لقد اثبتت الاحداث ان الخارطة السياسية في الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة بما تحمله من افكار عنصرية استيطانية توسعية عدوانية اجرامية اصبحت اليوم غير مؤهلة لإخراج الكيان من ازمته لان الازمة الحقيقية التي يعاني منها ليس ازمة انتخابية في بل ازمة سياسية بسبب سياسات النهج اليميني العنصري الصهيوني المتطرف بقيادة كبير المجرمين الصهاينة نتنياهو .
لهذا السبب شهدت الانتخابات الصهيونية قبل اسبوع مفاجأة من العيار الثقيل لم تشهدها الحلبة السياسية الصهيونية منذ سنوات بعدما شهدت نتائجها الكارثية إنهاء تفرد كبير المجرمين الصهاينة نتنياهو الذي يعتبر ألأكثر ثقة في قيادة المشهد السياسي والأمني ومنحت خصمه اللدود الجنرال بني غانتس تقدماً بسيطاً عليه مما يؤكد ان النظام السياسي في الكيان الصهيوني يعتبر ان حجم الائتلاف في الانتخابات التشريعية الصهيونية اهم من حجم الحزب وثقل رئيسة
وانطلاقا من هذه المعادلة وبعد المشاورات التي اجراها رئيس الكيان الصهيوني رؤوفين ريفلين اعلن تكليف رئيس وزراء سلطات الاحتلال الاسبق نتنياهو بتشكيل الحكومة الصهيونية الجديدة على حد زعمه وصرح لبعض في وسائل الاعلام الصهيونية وقال “أعتقد أن الطريق الصحيح لدولة إسرائيل اليوم هو بناء ائتلاف حاكم على أوسع نطاق ممكن هذا رأيي أحاول أن أبذل قصارى جهدي من اجل تحقيقه حتى لا تصل الامور الى انتخابات تشريعية ثالثة خلال عام واحد ”
وقد جاء هذا الإعلان رغم حلول حزب ” أزرق – أبيض في المركز الأول للانتخابات التشريعية بعدما حصل الحزب الذي ينتمي لتيار يسار الوسط بزعامة بيني غانتس على 33 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست بفارق مقعد وحيد عن حزب الليكود الذي حصل على 32 مقعد بزعامة نتنياهو الذي تمكّن من الحصول على تأييد 55 نائباً لتشكيل ائتلاف اليمين الصهيوني وهذه هي المفارقة بين الجانبين وخاصة ان منافسه بني غانتس حصل على تأييد 54 وهذا يعني ان لا أحد منهما استطاع الحصول على تأييد 61 نائباً ليتاح له تشكيل الحكومة الصهيونية الجديدة بالأغلبية
وبموجب هذا التكليف سيكون أمام نتنياهو مهلة 28 يوما من أجل تشكيل الحكومة وإنهاء المأزق السياسي الذي يشهده كيان الاحتلال مع إمكانية تمديد هذه المهلة أسبوعين إضافيين اذا فشل في تشكل الحكومة
لذلك تعمد المجرم نتنياهو المناورة لكسب المزيد من الوقت ودعا الى تشكيل حكومة وحدة وطنية ”
مع العلم انه يتطلع بالأساس لتشكيل حكومة من الأحزاب اليمينية العنصرية المتطرفة الصهيونية والأحزاب الدينية وقال في بيان له بعد اعلان النتائج الكارثية عليه ” دعوت لتشكيل حكومة يمينية لكن لسوء الحظ تظهر نتائج الانتخابات أن هذا غير ممكن وأضاف أن الشعب لم يحسم بين ألتيارين معتبراً أنه “لم يعد هناك خيار إلا تشكيل حكومة وحدة ودعا غانتس إلى لقائه في وقت لاحق مؤكداً إنه يعارض إجراء انتخابات ثالثة ”
وفي نفس السياق لم تكن المفاضلة في هذه الانتخابات ولا في نتائجها بين مجرمي الحرب الصهاينة نتنياهو وغانتس .. ولكن المفاضلة الحقيقية كانت بين عودة نتنياهو الى الحكم حاملا مشروعه الاجرامي الفاشي للحكم وتحصيل 61 مقعدا على الاقل وبين إسقاطه والحد من قدرته على العودة لرئاسة الحكومة المزعومة والتغول في تحقيق وعوده الانتخابية في ضم المستعمرات في الضفة الغربية وغور الاردن لتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني بدعم ومساندة الادارة الامريكية المتصهينة بقيادة شريكيه اليميني العنصري المتصهين الرئيس الامريكي ترامب ترامب
لذلك فقد اظهرت صناديق الاقتراع في نتائجها الكارثية قبل كل شيء فشل بنيامين نتنياهو في الحفاظ على قوة ” الليكود ” التي كان فاز بها في انتخابات نيسان ألماضي إذ تراجع من 35 مقعداً آنذاك ، إلى 31 مقعداً في الانتخابات الاخيرة والأهم من ذلك تراجع قوة المعسكر المؤيد له والمكون من حزبه وحزبي الحريديم ( شاس ويهدوت هتوراة) و”يمينا ” من 60 مقعداً في انتخابات نيسان الماضي إلى 55 مقعداً بحسب النتائج في الانتخابات الاخيرة
وفي المقابل تراجعت أيضاً قوة حزب “كاحول لقان من 35 مقعداً إلى 32 كما أصبحت قوة معسكر “كاحول لفان ” الذي يضم أيضاً تحالف حزب العمل – غيشر والمعسكر الديمقراطي 43 مقعداً فيما استعادت الأحزاب العربية قوتها بعد إعادة تشكيل القائمة العربية المشتركة لتحصل على 13 مقعداً .
