مصر بين نارين.. المعارضة تتهم النظام بالقمع وهو يتهمها بنشر الفوضى

يتحدث ناشطون عن أن موجه الاعتقالات السياسية اللاحقة للتظاهرات التي خرجت بعدد من المدن المصرية ضد النظام السياسي ما زالت مستمرة، وأبرزها احتجاز الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، والذي كان قد تم الإفراج عنه في شهر مارس الماضي بعد قضاء عقوبة بالسجن لخمس سنوات بتهمة خرق قانون التظاهر فيما يُعرف إعلاميا بـ “أحداث مجلس الشورى”.
ودفع خبر احتجاز علاء عبدالفتاح عددا من الوجوه المعروفة بتأييدها لثورة الـ 25 من يناير عام 2011 إلى الحديث عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن الكثير ممن تم احتجازهم لم يخرجوا اصلا في المظاهرات الأخيرة.
إجراءات لـ “تجنب الفوضى”؟
وارتفع عدد المعتقلين على ضوء الاحتجاجات المحدودة التي شهدتها مصر منذ الـ 20 من سبتمبر إلى 2075 معتقل، وفقا للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذي اضاف أن عدد من تم عرضهم على سلطات التحقيق المصرية حتى مساء أمس الأحد (29 سبتمبر/ايلول) وصل إلى 1467 شخصا.
وتم القبض ضمن المعتقلين على بعض من المحاميين حيث تم احتجاز المحامي محمد الباقر أثناء تواجده بمقر النيابة لتمثيل الناشط علاء عبد الفتاح. وكانت قوات الأمن قد ألقت أيضا القبض على الحقوقية ماهينور المصري قبل بضعة أيام.
وظهرت بمواقع وسائل التواصل الاجتماعي روايات عن “حوادث قبض عشوائي” على أشخاص تقول أسرهم أنه ليس لهم علاقة بالتظاهرات أو أي نشاط سياسي.
من جانبها، أكدت الحكومة المصرية على أنه “لا يوجد مواطن في مصر يتم القبض عليه أو محاكمته بسبب ممارسته نشاطاً مشروعاً، أو لتوجيهه انتقادات ضد الحكومة المصرية، وإنما لاقترافه جرائم يعاقب عليها القانون”، وفقا لما جاء برد المتحدث الإعلامي للخارجية المصرية على بيان المفوضية العليا بالأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وفي حوار أجرته DW عربية، ذكر مستشار أكاديمية ناصر للعلوم العسكرية اللواء محمد خلف أنه “لا يمكن لأي شخص الخروج للشارع والتظاهر هكذا دون إخطار السلطات من أجل تجنب الفوضى. ومن يريد أن يتظاهر فليتظاهر طبقا للقانون، لأن هناك فرق بين التظاهر وبين نشر الفوضى”.
وينظم التظاهر في مصر القانون رقم 107 لسنة 2013، والذي كان قد أثار جدلا واسعا قبل صدوره رسميا. ففيما دافع البعض عنه بحجة ضرورة تحقيق الاستقرار ومنع الانفلات الأمني، رفضه البعض الآخر بسبب وضعه الكثير من القيود على حرية التظاهر.
“القمع الأمني” مجرد عبارات؟!
وفي حوار أجرته DW عربية، اعتبر مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان جمال عيد ما اسماه “الحملة الأمنية” وسيلة خاطئة لمعالجة الأخطاء الاقتصادية والسياسية، حيث قال: “بدلا من التعامل بالحوار والتفاهم والاعتذار عن ممارسات تهدر المال العام، والإفراج عن المعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، تقوم الحكومة بما يؤدي إلى زيادة الغضب وليس إخماده”.
ورفض اللواء محمود خلف حديث البعض عن التعامل الأمني للحكومة المصرية مع الاحتجاجات السياسية معتبر ذلك “مجرد عبارات” حيث يرى أن الوضع الحالي يمكن قراءته بسهولة شديدة بمجرد “إرسال كاميرا لتصوير الشارع في مصر”، في تأكيد منه على هدوء الوضع وخلو الشارع من أي شكل للاحتجاج.
وأضاف خلف: “توجد قنوات مُخصصة لإحداث تأثير سياسي عن طريق البرلمان، بالإضافة إلى وسائل الإعلام التي تتحدث دون منع من أحد، فمصر مجتمع مفتوح ولا يوجد مشكلة طالما أننا لا نتسبب في فوضى ولا نمس الآخرين”.
إلا أن عيد تخوف من كون ذلك الهدوء الحالي “مؤقتا” موضحا: “القمع دائما مصيره الفشل حيث يمكن تحقيق الهدوء لبعض الوقت فقط، ولكنه ليس الطريقة الناجحة للتعامل مع الغضب، فبدون إصلاح وحوار قد تسير الامور نحو الانفجار”.
أيضا تحدث المحلل السياسي وليد عباس، في حوار أجرته معه DW عربية، عن ضرورة “تجنب انفجارات خطيرة قد يواجها المجتمع” من خلال وجود طرف سواء اختلفنا أو اتفقنا معه يكون قادرا على إدارة الامور.
“كل الاحتمالات مفتوحة”!
وأعلنت النيابة المصرية إجراء تحقيقات موسعة فيما وصفته بـ “التحريض على التظاهرات”، حيث صرح النائب العام المستشار حماده الصاوي في بيان رسمي بأن ما دفع عددا من المتظاهرين المقبوض عليهم “سوء أوضاعهم الاقتصادية”، بينما تحدث آخرون في التحقيقات عن “انخداعهم من قبل صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي منسوبة لجهات حكومية ورسمية تدعو المواطنين للتظاهر، واكتشافهم بعد ضبطهم عدم صحة تلك الصفحات”، كما جاء بالبيان.
وأتهم اللواء محمود خلف، المستشار بأكاديمية ناصر للعلوم العسكرية، جهات خارجية بالوقوف خلف الدعوة للتظاهر، موجها أصابع الاتهام بدرجة اساسية لقنوات إعلامية خارجية ولجماعة الإخوان المسلمين وتركيا، “فمصر دولة كبيرة بالمنطقة ولها أعداء والمنطقة كلها غير مستقرة”.
أما المحلل السياسي وليد عباس، فتحدث عن عوامل داخلية، حيث قال “من خلال ملاحظة الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وحالة الحريات وصلت حالة الاحتقان (في مصر) لمرحلة كبيرة، حتى أن تعليقات بعض من اعتادوا على دعم الرئيس السيسي على وسائل التواصل الاجتماعي بقوة، تغيرت لهجتهم نوعا ما”.
وحذر الحقوقي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان، من هذا “الاحتقان” وقال: “كل الاحتمالات مفتوحة واتمنى أن الحكومة لا تعاند الناس كما فعل نظام مبارك من قبل”.
وأضاف عيد: “إن كانت الدولة حريصة حقا على الاستقرار فلابد أن تحاول إجراء حوار واحترام حقوق المواطنين، فأنا لا أعلم ما سيقوم به الناس، لكني أعلم أنهم يشعرون بالغضب ولا يمكن توقع رد فعل الغاضب”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى