المقاومة المسلّحة وانهيار جبهة المطبّعين اللاهثين وراء سراب السلام

بعد مرور أربعين سنة على توقيع اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، وربع قرن على توقيع اتفاقية السلام مع الأردن، وسنوات من الاجتماعات والتطبيع الصهيوني مع عدد من الدول العربية ما زالت بعض الأسئلة الهامة تطرح نفسها ومنها: ما الذي حققته اتفاقيات السلام وأوسلو والتطبيع لمصر والأردن والفلسطينيين والعالم العربي؟ هل أوقف الصهاينة عدوانهم المستمر على الفلسطينيين والمصريين والأردنيين والسوريين واللبنانيين والعرب جميعا وتخلوا عن أهدافهم التوسعية وجنحوا للسلم؟ هل قبل الشعب العربي هذا السلام وتفاعل معه ايجابيا؟ هل اثبتت التجارب مع الصهاينة انهم يريدون سلاما عادلا يقبله الفلسطينيون والعرب؟ وهل تنازلوا عن هدفهم النهائي وهو إقامة دولة صهيونية من الفرات الى النيل؟
لم تحقق اتفاقيات السلام مع مصر والأردن والتطبيع شيئا للبلدين والشعبين وللأمة العربية، فسيناء ما زالت شبه محتلة تتحكم إسرائيل بعدد وعدة القوات المسلحة المصرية المسموح لها بدخولها، والاقتصاد المصري لم يستفد شيئا، والتعاون العلمي والصناعي بين إسرائيل ومصر ما زال هامشيا؛ لكن الرابح الأكبر كان إسرائيل حيث انها حققت حلمها الأهم وهو عزل مصر وابعادها عن محيطها العربي وتهميش دورها كقائدة للأمة العربية، وإضعاف جيشها التي تعتبره إسرائيل من أكبر وأكثر الجيوش العربية قدرة على مواجهتها.
والأردن أيضا خرج من ” المولد بلا حمص” كما يقول المثل الشعبي؛ فسلامه الرسمي مع الصهاينة لم يحقق له شيئا على الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية، وأدى إلى وجود هوة بين الدولة والشعب الذي يرفض هذا السلام الزائف والتطبيع؛ فمنذ توقيع اتفاقية السلام مع الأردن لم يغير الصهاينة سياساتهم العدوانية ضد الشعب الأردني، وما زالوا يضعون العراقيل امام التبادل التجاري والسماح للأردنيين بالدخول والعمل في مدنهم، ويهددون الأردن بإقامة الوطن البديل، ويحاولون إنهاء الوصاية الهاشمية على الأماكن الإسلامية والمسيحية في القدس، وقاموا بأعمال قتل وتجسس ومحاولات اغتيال لشخصيات فلسطينية واردنية على التراب الأردني، ولم يعيروا اهتماما لرأي الأردن الرسمي والشعبي المعارض لتهويد القدس واعتبارها عاصمتهم، ولم يستجيبوا لنداءاته المتكررة بوقف الاستيطان وقبول حل الدولتين؛ ورغم ذلك فان الدولة الصهيونية استغلت توقيع المعاهدة لتحققت الكثير من المنجزات منها الإيحاء للعالم زورا وبهتانا بأنها تريد حل الصراع بالطرق السلمية، وتأمين حدودها مع الأردن، والسماح للإسرائيليين بدخوله كسياح ومستثمرين، وتفرغها للفلسطينيين وإمعانها في اضطهادهم ونهب أراضيهم والتوسع في الاستيطان باسم السلام المزعوم.
وهرولة بعض الأنظمة العربية إلى تل ابيب وتطبيعها معها لم ينتج عنه سوى المزيد من التدخل الصهيوني في الحروب والنزاعات القائمة في سوريا والعراق ولبنان واليمن، وتأجيج الخلافات والانقسامات العربية – العربية، والحاق المزيد من الضرر بالمقاومة والقضية الفلسطينية، وتمكين الموساد والشركات الإسرائيلية من التغلغل في تلك الدول.
السلام الإسرائيلي المصري الأردني والتطبيع السري والعلني مع بعض الأنظمة العربية كان كارثة على مصر والأردن وعلى الفلسطينيين والأمة العربية، واثبتت الأيام أن الذين عارضوا هذا السلام الرسمي الزائف واتفاقات أوسلو والتطبيع كانوا على حق، وان المقاومة المسلحة هي السبيل الوحيد لاستعادة الأراضي العربية المغتصبة وتحقيق السلام.
هذا العدو الصهيوني الغادر لا يفهم إلا لغة القوة والمقاومة المسلحة التي تدميه وترعبه وتجبره على التراجع والفرار، وإن ما يجري في غزة ليس إلا دليلا قاطعا على أن سراب السلام قد انقشع، وان جبهة المطبعين المهرولين المستسلمين قد فشلت وستنهار حتما، وان الأبطال الذين يتصدون للصهاينة بقوة السلاح في غزة أثبتوا هشاشة هذا العدو، وسيكونون المثال الذي نأمل أن يحتذي به ويتبعه ملايين الشباب العرب في المستقبل القريب لقلب الطاولة على رأس الصهاينة وأصدقائهم ” المشولمين ” العرب!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى