الحرب على قوميتنا العربية من خلال التعليم

لا أعلم لماذا نحن العرب الأمة الوحيدة التي لا تعرف قيمة ذاتها التاريخية ولا وزنها الجغرافي ولا مساحتها الواسعة على الخارطة العالمية، رغم ان الجغرافيا هي أستاذ التاريخ الذي يعطي الأمم والشعوب الدور والقيمة، سنداً لقول الزعيم الفرنسي الأشهر شارل ديغول: ( قبل أن تتحدث بالسياسة انظر لحجمك على الخارطة ) .
والأكثر مأساوية أن الكثير من العرب أصبحوا يسخروا من لغتهم أساس قوميتهم ووجودهم ، فمن ينظر لأسماء الأماكن والمحلات التجارية، ولا سيما السياحية منها، في العالم العربي يعتقد أنه ليس في بلد عربي وانما في بريطانيا أو فرنسا.. فلماذا كل ذلك رغم أن اللغة العربية من أهم 6 لغات في العالم، كما هو معروف في الأمم المتحدة .
والأكثر غرابة أن العالم المتحضر الذي يقلده الكثير من شعبنا العربي يعرف أن للعرب قيمة مهمة ودوراً كبيراً لو انهم يتنبهون لخصائص الجغرافيا وما يجمعهم من مميزات، خاصة اللغة التي هي أساس القومية .
لذلك عمدت كل شعوب الارض بمخاطبة العرب بلغتهم، حيث نجد ان كل دولة من دول العالم الكبرى أو حتى المتوسطة قد اطلقت محطات تلفزة وإذاعات لمخاطبة الوطن العربي بلغة شعبه ، ولو كان العرب بلا قيمة جغرافية وسياسية ،كما يقول المتغربين في أوطانهم، لما اهتمت بهم دول العالم .
مأساتنا تكمن ببعض ابناء شعوبنا ونخبنا التي أقول بكل صدق وأمانة إنها قد استهلكت ولم تعد تصلح للقيادة، فالذين يقدمون أنفسهم على أنهم دعاة الفكر القومي العربي التحرري من ناصريين وبعثتيين وسوريين اجتماعيين وغيرهم لا يتورعون عن تقديم أسمائهم في شبكات التواصل الاجتماعي مكتوبة بلغة المستعمر البريطاني (الأمريكي والفرنسي) .
هذه دلائل لا تخفى على أحد حيث تشي بفقدان الثقة بالذات قبل كل شيء، الأمر الذي عرفه وكلاء الاستعمار من أنظمة الاعتلال العربي وعملوا عليه، بحيث فتحوا الأوطان لكل دول العالم لتنشئ الجامعات والمعاهد والمراكز وغيرها حتى وصل الأمر بإحدى الدول العربية أن تقرر لجنة شؤون التعليم في برلمانها تدريس المواد العلمية المهمة باللغة الفرنسية .
وبنظرة لمناهج التعليم في كل الأقطار العربية، باستثناء سوريا، سنجد أنفسنا وكأننا مانزال اسرى دول الاستعمار القديم، وكأن التعليم باللغة العربية محض تخلف وعودة للظلام .
ان اية أمة لا تحترم قوميتها، وأساسها اللغة، هي أمة مهددة بالفناء والذوبان بالآخر الذي لن يعترف بنا إلا بصفة خدم وعملاء لأجل مصالحه .
قبل أيام اطلعت على كتب الصف الأول الابتدائي لابني ناصر العرب، ودهشت وفزعت مما رأيت.. فاللغة العربية محصورة في كتابين فقط، والتربية الإسلامية في كتاب واحد، والثلاثة من الحجم الصغير، بيمنا تتربع اللغة الانجليزية على مساحة 6 كتب من الحجم الكبير .
فأين نحن إذا لم نشعر بالخطر على وجودنا؟ وهل أصبحنا أمة بلا إحساس ولا حتى كرامة ، علماً بان كل دول العالم التي تحترم نفسها ترفض حتى الحديث بغير لغتها الأصلية، ومنها أمم وشعوب صغيرة .
أليس في هذا ما يؤشر على أن الوجود العربي مستقبلا في خطر .. فالاعداء يريدون أجيالاً من أمتنا ضائعة لا تعرف هويتها ولا ثقافتها، وعلينا أن نصحوا من سباتنا الطويل وإلا سنصبح أمة بلا هوية بلا لغة، وسيكون وجودنا عبئاً على التاريخ والجغرافيا معا .
وبعد .. رحم الله الزعيم جمال عبد الناصر الذي كان يمتلك عين زرقاء اليمامة، وكان سابقاً لعصره وأول من انتبه لهذا الخطر عندما بني الجامعات والمدارس والمعاهد وعرّب كل ما كان أجنبيا .
ارجو ان نصحوا قبل فوات الأوان حتى لا نصبح أمة خاوية لا تملك من الوجود إلا الاسم ولكن بلا وزن ولا قيمة ، ولا عزاء للصامتين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى