أعلن وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو ان لإسرائيل الحق أن تستمر في سرقة الأراضي الفلسطينية والتوسع في الاستيطان كما تشاء، وإن المستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية المحتلة شرعية لا تتعارض مع القانون الدولي، ونسي أن ميثاق جنيف الرابع الذي تبنته محكمة العدل الدولية ينص على ” ألا تقوم الدولة المحتلة بترحيل أو نقل جزء من مواطنيها الى الأراضي التي تحتلها.”
الاعتراف الأمريكي بشرعنة الاستيطان كان متوقعا ولا غرابة في إعلانه، ويتناسق مع العمل والتآمر الأمريكي الصهيوني المشترك ضد الشعب الفلسطيني والوطن العربي الذي بدأ منذ الساعات الأولى لقيام الدولة الصهيوني واستمر وازداد عدوانية خلال العقود الماضية، ووصل الى ذروة العداء والإهانات المكشوفة في ظل الإدارة الأمريكية الحالية.
منذ وصول ترامب الى البيت الأبيض لم يتوان يوما عن التآمر على الشعب الفلسطيني وإظهار عدائه للأمة العربية؛ فنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وأغلق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وأوقف المساعدات المالية للسلطة الوطنية الفلسطينية، وقطع الدعم عن وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين” أونروا “، وأفشل محاولات حل الدولتين الذي يطالب به الفلسطينيون والمجتمع الدولي، واعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، وابتز الدول النفطية والزمها على دفع مئات المليارات من الدولارات بأسلوب مهين لا تقبله دول تحافظ على ثروات شعوبها وتحترم نفسها وسيادتها على أرضها، وتهكّم على الحكام العرب بشأن تفاعل بعضهم الخجول على قراره بتهويد القدس والاعتراف بها كعاصمة للدولة الصهيونية، وقال علنا إنه تجاهل اتصالاتهم ورفض ان يجيب على اتصال هاتفي من أحد ملوكهم قبل توقيعه على نقل السفارة، وأضاف انه لدى عودته إليهم وجد الأمور على ما يرام، ولم يجد ردود فعل غاضبة ” والجميع سعداء”! أي أن تصريحات الحكام العرب الخجولة الرافضة لتهويد القدس وضم الجولان وقتل الفلسطينيين ليست سوى أكاذيب للضحك على ذقون الشعب!
الإهانات التي وجهتها الولايات المتحدة للأمة العربية وحكامها يرفضها الحكام الشرفاء، وتزدريها الشعوب الحيّة التي تحرص على أمنها وكرامتها ومستقبلها ومصير بلادها؛ فما الذي فعله العرب للتصدي لهذا العداء الأمريكي الدائم التجدّد؟ للأسف لم يفعلوا شيئا! بل ازدادوا انبطاحا واستسلاما للسياسة الأمريكية الصهيونية المشتركة التي تعتبر الاستيطان قانونيا!
فعلى الصعيد الفلسطيني ما زال الانقسام مستمرا؛ والفلسطينيون يواجهون الرصاص والصواريخ الإسرائيلية وتدمير البيوت والبنية التحتية، وخلافات فتح وحماس على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وجهوية توحد شطري الوطن وعلى المكاسب والمناصب والمصالح الحزبية الضيقة ما زالت مستمرة وتزداد تعقيدا، والسلطة الفلسطينية لم تنهي التنسيق الأمني، ولم تسحب الاعتراف بالدولة الصهيونية، ولم تفعل شيئا لتأجيج المقاومة الشاملة في الضفة الغربية.
وعلى الصعيد العربي اقتصرت ردود الفعل الرسمية على تصريحات ” نستنكر ونرفض وسنرد ” المعروفة، وأعلنت الجامعة انه تقرّر عقد دورة غير عادية على مستوى وزراء الخارجية يوم الإثنين الموافق 26/ 11/ 2019″ لبحث التطور الخطير لموقف الإدارة الأمريكية بشأن الاستيطان الإسرائيلي غير القانوني.” لا داعي لهذا الاجتماع لأن نتائجه معروفة سلفا، وستكون كنتائج كغيره من مئات الاجتماعات التي عقدها وزراء الخارجية” تنديد واستنكار”، أي ” جعجعة بلا طحن” وأكاذيب للاستمرار في تضليل الشعب استعدادا لتقديم المزيد من التنازلات لأمريكا وإسرائيل.
الظاهر اننا إذا لم نتحرك كشعب عربي ونتخلص من قيادات العار والاندحار الحالية، فإن حكامنا سيستمرون في تقديم التنازلات، وتبرير الهزيمة والذل والخذلان حتى يتمكن الصهاينة من تحقيق هدفهم الأكبر باستعبادنا جميعا من الفرات إلى النيل!
في ذكرى رحيله الـ ٥٣ .. قراءة في حيثيات “العروة الوثقى” بين عبد الناصر وجماهير الشعب العربي
بعض الناس يشبهون الوطن، إن غابوا عنا شعرنا بالغربة (نجيب مح... إقرأ المقال