ونكون بذلك مستيقظين أكثر.
تنظم الساعة البيولوجية كل الوظائف الجسدية وليس فقط نمط النوم والاستيقاظ خلال دورة الـ٢٤ ساعة بل حتى التقلبات في درجة حرارة الجسم، وضغط الدم، ومستويات الإنزيمات الهضمية والهرمونات المختلفة. أغلبنا نشعر بالنعاس الشديد ما بين ١٢ صباحا وحتى ٦ صباحا ومرة أخرى بين الساعة ٢ مساء و٤ مساء. وبطبيعة الحال يختلف كل شخص عن الآخر، فبعض الأشخاص يصبحون مستعدين للنوم في الساعة التاسعة أو العاشرة مساء ويستيقظون في الخامسة صباحا، في حين أن بعضهم لا ينام حتى بعد منتصف الليل ويفضل الاستيقاظ في الظهيرة.
نصائح لتجنب الحرمان من النوم:
• أنشئ ملاذًا هادئًا للنوم والاسترخاء وبعض الأنشطة المريحة مثل القراءة الممتعه والتأمل. يفضل أن يكون الملاذ ذو درجة حرارة باردة نوعًا ما، أبعد التلفاز، والحاسب، وهاتفك المحمول أو أي ملهيات أخرى عن تلك المساحة.
• لا تأخذ قيلولة إلا إذا كان الأمر يستدعي ذلك، الأشخاص الذين يحبون السهر وأولئك الذين يعملون في نوبات ليلية هم على الأرجح أكثر عرضة للحرمان من النوم، أن تأخذ قيلولة لساعة أو ساعتين في ذروة تعبك في العصر قد يساعد ذلك في التعويض عن ساعات النوم المهدرة، ولكن من الممكن أن تتدخل القيلولة بنظام نومك وتحدث الفوضى.
• تجنب شرب القهوة أو أي منبهات بعد الظهر.
• داوم على التمارين ولكن ليس قبل وقت النوم بثلاث ساعات على الأقل.
• اذا استطعت أن تحظى بنومٍ كاف ولكن لا تشعر بالنشاط صباحًا ناقش المشكلة مع طبيبك، هناك عدة حالات مرضية شائعة مثل الإكتئاب وإلى انقطاع النفس أثناء النوم إحداها قد يكون مسؤولًا عن ذلك، وإذا شعرت بصعوبة متزايدة ولا تستطيع الحصول على النوم الكافي ولكن السبب ليس طبيًا بإمكانك استشارة إحدى المراكز المتخصصة بعلاج مشاكل النوم.
لماذا نحن بحاجة للنوم؟
بالرغم من أن النوم لا يتساوى مع الطعام والماء في الاحتياج الجسدي إلا أنه لا يمكن العيش بدونه. وبسبب الضوابط الأخلاقية فإن التجارب على العنصر الإنساني محدودة، فالعلماء لا يملكون دليلًا واضحًا يبين ماذا يحدث لجسم الإنسان إذا بقي مستيقظًا أكثر من عدة أيام. ولكن باستخدام فئران التجارب وضح الأمر أكثر، إذا حرمت تلك الفئران من النوم لفترات طويلة فبعد أسبوع أو أسبوعين النتائج قد تتضمن ضعف الوظيفة المناعية والموت بسبب الإلتهابات.
تابع باحثون في جامعة شيكاغو مجموعة من الطلاب المتطوعين في دراسة تعد هامة جدًا في موضوع حرمان الإنسان من النوم، أولئك المتطوعين ناموا فقط أربع ساعات لمدة ستة أيام متتالية. ظهر عندهم ارتفاع في ضغط الدم ومستويات هرمون الإجهاد (الكورتيزول)، وأنتجت أجسامهم نصف العدد المعتاد من الأجسام المضادة للقاح الإنفلونزا، وأظهرت أيضًا علامات على مقاومة الإنسولين (وهي الحالة التي تسبب مرض السكري من النوع الثاني وتباطؤ في عملية الأيض) كل تلك التغييرات إنعكست عندما عوض الطلاب ساعات نومهم المفقودة.
ساعد بحث جامعة شيكاغو على توضيح لماذا الحرمان من النوم المزمن قد يزيد من خطر الإصابة بالسمنة وأمراض القلب والسكتة الدماغية ومرض السكري.
تؤثر قلة النوم على العقل كما تؤثر على الجسم كما أظهرت دراسة أجريت في جامعة بنسلفانيا وكلية هارفارد الطبية؛ أُجريت على أربع وثمانين من الرجال والنساء الأصحاء من عمر ٢١ إلى ٣٨، كانت معدلات نومهم الطبيعي من سبع إلى ثمان ساعات في الليل. قاموا بتوزيع ثلاث أرباع المتطوعين عشوائيًا إلى ثلاث مجموعات مختلفة ستنام إما ثمان أو ست أو أربع ساعات ليلًا، ووافقت المجموعة الرابعة على البقاء مستيقظين لثلاثة أيام، وبعد كل ساعتين أثناء فترات اليقظة قام جميع المتطوعين بإكمال استبيانات تقييم النعاس وأجروا اختبارات لردة الفعل والذاكرة والإدراك المعرفي.
طيلة أُسبوعين بقيت ردات الفعل في المجموعة التي نامت لثمان ساعات ليلًا كما هي، ونتائج اختباراتهم في ما يتعلق بالذاكرة والإدراك المعرفي ارتفعت بشكل ثابت، بالمقابل كانت نتائج الذين ناموا لأربع وست ساعات قريبة من نتائج المجموعة الرابعة اللذين انخفضت نتائجهم خلال الثلاث أيام التي لم يناموا فيها. أظهرت النتائج بعد أسبوعين أنه بالنسبة للمستوى الإدراكي في المجموعة التي نام أصحابها لمدة أربع ساعات لم يكونوا بحالٍ أفضل من تلك المجموعة التي لم ينم أصحابها اليوم الأول وكانت نتائج اختبارات الذاكرة وردات الفعل متساوية مع تلك المجموعة بعد الليلة الثانية. وأظهرت نتائج المجموعة التي نام أصحابها لست ساعات أداء جيد في الإدراك المعرفي ولكن قل أدائهم بالنسبة لاختبار الذاكرة وردت الفعل وقاربت نتائجهم نتائج المجموعة التي لم تنم الليلة الأولى.
وفي غضون ذلك، فشلت كلا المجموعتين التي نام أصحابها لست ساعات والتي نام أصحابها لأربع ساعات على تحديد درجة نعاسهم، وفي نهاية الدراسة كان تقييمهم الذاتي لدرجة النعاس متساوية، وحتى مع استمرار انخفاض نتائج أدائهم.
هيكل دورة النوم
وثق العلماء الآثار الموهنة الناجمة عن الحرمان من النوم بشكل جيد، ولكنهم ما زالوا يجهلون الكثير عن كيفية تحقيق النوم لأعماله الإصلاحية. حيث اُستخدم تخطيط موجات الدماغ (EEG) في أولى الدراسات التي أجريت على النوم لتتبع موجات دماغ المتطوعين النائمين وكشفت قراءاته عن عدة مراحل مختلفة من النوم تتميز بأنماط مختلفة من موجات الدماغ وأتاحت هذه المعلومات للباحثين ربط نشاط الدماغ بالعمليات الفسيولوجية الأخرى وحاليًا أْعدت مختبرات النوم لتقييم معدل ضربات القلب وضغط الدم ومستويات الأوكسجين والتنفس وحركة العين وتوتر العضلات وحركة الأطراف.
وتشير الدراسات إلى وجود نوعين من النوم، يختلفان من حيث نشاط الدماغ ووجود أو غياب حركة العين السريعة، ففي النوع الثاني من النوم، تصبح موجات الدماغ أبطأ وأكثر تزامنًا، وتكون العينان ثابتتين. بينما أثناء نوم حركة العين السريعة (REM)، تكون موجات الدماغ أسرع وأقل تنظيمًا، وتتحرك العينين جيئة وذهابا تحت الجفن.
وعندما نقع في مرحلة نوم اللا ريم (non-REM) فنحن نمر بأربع مراحل والتي تتمثل في الانتقال ما بين النوم الخفيف إلى النوم العميق، وتتميز المرحلة الأولى بموجات سريعة نسبيًا، فنحن في هذه المرحلة على شفا النوم ويقظين، وبحلول المرحلة الرابعة أو ما يسمى بـالنوم ذو الموجات البطيئة بالنسبة للعالم نحن نعد ميتين حيث يتباطأ التنفس بصورة ملحوظة وينخفض ضغط الدم ومعدل ضربات القلب بنسبة تصل إلى ٣٠٪، ويصبح الدماغ أقل استجابة للمحفزات الخارجية مما يصعب عملية الاستيقاظ. وعلى الرغم من أن معظم أجهزة البدن على «وضع السكون» في هذه المرحلة، إلا أن بعضها تعد أكثر انتاجية فعلى سبيل المثال في مرحلة مبكرة من المرحلة الرابعة تفرز الغدة النخامية هرمون النمو الذي يحفز نمو الأنسجة وإصلاحها.
حيث يمهد نوم الريم (REM) الطريق للأحلام فتذهب أعيننا جيئة وذهابًا ولكن عضلاتنا الهيكلية أو ما تعرف بالعضلات المخططة خدرة وربما يعود ذلك لمنعنا من التحرك على أرض الواقع. كما أن نوم الريم (REM) يغذي الإدراك المعرفي وحل المشكلات، حيث أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين يتعلمون مهارة بدنية جديدة سيتحسن أداؤهم بين ليلة وضحاها ولكن فقط طالما يحصلون على قسط كاف من نوم الريم (REM).
يتكون النوم الطبيعي من أربع أو خمس دورات من نوم الريم (REM) واللا ريم (non-REM) تصاحبها فترات وجيزة من اليقظة، ويحدث معظم نوم المرحلة الرابعة خلال أول ساعتين إلى ثلاث ساعات من النوم، ويحتل نوم الريم (حركة العين السريعة) حصة متزايدة من النوم مع اقتراب الصباح.
رسمنا دورات النوم على ما يسمى بـ الهيبنوغرام وهو من أنواع تخطيط النوم «Polysomnography» ويعد رسمًا بيانيًا لمراحل النوم (انظر إلى الشكل أدناه) ولأن الهيبنوغرام يبدو مثل ناطحات السحاب ولذلك سميت أنماط النوم التي سجلت بـ«هندسة النوم» مشبهين أنماط النوم بالمعالم الحديثة لأن النوم يتغير مع الوقت. وفي سن العشرين يكون متوسط النوم ٧.٥ ساعة في الليلة مع حوالي ٩٠ دقيقة من نوم الريم والنوم العميق ونستيقظ بصورة متقطعة حوالي ١٨ دقيقة. وبحلول الوقت الذي نبلغ فيه ٦٠ عامًا، ننام فقط ٦.٢ ساعة في الليلة حيث ينخفض نوم الريم (حركة العين السريعة) إلى حوالي ٧٥ دقيقة والنوم العميق إلى أقل من ٤٠ وفي ليلة عادية نستيقظ في المتوسط لمدة ٤٤ دقيقة. ومع ذلك، فإننا لا نتجاوز حاجتنا للنوم ولكنه يصعب علينا الحصول عليه.
مواجهة آثار فقدان النوم
غالبًا ما تجد النساء صعوبة في تعويض النوم المفقود أثناء رعاية الرضع والتوفيق بين الأسرة والوظيفة، والتغلب على اضطرابات سن اليأس وحتى أولئك الذين حالفهم الحظ في الوصول إلى منتصف العمر مرتاحين قد يجدون أنفسهم ينزلقون تدريجيًا ويبدؤون بفقدان النوم بعد سن الستين.
كثيرًا ما نقول أو نصنف النوم بمثابة الدلال أو الترف ولكن عوضًا عن ذلك يجب أن ندرك أن النوم الكافي لا يعد أقل أهمية للمحافظة على الصحة فتعادل أهميته أهمية النظام الغذائي وممارسة الرياضة وتحقيقًا لهذه الغاية، تقدم المشورة التالية:
• سارع بسداد الديون قصيرة الأجل. فإذا فاتتك ١٠ ساعات من النوم على مدار الأسبوع، أضف ثلاث إلى أربع ساعات من النوم الإضافية في عطلة نهاية الأسبوع وإضافة ساعة أو ساعتين كل ليلة في الأسبوع التالي حتى تقوم بسداد الدين بالكامل.
• سدد الديون طويلة الأجل. إذا كنت لم تنم جيدًا لعقود من الزمن، فلن يُطلب منك بذل جهد شبيه بـ ريب فان وينكل لسداد ساعات النوم المفقود. ومع ذلك، قد يستغرق الأمر بضعة أسابيع لاسترداد خسائرك. ولذلك خطط لقضاء إجازة مع جدول زمني خفيف والتزامات قليلة – وليس جولة سريعة في متاحف أوروبا أو حفل زفاف ابنة. ثم، قم بإغلاق المنبه ونام كل ليلة حتى تستيقظ بشكل طبيعي. في البداية، قد تنام ١٢ ساعة أو أكثر في الليل ؛ ولكن بحلول النهاية، ستحصل على السداد الذي تحتاجه بانتظام لاستيقاظ منتعش.
• تجنب العودة إلى ديون جديدة. فبمجرد تحديد مقدار النوم الذي تحتاجه ضَعْهُ في جدولك اليومي. وحاول الذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت كل يوم؛ على الأقل في أيام الأسبوع. وإذا لزم الأمر، استخدم عطلات نهاية الأسبوع لتعويض الدين. ولا تنسَ اتباع القواعد الحقيقية المجربة الموضحة أعلاه، في «نصائح لتجنب الحرمان من النوم».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى