الصفقة والغضبة والسحّيجة!!

تعالى نقيق اصوات سحيّجة أوسلو من المتعيشين على ما يلقيه المانحون في بركة سلطة التنسيق الأمني الآسنة، وأولئك الغلابى المنتظرين دوران آلة الصرف الآلي الشهري كثيرة الأعطال في غزة.. هيَّجتها تضخيمات زمجرة الغضبة الأبي مازنية وأثارتها، فهللوا لها وكبَّروا وطفقوا يكيلون المديح لردة فعل صاحبهم على إعلان تصفية القضية في احتفالية واشنطن، وتوعُّده المحتفين بأن “صفقة القرن” التصفوية لن تمر، والمقترن توعُّده بتهديداته لأصحابها بعزمه على “تغيير الدور الوظيفي للسلطة”، وتفعيل عتيق قرارات المجلسين الوطني والمركزي الممنوعة دهراً من التطبيق..
بطبيعة الحال لا يمكن انتظار توقُّف مثل هؤلاء ملياً عند توصيف لصاحبهم من مثل “الوظيفي” لدور السلطة، وهم الذين لم يفعلوا ذلك، ولم يقوموا بغير التسحيج على مدى ربع قرن كارثي ونيّف، وكان بائناً من أول يوم فيه وحتى البارحة أنه يشكّل موضوعياً إتاحة ومقدّمة وتمهيد لمثل هذه الصفقة التصفوية، ولولاه ما كانت ولا يخشى الآن من أن تُفرض وفي ظل استمرار من هم من مثلهم أن تمرر..
كشف الصهاينة عن رسالة أبو مازن التي حملها الشيخ ليعلون ليوصلها لنتنياهو، والتي تقول منبّهةً المرسلة إليه، إنكم وترامب قد الغيتم أوسلو، وبذا جعلتمونا في حلٍ من الالتزام بالمترتّب عليها، بما في ذلك “التنسيق الأمني”.. كان في كشفهم السريع هذا عبر إعلامهم استخفاف واستهداف معاً، إذ يذكّر فيطمئن مستعمري كيانهم بأن صاحب الرسالة، وكعادتة طيلة الربع قرن كارثي ونيّف على القضية، لم ينفّذ تهديداً واحداً من أكوام من مثل هذه التهديدات المكرورة..
لم ينس الذين استلموا رسالته أن يقرنوا ما كشفوه بتأكيد أن “التنسيق الأمني”، الذي يعني التعاون مع الاحتلال لحفظ أمن هؤلاء المستعمرين وإجهاض الانتفاضات الشعبية ومطاردة المقاومين، لا زال جارياً ومتواصلاً ولم يمس.. وزاد ما كُشف من حماس تسحيج السحيّجة لبطل الغضبة الأوسلوية جداَ وتهديداته الممنوعة من التنفيذ وأقلها، أو أحسن أحوالها، المؤجلة!
اعلان واشنطن التصفوي، وردود الأفعال العربية الرسمية الما بين المتواطئة والباهتة، والشعبية شبه الغائبة حد الغائبة قيمةً، تتطلب موقفا فلسطينياً يرتقي لكارثية اللحظة وعلى مستوى ما تتطلبه مواجهتها.. موقف يعيد الصراع لأبجدياته ويكون حافزاً لاستنهاض أمة..
والفلسطينيون، وهذه ملاحظة برسم من باتوا يبشرون بما أضجرونا لطيلة ما لاكوه حول “الوحدة الوطنية” و “إنهاء الانقسام”، لا، ولم، ولن، يوحّدهم، أو يُجمعوا عليه فيجمعهم، يوماً سوى الفعل المقاوم، وتحت راية وحيدة هي التحرير، وهدف واحد هو العودة، واستطراداً، من دونه لا ما يستنهض هذه الأمة ولا ما يعيد الاعتبار، أو يعيدها، لقضيتها المركزية..
بدون رحيل هذه السلطة الكارثة، بدون أن تحل نفسها، وتسحب المنظمة المختطفة والممسوخة بانحدارها من التحرير إلى هاوية التمرير اعترافها الخياني بالكيان الصهيوني الغاصب في فلسطين، بدونه، انتظروا مزيداً من الصفقات حد الإجهاز على بقايا ما يوهموننا بأن هذه الصفقة التصفوية قد أبقته من القضية الفلسطينية والوجود الوطني الفلسطيني.. يليه ما سوف حتَّام تلي تداعياته المريعة على مصائر الأجيال اللاحقة لأمة بكاملها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى