يعيش الوطن والمواطن هذه الايام حالة من الضنك والاحباط والتمزق الفكري والاجتماعي والسلوكي، نتيجة الظروف الاقتصادية والسياسية التي تخيم على المنطقة العربية – حروب بالوكالة – فقر – بطالة – جوع – افات عصر من طائفية ومذهبية – غلو وتطرف وارهاب جسدي وفكري وسلوكي، ويزداد المشهد تعقيدا من خلال ممارسات مراهقي السياسة الذين يتولون زمام الامور في ديارنا العامرة .
حراك نقابة المعلمين، هذه الكتلة الصلبة والمؤثرة في المجتمع كشف بلا ادنى مواربة او شك ان حكومتنا هي عبارة عن نمر من ورق، وان من يدير الازمة هم عبء على الوطن وهم سبب رئيس في هذا التراجع الحاصل في ادارة الشأن العام من جوانبه المتعددة الادارية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، هؤلاء الذين هبطوا الى الوظيفة العامة بالمظلات فعاثوا في البلاد خراباً، واختصروا الوطن بالدينار والدولار واصبح الوطن في نظرهم مجرد مطار ومحطة انتظار وجواز سفر لرجال الاعمال, فهذا هو الزمن الاغبر – زمن القلة والذلة والكحل الاسود – فهذا الوطن رفع اناسا فشتموه …واحتضن اناسا فسرقوه …واحب اناسا فكرهوه …
فالوطن بمكوناته المتوحدة انتهى صبره من هؤلاء الاغرار ومن ممارساتهم اللامسؤولة, لقد انتهى مفعولهم في وجداننا عندما رجحوا مصالحهم الخاصة على مصالح الوطن ولم يستطيعوا معالجة ازمة عابرة في سياق العمل العام – لهذا فهم في عداد الحاضر الغائب، والوطن يتوجع منهم ومما يفعلون.
عمر الاردن السياسي يقارب المئة عام، فالوطن ليس مختبراً لتجاربكم، والمواطن والطالب والمعلم ليسوا اداة لهذه التجارب – ايوب الاردني … انتهى صبره – فما عاد قادرا على الصبر من ممارساتكم وسلوكياتكم الخاطئة .
لقد وصل المواطن الى خط اللاعودة ولايوجد شىء يخاف عليه بعد الان، فماله منهوب وحقوقه مسلوبه، والاخطر من ذلك معنوياته في الحضيض، فالظلم والتهميش والتجويع مؤذن ومؤشر كبير بخراب العمران والانسان والبنيان .
لقد تحدثنا وكتبنا ونبهنا وحذرنا مرارا وتكرارا ان وحدة مكونات الوطن خط احمر، فالطالب والمعلم والجندي والمزارع والموظف والعامل حقوقهم ليست منة او مكرومات من احد.. انها حقوق كفلها الدستور ومنظومة التشريع الوطنية للدولة الاردنية، فحذار من اللعب على اوتارها او الاقتراب منها، ومن يقترب منها او يحاول اللعب فيها فهو متأمر على هذا الوطن و وحدة مواطنيه.
الفتنة نائمة ومن السهل اشعالها ولكن من الصعب اطفاؤها مهما عملوا فالنفوس مشحونة والعقول مغيبة، ويصعب في هذه الحال على الجميع ايجاد المخرج
،وصدق القائل : “الشعوب التي تفشل في تشخيص أمراضها بشجاعة تموت نتيجة تناول الدواء الخطأ “!