بكل صراحه ووضوح، أجاب الرئيس السوري بشار الأسد، ليلة أمس الخميس، عن كل ما يمكن أن يطرحه السوريون والعرب من أسئلة تجاه الوضع الميداني والإقليمي وما يجري في «جنيف».
كما تحدث بوضوح ايضا عن الوضع المعيشي وسعر صرف الدولار ومكافحة الفساد، مؤكداً أن سورية تمتلك الحلول، وتقرأ الواقع جيداً وقادرة على السير في الطريق الذي يأمله ويتمناه السوريون.
الرئيس الأسد كشف أن سورية لم تشارك على الإطلاق في عملية تصفية زعيم تنظيم داعش الإرهابي أبو بكر البغدادي، وألا تواصل بين دمشق والمؤسسات الأميركية.
وقد نبه الرئيس الأسد، في مقابلة مع قناتي «السورية» و«الإخبارية السورية»، إلى أن «داعش» تمثل الفكر الوهابي المتطرف، وما دام هذا الفكر لم ينته ولم يتراجع فهذا يعني بأنه لن يكون هناك تأثير لموت البغدادي أو لموت «داعش» كلها في هذا الفكر.
الأسد تحدث عن الاتفاق الروسي التركي الذي جرى في «سوتشي»، واعتبر أن المبادئ الروسية واضحة وهي تستند للقانون الدولي وسيادة سورية ووحدتها، مشيراً إلى أن السياسة الروسية تعتمد على التعامل مع الأمر الواقع، وهو ما حقق سحب المجموعات المسلحة (قسد) من الشمال للجنوب بالتنسيق مع الجيش السوري، وبالمقابل صعود الجيش السوري شمالا إلى المنطقة التي لا يحتلها التركي، وهذا أمر إيجابي، مذكراً بأن هذا الاتفاق مؤقت، وبأنه يقطع الطريق على الأميركي وعلى دعوة التدويل الذي طرحها الألماني.
وأكد الرئيس السوري أن التحرير التدريجي الذي يحصل في إدلب، سيحصل في المنطقة الشمالية بعد أن تستنفد كل الفرص السياسية، منبهاً إلى محاولات أردوغان خلق العداوة بين الشعبين السوري والتركي، من خلال الدفع نحو الصدام العسكري، كاشفاً عن أن الجيش التركي في بدايات الحرب كان مع الجيش السوري وكان يتعاون معه إلى أبعد الحدود، إلى أن قام أردوغان بالانقلاب، مشدداً بأن علينا الحرص على ألا تكون تركيا دولة عدوة، وهنا يأتي دور الأصدقاء ممثلين بالدورين الروسي والإيراني.
وقال الأسد، إنه لن يتشرف بلقاء من منظومة أردوغان وسأشعر بالقرف، ولكن من أجل مصلحة الوطن كل ما يحقق هذه المصلحة لابد من القيام به وهذه مهام الدولة.
وأضاف الأسد يقول أن “أردوغان يمارس الزعرنة السياسية على أوسع نطاق وأنا قمت بعملية توصيف له”.. مشيرا إلى أن “أردوغان يحاول أن يظهر وكأنه “صاحب قرار”، ولكنه “وكيل أمريكي في هذه الحرب على سورية، وفي كل مكان كانت سورية تحارب الوكيل التركي، وعندما لا يخرج الوكيل بكل الوسائل فهناك الحرب، لكن بالمدى المنظور علينا أن نترك المجال للعملية السياسية بأشكالها المختلفة، وإن لم تعط النتائج، فهذا عدو وسنذهب إلى الحرب ولا خيار اخر”.
الرئيس الأسد كشف بأن روسيا كانت قلقلة من الطروحات التركية بالدخول إلى سورية، وروسيا تتعامل مع الوقائع وتحاول تهيئة كل الظروف السياسية لتمهيد الطريق للجم الأطماع التركية، لكن روسيا لم تكن جزءاً من أي اتفاق بين تركيا وأميركا، واتفاقها مع تركيا كان معلناً ولا أشياء مخفية بالسياسة الروسية وهذا مريح جداً لسورية.
واعتبر الأسد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هو أفضل الرؤساء الأميركيين لأنه الرئيس الأكثر شفافية، وقال: «ترامب يتحدث بكل شفافية هو يقول: إنه يريد النفط وهذه حقيقة السياسة الأميركية، وهو خصم شفاف»، مشيراً إلى أن الفرق بين الرؤساء الأميركيين هو شكلي والحقيقة واحدة.
وحول تصريحات ترامب حول الاستحواذ على حقول نفطية سورية، قال الاسد: بغض النظر عن هذه التصريحات. بالواقع، الأمريكي محتل. هو موجود.. سواء وُجِد شرقاً أم شمالاً أم جنوباً.. النتيجة واحدة، ومرة أخرى أقول لا نأخذ بتصريحاته، لكن الآن نتحدث عن الواقع.. كيف نتعامل مع هذا الواقع؟ عندما تصل لمرحلة تقول إنني انتهيت -من باقي المناطق كما قلت هناك أولويات عسكرية- عندما ننتهي من هذه المناطق حسب الأولويات ونصل لتحرير منطقة فيها الأمريكي.. لن أمارس العنتريات وأقول بأننا سنرسل الجيش لمواجهة أمريكا، نحن نتحدث عن دولة عظمى – هل لدينا الإمكانيات؟ أعتقد بأن هذا الكلام واضح بالنسبة لنا كسوريين، هل نذهب باتجاه المقاومة، إذا كانت هناك مقاومة فسيكون مصير الأمريكي كما حصل في العراق. ولكن كلمة مقاومة بحاجة لحالة شعبية نقيض العمالة، حالة شعبية وطنية تقوم هي بعملية المقاومة، والدور الطبيعي للدولة في هذه الحالة هو أن تهيئ كل الظروف وأن تهيئ كل الدعم لأي مقاومة شعبية تحصل ضد المحتل.. ولكن من غير المنطقي أن نتحدث عن كل هذه العوامل وننسى أن العامل الأساسي الذي جلبَ الأمريكي وغير الأمريكي والتركي إلى هذه المنطقة هو سوري عميل. هو سوري خائن. فالتعامل مع كل الحالات الأخرى هو تعامل مع الأعراض.. يجب أن نتعامل مع الأسباب.. يجب أن نتعامل مع هذا السوري ونحاول أن نعيد صياغة الوضع الوطني في المجتمع السوري.. استعادة الوطنية، واستعادة وحدة الرأي وألا يكون هناك خائن سوري، ووطني سوري.. بل أن يكون السوري وطنياً وألا تكون الخيانة في ذلك الوقت مجرد وجهة نظر كخلاف على أي موضوع سياسي.. أن نكون كلنا موحدين تجاه الاحتلال. عندما نصل لهذه الحالة، أنا أؤكد أن الأمريكي سيخرج وحده، لن تكون لديه فرصة للبقاء في سورية، ولن تكون لديه القدرة -وهو دولة عظمى- على أن يكون موجوداً في سورية. هذا الشيء رأيناه في لبنان في مرحلة من المراحل، ورأيناه في العراق في مرحلة لاحقة. هذا ما أعتقد أنه الحل السليم.
وعلى صعيد متصي، أكد الرئيس الأسد أن الاتفاق مع مجموعات «قسد» حصل، ووصلت الدولة لأغلب المناطق لكن ليس بشكل كامل، ومازالت هناك عقبات تظهر، معتبراً أن معظم الأكراد كانوا مع الدولة السورية، وكانوا على تواصل معها طوال سنوات الحرب، موضحاً بأن السوريين يستطيعون العيش معاً، ودون ذلك فهذا يعني بأن سورية لن تكون مستقرة في يوم من الأيام.
وأشار الرئيس الأسد إلى أن زيارته لإدلب جاءت للتذكير بأن كل من يقاتل فيها هو أيضاً جيش تركي ولو كان اسمهم قاعدة وأحرار الشام وغيرها من التسميات، وبأن علينا ألا ننسى بأن المعركة في إدلب تبقى هي الأساس ومرتبطة بالمعركة في منطقة الجزيرة، والزيارة جاءت للتأكيد بأن ما يحصل في منطقة الجزيرة على أهميته، لا يلهينا عن المعركة الأساسية، مبيناً أن التصميم على مكافحة الإرهاب لم يتبدل.
الرئيس السوري أكد أن إسرائيل هي الحاضر الدائم في الحرب على سورية، ونحن قاتلنا أدواتها بشكل مباشر أو عبر الأميركي، وإسرائيل شريك أساسي في كل ما يحصل، من أجل ضرب سورية.
وبخصوص لجنة «مناقشة الدستور»، أكد الرئيس الأسد أن الدولة السورية لم تقدم أي تنازلات على الإطلاق، ولا يمكن تقديم تنازلات، لأنه ربما ستستخدم النتائج التي ستصدر عن هذه اللجنة لضرب الدولة السورية وهذا ما يخطط له الغرب منذ سنوات.
وشدد الرئيس الأسد على أن لجنة مناقشة الدستور تؤمن جزءاً من الحل، والحل في سورية بدأ من ضرب الإرهاب، والسيادة السورية تعبر عنها الدولة السورية فقط والانتخابات التي ستحصل ستكون تحت إشراف الدولة السورية، وبسيادة الدولة السورية، واللجنة الدستورية لا علاقة لها بالانتخابات ولها علاقة بالدستور فقط، مؤكداً أن الدولة ستوافق على أي شيء ينتج عن لقاءات لجنة مناقشة الدستور شريطة أن يتوافق مع المصلحة الوطنية.
واوضح الأسد أن الوضع المعيشي السوري لن يتحسن إذا لم نتحرك كدولة ومجتمع بكل المستويات، مبيناً أن المؤسسات تعمل وتتمكن من تأمين الرواتب والمواد الأساسية كالنفط والقمح وغيره، ومنبهاً إلى ضرورة التمييز بين التقصير والواقع.
الرئيس الأسد أكد أنه يجب ألا يعطى فرصة للمسؤول المقصر أو الذي لا يمتلك رؤية، مشيراً إلى أن إجراءات مكافحة الفساد ليست حملة، وما يهمنا هو أن نكافح الفساد حقيقة ومن خلال الواقع، وأنه علينا أن نركز الآن على قانون الفساد لأن ما نقوم به من مكافحة فساد هو معالجة للأعراض ولا يحل المشكلة.
https://web.facebook.com/SyrianPresidency/videos/725967791215947/