وفي المقابل عزز المجرم لأفيغدور ليبرمان نجاحا مميزاً بشكل مضاعف تقريباً من 5 مقاعد إلى تسعة .
لهذا السبب تبدو سيناريوهات تشكيل حكومة جديدة في الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة صعبة جدا ومرهونة باتخاذ خصوم نتنياهو من المعسكر الآخر قرارات تناقض تعهداتهم الانتخابية خصوصاً تعهد حزب “كاحول لفان ” بعدم الدخول في حكومة مشتركة برئاسة نتنياهو بفعل ملفات الفساد التي تلاحقه وذلك مع اقتراب موعد قرار المستشار القضائي للحكومة بشأن تقديم لائحة اتهام ضده.
لذلك فإن نتائج الانتخابات فرضت نفسها بقوة على الكتل والأحزاب الصهيونية المشاركة في الانتخابات الاخير في عدة احتمالات من اهمها:
اولاً : قد يغامر كبير المجرمين الصهاينة ويلجأ الى اعادة التكليف من قبل الرئيس الصهيوني قبل انتها المهلة المكلف خلالها تشكيل الحكومة في مناورة جهنمية ليفرض على الرئيس الصهيوني ريفلين تكليف بني غانتس زعيم ازرق – ابيض الوسطي المعارض بتشكيل الحكومة خلال الفترة المحددة 28 ليفشل وكل التقديرات تشير عدم قدرة غانتس تشكيل هذه الحكومة في ظل النتائج التي انتهت اليها الانتخابات وهذا يعني ان الامور ستعود الى الكنيست الصهيوني الذي عليه تكليف شخص اخر قادر على تشكيل الحكومة خلال 28 يوما ويعتقد النتنياهو انه سيكون الاكثر حظا بهذا التكليف ليحظى خلالها على تأييد 61 عضوا على الاقل من اعضاء الكنيست الصهيوني الجدد لتشكيل الحكومة وإذا فشل حتما سيذهب الكيان الصهيوني الى انتخابات جديدة وفي مثل هذه الحالة يأمل النتنياهو ان يشكل عامل الذهاب لانتخابات جديدة التي لا تحبذها معظم القوى الصهيونية الممثلة في الكنيست الى اداة للضغط على بعض الاحزاب التي رفضت الانضمام اليه حتى تغير موقفها وتتنازل عن شروطها اتشكل الحكومة برئاسته .
ثانياً : يأمل النتنياهو من خلال هذه المناورة ان يوافق شريكيه القديم المجرم ليبرمان زعيم حزب ” ما يسمى اسرائيل بيتنا ” على الانضمام الى الائتلاف اليميني العنصري المتطرف لتحظى حكومة بتأييد 63 عضوا لينجح في تشكيلها مع العلم ان المجرم ليبرمان افشل تشكيل الحكومة في ايار الماضي بعد انتخابات نيسان لأنه اصر وما زل يصر على مصادقة الحكومة الصهيونية الجديدة على مشروع قانون التجنيد الاجباري للمتدين اليهود الذي ترفضه الاحزاب الدينية
وكشفت صحيفة معاريف الصهيونية يوم الجمعة الماضي عن اقتراح قدمته اطراف في حزب الليكود الصهيوني الى ليبرمان يقضي بالموافقة عل التناوب بين نتنياهو وليبرمان على رئاسة الحكومة الصهيونية وان يكون ليبرمان قائما بأعمال رئيس الحكومة نتنياهو خلال فترة رئاسته لكن هذا الاقتراح يبدو مهينا لنتنياهو نظرا لان حزب ليبرمان لا يملك سوى 8 مقاعد في الكنيست الصهيوني وأشارت الصحيفة ان النتنياهو وليبرمان لم يعقب احدا منهم على هذا الاقتراح وأكدت ان هذا الاحتمال ضعيف جدا .
ثالثا : اما الخيار الثالث يتمثل بإقامة حكومة وحدة وطنية بين الليكود وتحالف ازرق – وابيض لكن هذا الاحتمال سيبقى مرهونا بتراجع الجنرال بني غانتس عن تعهداته الانتخابية بشأن عدم الجلوس في حكومة بقيادة نتنياهو بفعل شبهات الفساد .
لكن بعض المراقبين لاحظوا أن غانتس تجاهل في خطابه فجر الأربعاء الماضي هذا ألموضوع وتحدث عن عزمه السعي لتشكيل حكومة وحدة وطنية قوية ما اعتبره البعض إشارة إلى إمكانية القبول بسيناريو من هذا النوع إلى حين صدور قرار المستشار القضائي بشأن ملفات الفساد.
وقد اشارت صحيفة هارتس ان هذه الحكومة بين الليكود وتحالف ازرق –ابيض قد تصبح منطقية في ظل المشهد السياسي الحالي للخروج من الازمة لكن الفكرة قد تصطدم بعدة عقبات من اهمها :
1- تعهد بني غانتس لجمهوره الانتخابي بعدم المشاركة في حكومة واحدة مع النتنياهو .
2- رفض بني غانتس القاطع على التصويت على القانون الفرنسي لحماية نتنياهو من تهم الفساد كما أ، نتنياهو من الصعب ان يتنازل عن هذا القانون لأنه سيشكل الحصانة لحمايته من تهم الفساد الموجهة له ويعتقد البعض أن هذا الاحتمال قد يكون بعيداً لكنه ليس مستحيلا وفرصه تبقى فيها وجهة نظر في حال تعثّرت السيناريوهات ألأخرى مع العلم ان الصحيفة الصهيونية هآرتس اكدت ان حكومة كهذه من المكن ان تضم حزب ما يسمى ” اسرائيل بيتنا ” بعدما اكد زعيمه المجرم ليبرمان انه يريد المشاركة في حكومة وحدة وطنية بين الليكود وازرق وابيض يتناوب على قيادتها نتنياهو ثم بيني غانتس وأكدت الصحيفة الصهيونية ان هذا الاحتمال قد يكون الخيار الافضل لتحقيق التوازن في المسائل المتعلقة بالأمن والسياسة والدين والدولة مع العلم ان الشريك الابرز في ” ازرق –ابيض وزير المالية السابق يائير ليبيد اعلن مراراً رفضه المشاركة في حكومة يشكلها النتنياهو
رابعاً : هذا الاحتمال ردده بعض ألمراقبين وهو تشكيل حكومة وحدة تجمع بين ألليكود وشركائه من الحريديم وحزب ” يميناً ” مع حزب “كاحول لفان ” من دون حزب ليبرمان إلا أن زعيم “أغودات يسرائيل ” يعقوب ليتسمان أعلن مسبقاً أن حزبه لن يشارك في حكومة مع حزب ” ييش عتيد ” بقيادة يئير لبيد وهو أحد مكونات تحالف “كاحول لفان “.
أما الاحتمال الرابع يتمثل بوصول نتنياهو إلى تفاهمات مع زعيم حزب العمل – غيشر / عمير بيرتس الذي حصل على 6 مقاعد للوصول إلى ائتلاف يتمتع بأغلبية 61 مقعداً وهذ الاحتمال شبه مستحيل .
في كل الاحوال تعتبر هذه الخيارات ضعيفة لكنها قد تصبح معقولة إذا ما تم النظر إلى كل منها مقارنة بباقي الخيارات الاخرى مما يجعل احتمالات تقديم التنازلات وارداً لتفادي الذهاب إلى انتخابات جديدة.
وخاصة ان كل ما يجري من مفاوضات حزبية لتشكل حكومة الاحتلال الصهيوني يستهدف بالأساس تمرير ما يسمى صفقة القرن والاستمرار في تهويد الاراضي الفلسطينية المحتلة وتكريس الاستيطان كمقدمة لإعلان ما يسمى يهودية الدولة المزعومة .
وفي النهاية ان هذه الانتخابات الصهيونية وبرامجها الحزبية كلها تتسابق وتتوافق على شطب وتصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها حق العودة .
وكلنا يعلم ان نتيجة فشل المجرم نتنياهو في هذه الانتخابات هي صمود وصلابة محور المقاومة الذي اصبح بكل جدارة يشكل في هذه المرحلة الند بالند في مواجهة محورالارهاب والإجرام العالمي بقيادة العدو الصهيوامريكي الذي وقف في الايام الاخيرة على قدم واحدة بسبب خطاب سماحة السيد حسن نصر الله وصمود سورية والجمهورية الاسلامية الايرانية والمقاومة الفلسطينية المسلحة وانتصارات المقاومة العراقية واليمنية .
akramobeid@hotmail.com
في ذكرى رحيله الـ ٥٣ .. قراءة في حيثيات “العروة الوثقى” بين عبد الناصر وجماهير الشعب العربي
بعض الناس يشبهون الوطن، إن غابوا عنا شعرنا بالغربة (نجيب مح... إقرأ المقال