شركاء في المحنة.. قانون الصدفة يجمع بين محاولات عزل ترامب ومحاكمة نتنياهو

قرر النواب الديمقراطيون في الكونغرس الأمريكي بدء إجراءات لعزل الرئيس دونالد ترامب، وهو ما تناظر مع اقتراب بدء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأسبوع المقبل.
قرار الديمقراطيين جاء بعد اعتراف ترامب بأنه قام فعلا بالحديث مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في تموز/يوليو الماضي طالبا التحقيق مع جو بايدن وابنه، الذي كان يعمل في أوكرانيا، على أن تقوم الولايات المتحدة في المقابل بتقديم دعم عسكري لأوكرانيا.
وهو أمر يعني أن الرئيس قام باستخدام منصبه لطلب تدخل دولة أجنبية ضد خصمه الرئيسي الذي يمكن أن يقف في وجهه في انتخابات الرئاسة عام 2020.
أما نتنياهو فقد قام بتقديم موعد الانتخابات البرلمانية على أمل استباق لائحة الاتهام ضده بتهمتي الاحتيال وخيانة الأمانة، وحسب الصحافة الإسرائيلية، فقد كان يستعد لشن حرب على غزة قبل أسبوعين كي يؤجل الانتخابات.
إضافة إلى الوعود الخطيرة التي ألقاها بضم مناطق من الضفة (وسّعها لاحقا لتضم الضفة كلها)، والمعنى أن السلطة وبقاءها في يد نتنياهو هي الغاية العليا التي تخاض لأجلها الحروب وتنجز الاحتلالات وتقام المستوطنات.
من الغرابة أن أحد أكبر حلفاء ترامب أيضا، وهو رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، خاض أيضا جولة محاكمة مع المحكمة البريطانية العليا جراء لعبته السياسية الخطيرة بتعليق البرلمان البريطاني حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر وأنه خسر الدعوة واعتبر قراره غير قانوني.
فلجأ في اليوم الأول لعودة البرلمان، مثل نظيره الأمريكي والإسرائيلي إلى تأجيج النزعات المتطرفة رابطا مقتل النائبة البريطانية جو كوكس، التي اغتيلت على يد اليمين المتطرف، بضرورة خروج بريطانيا من أوروبا.
واستخدم العبارات نفسها التي يستخدمها اليمين المتطرف خلال تنفيذ عملياته وتهديداته الإجرامية، من دون أن ينسى، كما فعل نظيره ترامب، أن يمتدح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الوقت الذي تخرج فيه المظاهرات الشعبية مطالبة أيضا بعزله.
احتمال عزل ترامب ضعيف لأن نواب حزبه الجمهوري يسيطرون على مجلس الشيوخ الذي عليه أن يصادق على قرار العزل إذا تم إقراره في مجلس النواب.
في حين يتجه نتنياهو إلى الاستمرار في استخدام ألعابه الجماهيرية، وكان آخرها طلبه بث الجلسة التمهيدية لمحاكمته على الهواء، في سعي ربما، لاستنهاض الغرائز الوحشية لدى الجمهور اليميني المتطرف، كما يفعل ترامب وجونسون.
قد تبدو هذه الأحداث كلها نوعا من المصادفة، ولكن يمكن أيضا النظر إليها باعتبارها ضرورة، في استخدام للمصطلحين العلميين المعروفين، فليس من المصادفة وجود رابط أكيد بين شخصيات اليمين العنصري في العالم وطرق فهمها وتعاملها مع السياسة باعتبارها مطيّة للفساد والاحتيال على الجمهور وهدفا أعلى يجب ممارسة كل طرق الخداع للحصول عليه والاحتفاظ به.
كما أن من الضرورة الطبيعية والإنسانية والسياسية أن يتم التصدّي لهذه الظواهر المترابطة عبر كفاح عالميّ تمتزج فيه الأخلاق السياسية مع الدفاع عن حقوق الإنسان والشعوب التي يقوم هذا اليمين المتطرف بانتهاكها والسخرية منها بكل الأشكال الممكنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى