الجالسون على رصيف الوطن … وهم كُثر !!

الوطن الذي اتحدث عنه هو يمثل قطعة من جسدي وعقلي ونفسي وروحي ،والجالسون على رصيفه هم خيرة الخيرة الذين ساهموا بقدر من – الجهد والعرق والعمر والدم – في بناء مداميكه الاولى ، شاهدوه وهو يكبر رويدا رويدا واستظلوا جميعا تحت سارية علمه وزادوا العلم قوة الى قوته في الحركة والخفقان .

كفاءة وقامات كبيرة وفي كل المجالات الحيوية والحياتية قصفت اعمار بعضهم ظلما او حسدا او غيرة او مزاجا ، وهي في اوج سلم عطائها ، فهولاء لم ينافقوا للمسؤول ولم يوافقوا على طلبات بعضهم ، فآثروا ان يفارقوا الموقع على مضض – بعضهم هاجر الى الخارج تحت ضغوط الحاجة ومتطلبات الاسرة الكبيرة ،وبعضهم آثر البقاء والصمود والجلوس على رصيف الوطن ينتظر ساعة الفرج ، ليعود الحق لاصحابه ، ولكن هيهات هيهات ان يأتي فرج الارض لكنهم لم يقنطوا من فرج السماء وروح الله وعدله .

الجالسون على رصيف الوطن كثر وهم صادقو الولأء والانتماء ، وجربوا في عهود سابقة فابدعوا وانجزوا الكثير ولكن عندما هبط الينا والى الوظيفة العامة رجال الديجيتال ورجال البزنس ورجال الاعمال واصحاب الاجندات الخاصة اكتمل مشروع الخراب الاداري والمالي لمؤسسات الوطن وكبَرنا على الوظيفة العامة اربع تكبيرات !!! … هؤلاء جاءوا تحت شعارات الاصلاح الاداري والمالي للادارة العامة ومؤسساتها وياليتهم ما أتوا ، لقد اصلحوا فقط جيوبهم وجيوب اسيادهم وخلانهم ، فافسدوا الحرث والنسل ولم نر لهم من انجاز يذكر الا زيادة المديونية على كامل الوطن وانتشار الفساد المالي والاداري والخدمي وعاثوا بنظرياتهم العقيمة في دواوين الادارة العامة وادخلوا مصطلحات لم نسمع بها في عهود ماضية الا في عهودهم المشؤومه .

المال العام حلال مد اليد اليه – الرشوة هدية والسمسرة هي عمولة والوظيفة فرصة العمر للثراء جاءت اليك فعليك اغتنامها – وهكذا ترهلت الادارة العامة وشاخت مبكرا في عهدهم غير الميمون .. وها نحن والوطن يئن ألما من وطأة الدين والمعاناة والضنك الذي يعيشه المواطن – مديونية كبيرة تضيق بها مقدرات الوطن ومصادر ثروته الوطنيه .

الجالسون على رصيف الوطن من شرفاء الوطن والامة يترحمون على الماضي التليد لمؤسسات الوطن والعمل العام، انهم يبكون على الواقع ولكن دموعهم هذه المرة ليست من ماء مالح بل من دم خالص نقي بنقاء قلوبهم – هذا زمن وصفته جدتي البدوية الريفية المدنية ذات يوم ،بانه زمن القلة والذلة والكحل الاسود .

لقد اصبح للبشر سلطة على القانون في هذا الوطن بدل ان يكون القانون صاحب السلطة والحضرة على البشر وفي المشهد الوطني، لهذا فعندما ينتهي دور القانون وهيبته يبدأ عصر الفساد والطغيان والخراب للانسان والعمران، وهذا ماجرى في دولتنا مع الاسف الشديد حيث اصبحت دولة اشخاص لا دولة قانون -مع ان العكس هو الصحيح – لاننا نريد ان نبني دولة قانون لا دولة اشخاص، فاذا ساد القانون ساد الامن والسلام والعدل، وهذا مانتمناه لبلدنا الذي مانزال واخرين نقف على رصيفه دون ملل او كلل …وبشر الصابرين .

البريد الإلكتروني: [email protected]

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى