الشدائد محك الاخلاق.. كورونا يكشف بعض القبائح العنصرية في العالم/ فيديو

“إذا كان عمر الشخص بين 80 و 95 عاما ويعاني من ضيق تنفسي شديد، فمن غير المحتمل أن يحصل على العلاج، إنها كلمات بالغة الصعوبة، لكنها للأسف حقيقة. لسنا في وضع يسمح لنا بتجربة المعجزات”.

هذا التصريح الصادم، الصادر عن “كريستيان سالارولي”، رئيس وحدة الرعاية المركزة في أحد المستشفات الإيطالية، كان يعني بوضوح أن إيطاليا قررت ترك المصابين بفيروس “كورونا” من كبار السن لمواجهة مصيرهم، وتركيز جهودها على محاولة إنقاذ المرضى من الشباب في ظل عجز أنظمة الرعاية الصحية عن استيعاب الجميع.

وزاد الأمر تمييزا، بتوجيه الكلية الإيطالية للتخدير والتسكين والإنعاش والرعاية المركزة، توصيات بعدم قبول المرضى على أساس أسبقية الحضور، والتركيز على المرضى الذين لديهم فرصة أكبر للتعافي.

وتبرر تلك السياسة الانتقائية، ارتفاع معدلات الوفيات بين كبار السن، والعثور على عشرات الموتى في أسرتهم داخل دور المسنين في أوروبا، بعد فرار أغلب العاملين فيها، ضمن أحد فصول العنصرية والأنانية التي تجتاح العالم مع ظهور أزمة الوباء.

حقل تجارب

وعادت مع أزمة تفشي “كورونا” نغمة التمييز بين البيض والسود، بعد مطالبة عالمين فرنسيين، باعتبار إفريقيا حقل تجارب لاختبار لقاح ضد الفيروس.

وقال رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى كوشين في باريس “جان بول ميرا”، خلال برنامج تلفزيوني على قناة “ل سي اي” الفرنسية: “إذا كنت أستطيع أن أكون استفزازيا، ألا ينبغي لنا أن نقوم بهذه الدراسة في أفريقيا، حيث لا توجد أقنعة، ولا علاجات، ولا إنعاش؟ كما هو الحال في بعض الدراسات على الإيدز. في المومسات، نجرب الأشياء لأننا نعرف أنهن مكشوفات للغاية ولا يحمين أنفسهن”.

ووافق رئيس الأبحاث في مجموعة إنسيرم للأبحاث الصحية، الدكتور “كميل لوشت”، على الفكرة، مضيفا أنه يجرى بالفعل دراسة فى إفريقيا “باستخدام نفس النهج”.

ووصف المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور “تيدروس أدهانوم غيبريسوس”، تعليقات العالمين الفرنسيين بأنها “عنصرية”، وقال إن اقتراحهما أظهر “مخلفات من عقلية استعمارية”.

تجارب على المساجين

بالمثل، أثارت الممثلة السعودية “مرام عبدالعزيز”، موجة واسعة من الجدل، بعد مطالبتها بتجربة علاج “كورونا” على المساجين بدلا من الفئران.

وقالت “عبدالعزيز” على “تويتر”: “لو كان الأمر بيدي كان كل اللي يتم القبض عليهم خاصةً في قضايا تمس الأمن ما أسجنهم بس وأخسر عليهم أكل وشرب وتأهيل. كنت خليتهم حقل تجارب للأدوية الجديدة حتى لو ما كانت النتائج مضمونة منها عقاب لهم ومنها تستفيد منهم البلد. هم أولى بالتجارب من الفئران والقرود اللي ما أذتنا بشيء”.

وأضافت: “الناس اللي تقول ليه ما تقدمين نفسك لإجراء تجارب الأدوية واللقاحات، أولاً أنا من زمان مقدمة على التبرع بالخلايا الجذعية، وأيضاً متبرعة بكل أعضائي بعد الوفاة، أما بخصوص التجارب السريرية فهي تتطلب أشخاصًا أصحاء متعافين وهالشيء ما ينطبق عليّ، تطمنوا ماني من اللي يقولون ما لا يفعلون”.

استهداف الأسيويين

ومن الأفارقة والسجناء، إلى الآسيويين، تسبب “كورونا” في تصاعد وتيرة العنصرية في مدارس بريطانيا، ضد معلمي اللغة الصينية بشكل خاص، والمعلمين من أصول آسيوية بشكل عام.

وقالت نقابة المعلمين في بريطانيا، في بيان، إنها تلقت العديد من البلاغات تفيد بتعرض أعضاء لها إلى سوء المعاملة والتحامل والكراهية والتي زادت بشكل كبير منذ تفشي الفيروس في البلاد.

وتنتشر في بلدان أوروبية ظاهرة جديدة تعرف بـ”الكورونوفوبيا”، كمصطلح يجسد حالة الخوف، من كل ذوي الملامح الأسيوية، والتي تصل إلى حد العنصرية.

ونشر طالب صيني، يدرس في الجامعة اللبنانية، مقطع فيديو، يشكو خلاله من تعرضه لممارسات عنصرية في الشارع اللبناني، بعد انتشار فيروس كورونا المستجد، وكيف أن الأمر وصل إلى حد شتمه، وملاحقته.

 

وفي إيطاليا تعرضت العشرات من المتاجر الصينية للتخريب، وقاطع العملاء في بلدان عدة، شراء أية أجهزة صينية، خشية انتقال العدوى عبر استخدامها.

وفي فيتنام، علقت دور ضيافة على أبوابها لافتات تقول إن الضيوف الصينيين غير مرحب بهم، بينما دعت حملات إلى مقاطعة مطاعم الأكلات الصينية في الولايات المتحدة، وأوروبا.

ونشرت صحيفة دانماركية كاريكاتيراً صورت فيه العلم الصيني الأحمر وهو مرصع بالفيروسات بدلاً من النجوم.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة واسعة من السخرية والتهكم على الطعام الصيني في جميع أنحاء العالم.

معاقبة الموتي

أما في مصر، فقد ظهر وجه جديد للكراهية والعنصرية بحق مصابي وضحايا فيروس “كورونا”، تمثل في قيام أهالي قريتين بمحافظة الدقهلية (شمال القاهرة)، بمنع دفن طبيبة توفيت بالفيروس، خوفا من العدوى.

واضطرت الشرطة لإطلاق الغاز المسيل للدموع على عشرات من أهالي قرية “شبرا البهو”، حتى تتمكن وزارة الصحة من دفن الطبيبة “سونيا عبدالعظيم” (65 عاما)، والتي توفيت إثر إصابتها بالفيروس، الذي انتقل إليها من ابنتها العائدة من أسكتلندا.

وقبل هذه الواقعة بأيام، تضاعفت مأساة أسرة فقدت عائلها موتا بالفيروس، إثر رفض جمعية دفن الموتى، نقل الضحية، ما اضطر أسرته إلى حمله في سيارة “ربع نقل” بمحافظة بورسعيد (شمال شرق مصر).

مكائد الإخوان في مصر

وفي مصر أيضا، سارع النظام المصري إلى اتهام جماعة “الإخوان” التي أطيح بها من الحكم عبر انقلاب عسكري منتصف 2013، إلى اتهام عناصرها بنشر الفيروس حول العالم.

وزعم وزير الأوقاف المصري “محمد مختار جمعة”، 10 مارس/آذار الماضي، أن الجماعة دعت عناصرها المصابة بـ”كورونا” لنشره بين رجال الجيش والشرطة والقضاء والإعلام وغيرهم من أبناء المجتمع الأبرياء.

وعلى المنوال ذاته، اتهمت وزارة “الداخلية” المصرية، في بيان رسمي، جماعة الإخوان المسلمين بتحريض بعض أهالي قرية “شبرا البهو” بمحافظة الدقهلية على التظاهر بهدف التصدي لدفن سيدة توفيت جراء فيروس “كورونا” المستجد.

وأضافت أنها ضبطت 23 من المشاركين في هذه المظاهرة، مشيرة إلى أن هذا التحرك جاء استجابة لـ”الشائعات ودعوات التحريض التي تروج لها اللجان الإلكترونية لجماعة الإخوان الإرهابية، بدعوى منع انتشار المرض”.

طرد العمالة

وضمن حزم الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي فيروس “كورونا”، لجأت دول خليجية إلى التخلص من آلاف العمال الوافدين إليها.

وأقرت دولة الإمارات قانونا يتيح للشركات التنكيل بالعاملين الوافدين، بما يشمل منحهم إجازة إجبارية دون أجر أو تخفيض أجورهم بشكل مؤقت وصولًا إلى تخفيض أجورهم بشكل دائم.

وفي السياق ذاته، شنت الفنانة الكويتية “حياة الفهد” هجوما عنصريا ضد العمالة في دولة الكويت، وطالبت الحكومة بترحيل الوافدين والمصابين بفيروس “كورونا” من غير الكويتيين إلى بلادهم.

وقالت “الفهد”، خلال مداخلة هاتفية عبر تليفزيون الكويت: “احنا ملينا خلاص، وما عندنا مستشفيات.. البلاد خربانة من تجار الإقامات، كل الملفات اللي بالشؤون لابد تقف ويجب تسفير العمالة الزائدة إلى دولهم، فالكويت لا يتحمل هذا العدد”.
جرائم طعن

وصلت موجهات الكراهية والعنصرية التي أثارها تفشي كورونا حد الاعتداءات البدنية، كما حدث عند تعرض ثلاثة أفراد من عائلة أمريكية آسيوية – من بينهم طفل يبلغ عامين وآخر ست سنوات- للطعن.

وأكد المتهم أنه طعن الأسرة لأنه اعتقد أنها صينية الأصل، وتنقل عدوى فيروس “كورونا” للناس.

وحذر مكتب التحقيقات الفيدرالي، من زيادة جرائم الكراهية ضد الأمريكيين الآسيويين، مشيرا إلى أن التغريدات العنصرية المعادية للصين زادت بنسبة 900%.

إسرائيل حاضرة

ولم يغب الاحتلال الإسرائيلي عن المشهد العنصري تجاه مصابي “كورونا”، حيث جرى إهمال المواطنين العرب من ناحية الوقاية والعلاج، رغم وجود الطواقم الطبية العربية في الصف الأمامي في مكافحة العدوى داخل المستشفيات الإسرائيلية.

وأظهرت كاميرات المراقبة بشوارع الضفة الغربية، قيام جنود إسرائيليين بتعمد الاحتكاك ولمس السيارات الفلسطينية وأبواب المنازل، بطريقة توحي بوجود نية لنشر الفيروس، مع تأكيد الجيش إصابة العشرات من جنوده بالوباء.

كذلك أعلن وزير الحرب الإسرائيلي “نفتالي بينيت”، اشتراطه تقديم أي مساعدات طبية وإنسانية لقطاع غزة لمواجهة أزمة “كورونا” بإطلاق سراح الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى الحركة.

وربما يحمل “كورونا” مستقبلا مشاهد أخرى للتنمر والتمييز والكراهية والعنصرية، مع تفشي “الكورونوفوبيا” في جميع أنحاء العالم.

المصدر | الخليج الجديد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى