اتفاقبة أوسلو أكبر جريمة بعد النكبة

 

 

في الثالث عشر من شهر أيلول سبتمبر الجاري مرت على الأمة العربية الــذكرى الــ26 لجريمة أوسلو التي أبرمت في الخفاء ونتيجة مفاوضات سرية بين منظمة التحرير وما يسمى بدولة إسرائيل، والمخفي ابن حرام كما يقول المثل .
تلك الصفقة الظلامية عقبت مؤتمر الهزيمة العربية في اسبانيا، بعد مأساة حرب الخليج الثانية وتدمير القوة العراقية التي كانت مؤهلة أن تكون القوة العربية الأولى في المواجهة مع العدو الصهيوني بعد خروج مصر بجريمة كامب ديفيد ، وكان اختيار اسبانيا وما عرف بمؤتمر مدريد لتشكل محطة انطلاق للمفاوضات بين العرب والصهاينة، والاسم بحد ذاته له معنى ومدلول سياسي لم ينتبه إليه المفاوضون من الأشاوس العرب الرسميين، فهو رسالة مفادها ستنسون فلسطين كما نسيتم الأندلس.. فاوضوا الصهاينة على أقل من 22% من أرضكم التاريخية ، وهذه النسبة قابلة للتنازل من طرفكم، كما تنازلتم عن الأندلس وانسحبتم منها وأنتم صاغرون.. هذه رسالة مدريد .

والمفاوضون من الرسميين العرب لم ينتبهوا فقد كانوا في حالة هزيمة كاملة ومنذ متى كان للمهزوم شروط يرفعها في وجه المنتصر ؟
مدريد كانت المحطة الرئيسية التي التقى فيها العرب الرسميون والصهاينة لأول مرة في مفاوضات سميت بالسلام، ولكن الصهاينة استطاعوا خداع الرسميين العرب وجعل المفاوضات منفردة مع كل نظام على حدة،
وكانت البداية مع قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي فاوضت الصهاينة سرا لمدة عامين، ومهندس تلك الجريمة هو نفسه رئيس ما يسمى بسلطة أوسلو في رام الله اليوم ، وكان الصهاينة يقولون للفلسطينيين أن العرب الرسميين كلهم وقعوا وليس أمامكم إلا التوقيع والاعتراف العلني بما يسمى بدولة إسرائيل، وليس كما أعلن الشهيد أبو عمار رحمه الله في الأمم المتحدة عام 1974م ، بأنه يحمل غصن الزيتون بيده، ولا كما جاء في ميلاد الدولة الفلسطينية في الجزائر عام 1988 .
وهكذا بدأت مفاوضات ولقاءات سرية ولدت أوسلو على أثرها، وكانت على وفق نهج كامب ديفيد، كما اشترط مناحين بيغن وقبل السادات صاغرا .

جريمة أوسلو هي أخطر من كامب ديفيد، بل الأكثر خطرا منذ النكبة العربية في فلسطين واشد فتكا في الأمة ، فإذا كانت كامب ديفيد قد أخرجت القوة الأولى للعرب مصر من دائرة الصراع الذي يستهدف الجميع، فان خطر أوسلو أنها جاءت اعترافا من قيادة الشعب الفلسطيني بما يسمى بدولة إسرائيل، الأمر الذي فتح الأبواب على مصارعيها لأنظمة الخيانة والعمالة الناطقة بالعربية لتقيم التطبيع المجاني مع العدو بحجة أن صاحب القضية قد اعترف وما مصلحتنا لكي نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم .
وبهذا المنطق الرجعي المتخلف جرى اختراق الأمة للأسف، علما أن أصحاب هذه النظرية أنفسهم لهم علاقاتهم التاريخية مع الصهاينة وبعضهم ساهم في صناعة الكيان الصهيوني والبعض منهم لولا الكيان الصهيوني ما وجد أصلا ، وتعاونهم مع الصهاينة وثيق وعتيق وموجه ضد كل الأنظمة التقدمية في العالم العربي وعلى رأسها نظام الزعيم الحاضر الغائب جمال عبد الناصر ، كما اعترف ذلك بصراحة قائد الجيش الصهيوني في حواره الشهير مع موقع إيلاف السعودي.
جريمة أوسلو يجب الغاؤها وشطبها، فهي من أعطت شرعية حتى لجريمة كامب ديفيد ووادي عربه، وهي من برر جريمة التطبيع لكل الخونة والعملاء .
أوسلو أكبر غلطة تاريخية بحق العرب وقضيتهم العادلة فلسطين، فلا وحدة ولا تحرير بدون وأد أوسلو التي أفرزت وادي عربه وأعطت شرعية لكامب ديفيد، رغم أنها ووادي عربه من لقطاء كامب ديفيد، ولكن خطورة أوسلو عن غيرها تأتي لأنها تمثل تفريط أهل الحق، أي منظمة التحرير ، بأساس وجودها الا وهو تحرير كامل التراب الفلسطيني .

بقي أن نقول لقد سقطنا من عيون العالم حتى من كانوا بالأمس أصدقاءنا عندما اعترفنا بما يسمى دولة إسرائيل ، فالأرض واحدة وطلابها اثنيان.. صاحب الحق والمحتل، وعندما يعترف صاحب الحق للص ولو بشبر من الأرض فانه يفقد حقه التاريخي بها.. هذا هو منطق الأشياء .
لذلك فان وأد أوسلو يمثل الخطوة الأولى لاستعادة الذات والوجود العربي قبل كل شيء، وبخلاف ذلك سنبقى خارج خارطة التاريخ وأخشى أن تضيق بنا حتى الجغرافيا ، ولا عزاء للصامتين .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى