الانتخابات التونسية في ضوء التضاريس الوعرة لإرساء الديمقراطية

تجري الانتخابات الرئاسية التونسية المبكرة يوم 15سبتمبر/أيلول 2019، بعد ثماني سنوات من قيام الثورة التونسية، سنوات كانت صعبة جدا ومعقد ة من مرحلة الانتقال الديمقراطي ، أي مرحلة الانتقال من الثورة الى الدولة ، تخللتها أزمات اقتصادية واجتماعية حادة ومنهكة، وسياسية اشتبكت فيها الانتظارات للشعب التونسي بالانتهازيات الشرسة من جانب أحزاب الحكم ، من جراء تعاملها مع الدولة التونسية بمنطق الدولة الغنائمية،الشيء الذي عبر عن مدى الانحطاط الأخلاقي والقيمي التي عرفته الحياة السياسة في تونس.
ورغم أن النموذج التونسي الديمقراطي مثل استثناء ، لجهة عدم سقوطه في أتون الحروب الأهلية المدمرة التي عرفتها العديد من الدول العربية، فإنّ هذه الديمقراطية الوليدة في تونس تظل هشة،لأنها لم تكن نتاج تاريخي لتبلور مشروع فكري وثقافي واضح المعالم لبناء دولة ديمقراطية تعددية، ومجتمع جديد .و لهذا السبب بالذات تحكمت في النموذج التونسي الذي قام على أساس مناهضة الفساد والاستبداد وتحقيق الانتقال الديمقراطي،طيلة السنوات الماضية التوافقات الظرفية التي أملتها إكراهات السياسات الداخلية والإقليمية والدولية، بين من يمثلون المنظومة القديمة الذين تزينوا بلباس الديمقراطية وبين حركة النهضة ممثلة الإخوان المسلمين الذين امتطوا جواد الديمقراطية أيضًا للوصول إلى السلطة،رغم إنًّ الإسلام السياسي لا يعترف بالدولة الديمقراطية التي يعتبرها مُنْجَزًاغربيًا.
وتختلف هذه الانتخابات الرئاسية المبكرة في كثير من تفاصيلها، عن الانتخابات الرئاسية التي جرت في نهاية خريف 2014 التي ارتكزت على التصويت المفيد لفائدة الباجي قائد السبسي بوصفه سياسيًا مخضرمًا، استطاع أن يجمع حوله طيفًا كبيرًا من مناهضي حكومة الترويكا وحركة النهضة، وأن يفعّل الاستقطاب الثنائي في المجتمع التونسي من خلال تقديم نفسه، وحزبه(نداء تونس الذي تشكل في سنة 2012)، بديلًا حداثيًا من الإسلام السياسي، الذي يريد تغيير نموذج المجتمع التونسي الوسطي و الليبرالي والمنفتح على الحداثة الغربية.
وتعكس قائمة المترشحين لمنصب تولي رئيس الجمهورية (98مترشحًا) عن حالات “الجوع “و”العطش”و “الشبق” السلطوي، علمًا أنَّ الغالبية من المترشحين ، لا يمتلكون فكرًا سياسيًا نيرًا ، وليس لديهم الحد الأدنى من المكانة العلمية أو الاجتماعية، كما يفتقر جلّ المترشّحين للحدّ الأدنى من التجربة السياسية.
ومع ذلك تُعَدُّهذه الانتخابات الرئاسية المبكرة اختبارًا سياسيًا مهمًا في الحياة التونسية ما بعد حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي، حيث قطع الشعب التونسي مع منطق الفردانيّة ،إذ أتاح اتساع مجال الحريات الإعلامية والسياسية داخل تونس منذ كانون ثاني /يناير2011 دمج الفضاء العمومي المتمثّل أساسا في فضاء شبكات التواصل الاجتماعي بالفضاء السياسي العمومي ،وفتح المجال لتعددية لها ما بعدها على جميع المستويات، السياسية والفكرية والدينية، ونزع القداسة عن منصب الرئيس في قصر قرطاج التي رسّختها عقود الدعاية وتأليه الاستبداد في عهد الرئيسين السابقين الحبيب بورقيبة “المجاهد الأكبر”وزين العابدين بن علي”صانع التغيير”،إذ إنّ أي معارض كان يتنطح لمنصب رئيس الجمهورية في عهديهما، يكون مصيره، النفي والتشريد لمن أمكن له النجاة بجلده ، أوالسجن .
هناك إجماع لدى أساتذة الجامعات،والنخب الفكرية والسياسية التونسية،أنّ هذه “الفرادة التونسية” في محيطها العربي الإسلامي الغارق في صحاري التوحش السلطوي ،تُعَدُّ من مكتسبات الثورة التونسية، التي حققت للشعب التونسي الحرّية الإعلامية.كما أنّ كثرة الترشّح للإنتخابات الرئاسية على خلاف ما تعيشه دول الجوار وباقي دول الربيع العربي،تؤكد على إيجابية الفعل التشاركي ،وعلى خروج الشعب التونسي من قبضة الحكم المطلق وقبضة الحاكم الواحد المستبد، والحزب الواحد، حيث نمط الوجود المتشابه والتكراري. فالتشتت منح فرصة للاختلاف الاجتماعي والتعبير عن الخصوصيّة باعتبارتونس تعيش حالة تقع خارج نمط الحكم الواحد.
ولئن ذهب البعض حدّ التهكّم على هذه الفلكلوريّة في الترشّح للانتخابات الرئاسية المبكرة بالقول، أنّها تمثل شكلاً من أشكال الاحتجاج الاجتماعي ضدّ السياق السياسي الحالي، فضلاً عن أنّها مجرّد تعويض عن الحرمان من التثمين وبغاية توجيه رسائل سياسية للنخب الحاكمة،فإنَّ هذا النزوع للفردانيّة من منظور علم الاجتماع أيّده طرح فلسفي يرى في التعدد السياسي وغياب الشخصيات السياسية الوازنة في هذا التشتت ، وجهًا من وجوه تأخّر حاكميّة الفكرة كمعيار،وتقدم الروابط المختلفة وتناثرها من قبيل الانتماءات الجهويّة و الفئوية وتضارب المصالح المتعددة للمترشّحين والجهات الدّاعمة لهم.
المرشحون للإنتخابات الرئاسية وتشتت الأصوات
أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس قبول ملفات 26 مرشحا بينهم امرأتان من بين 98 تقدموا بتسجيل ترشحهم لخوض الانتخابات الرئاسية المبكرة في 15 سبتمبر المقبل. وأبرز من تضمنتهم القائمة الأولية رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد عن “حزب تحيا تونس”، ورئيس البرلمان بالنيابة عبد الفتاح موروعن “حزب النهضة الإسلامي”، والرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي ووزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي.
أولاً:مرشحوالعائلة الوسطية المستندة إلى المرجعية البورقيبية
ينتمي معظم المترشحين من العائلة الوسطية الدستورية و التجمعية إلى “التيار المدني” الموالي لحزب “نداء تونس”، الذي أسسه الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي في كانون ثاني /يناير2012 ، والذي يستند إلى المرجعية البورقيبية .وقد حكم هذا الحزب تونس في الأعوام الخمسة الماضية رغم الانشقاقات التي عرفها وأدت إلى خروج عدة أحزاب من رحمه من بينها حزب “تحيا تونس”، بزعامة رئيس الحكومة يوسف الشاهد وحزب “أمل تونس” بزعامة الوزيرة السابقة وسيدة الأعمال سلمي اللومي، وحزب “مشروع تونس” بزعامة الوزير السابق محسن مرزوق، وحزب “بني وطني” برئاسة وزير الصحة السابق سعيد العايدي.
وينتمي إلى هذا “التيار المدني” أيضا قياديون سابقون في الدولة بينهم وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي ،وناجي جلول وزير التربية والمستشار في قصر الرئاسة سابقا، وعبيد البريكي وزير الوظيفة العمومية والزعيم النقابي سابقا..
ولعل من بين معضلات النخبة التونسية أنّ كل هؤلاء “الزعماء” الذين انشقوا عن حزب قائد السبسي ترشحوا باسم أحزابهم، أو بصفة مستقلين للفوز بكرسي قرطاج بعده، كما هو الحال بالنسبة لوزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، والذي يدعمه حزب”نداء تونس”بزعامة حافظ قائد السبسي.
من الواضح أنَّ معظم المرشحين من العائلة الوسطية ، وتجمع أسماء محسوبين على “الدساترة” وفيها “قدماء” ممّن كانوا في الصفوف القيادية الأولى لحزب “نداء تونس” التاريخي ،فشلوا في تقديم مرشح توافقي بينهم، مثلما فشلوا في تقديم قائمات مشتركة عند ترشحهم للانتخابات البرلمانية المقررة ليوم 6 تشرين الأول /أكتوبر المقبل، هؤلاء سيشتغلون في حملاتهم على ذات المخزون الانتخابي أي أنهم سيتنافسون على ذات “الجسد” الذي كان يمثل الحزام القاعدي لحزب”نداء تونس”: وهذا معطى سيكون له تأثير عميق على حظوظهم بل قد يسقطهم برمتهم من الدور الأول باعتبار تشتّت الاصوات وتوزعها غير العادل على أكثر من مرشح من ذات العائلة..
تدل المؤشرات على أن المرشحين المحسوبين على العائلة الوسطية (أو المنظومة التقليدية)سيمضون في قرار ترشحهم من دون أن ينسحب أي منهم لمصلحة مرشح آخر، غير أن لجوء القاعدة الناخبة لهؤلاء المرشحين إلى “التصويت المفيد” لأحد المرشحين يظل واردًا، لا سيما في الدور الثاني .
ثانيًا: مرشحو تيار الإسلام السياسي
صوّت مجلس شورى حركة النهضة التونسية، يوم 7 آب/ أغسطس 2019، لفائدة ترشيح نائب رئيسها، رئيس مجلس نواب الشعب (البرلمان التونسي)، عبد الفتاح مورو، للانتخابات الرئاسية المقرّر إجراؤها منتصف أيلول/ سبتمبر 2019، بأغلبية 98 صوتًا من دون اعتراضات، ومع تحفظ خمسة أعضاء على القرار. ويأتي حسم شورى “النهضة” في مسألة الترشح للانتخابات الرئاسية، بعد أشهر من الجدل داخل أطر الحركة وخارجها، بين من يرى ضرورة تقديم مرشحها الخاص ومن يذهب إلى دعم مرشح من خارجها.
وهناك مرشحون محسوبون على تيار الإسلام السياسي وعلى رأسهم حمادي الجبالي رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام السابق لحركة “النهضة” ، إلى جانب عضو مجلس الشورى السابق حاتم بولبيار، وجميعهم حصلوا على تزكيات من نواب “النهضة” لدعم ملف ترشحهم ومنافسة مرشح الحركة الأساسي. كما يُعد كل من الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي وسيف الدين مخلوف وأستاذ القانون الدستوري قيس سعيد من المرشحين الذين يحظون بتقدير ومساندة أنصار “النهضة” وقواعدها، لاعتبارهم مرشحي “منظومة الثورة”. وحتى أن سبعة نواب من “النهضة” ساهموا في دخول المرزوقي السباق الرئاسي بتزكيتهم لترشحه لاعتبارات “تاريخية وحقوقية وثورية”.
يُعَوّلُ المرشحون من تيار الإسلام السياسي في الواقع -على ذات المخزون الانتخابي لحركة النهضة الاخوانية والتي سيتوزع ريعها بتفاوت على جماعتها مع حظوظ أوفر للاخواني عبد الفتاح مورو المرشح المعلن لحركة النهضة والتي ستعمل على الدفع به الى الدور الثاني وقد يكون له ذلك ـ بالفعل ـ مع سقوط متوقع للهاشمي الحامدي والمرزوقي وحمادي الجبالي اضافة الى محمد عبّو القريب من هذه العائلة ولا يخفي -بدوره ـ تعويله على المخزون الانتخابي لحركة النهضة والتي كان منتميا لحكمها في فترة الترويكا.
ويعيش حزب الدكتور المرزوقي مصيرا مماثلا، حتى أنه تخفى تحت مسمى سياسي هلامي “تونس أخرى” ليشارك في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وبقاؤه مرهون بإرادة الدكتور المرزوقي الذي يتقدم للاستحقاق الرئاسي بماضيه السياسي بلا بمشروع سياسي جديد. ثالثًا :مرشحو العائلة اليسارية
ظاهرة الانقسام والتشرذم نفسه برزت كذلك بين مرشحي العائلة اليسارية ، فقد ترشح من “الجبهة الشعبية” اليسارية السابقة التي تم الإعلان عن ميلاد ها بمناسبة ندوة صحفية انعقدت يوم 26 سبتمبر 2012 بنزل الديبلوماسي بتونس العاصمة وذلك بهدف استكمال الأهداف الكبرى لانتفاضة 17 ديسمبر 2010 / 14 يناير2011 التي سميت ثورة من قبل أغلب المكونات رغم احتراز بعض المؤسسين على ذلك.
أبرز المرشحين حمه الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة والحزب العمالي ،والمنجي الرحوي القيادي في حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد الذي كان يتزعمه  شكري بلعيد. وهناك عبيد البريكي القيادي النقابي الذي أسس حزب “حركة تونس إلى الامام” في شهر مارس 2018.
اليسار ـ بدوره ـ يدخل الانتخابات الرئاسية مشتّتا وبحظوظ لا تكاد ترى خاصة بعد انفراط الجبهة الشعبية الى جبهتين واحدة يمثلها حمة الهمامي والثانية يمثلها القيادي الوطدي المنجي الرحوي ومن المتوقع ان لا يتجاوز القياديان الدور الأول وهما يعوّلان على ذات المخزون الانتخابي الغاضب بشدة على الطرفين…
فالجبهة الشعبية اليسارية المؤلفة من أحزاب اليسار الراديكالي وشخصياته المستقلة تفككت واختصمت مكوناتها قبل الانتخابات، بما أضعف حظوظها دون المستوى الذي فازت به في 2014، حيث كانت لها كتلة معارضة من 15 نائبا. وهي تتقدم للانتخابات الرئاسية بثلاثة مرشحين لهم نفس الخطاب، وسيكون لصراعهم الآن أثر سلبي على احتمالات التنسيق والتعاون في التشريعية القادمة.
رابعا:المرشحون الشعبويون
يبقى من وصفوا ب”المرشحين الشعبويين” من بين ألغاز الانتخابات التونسية المقبلة في محطتيها الرئاسية والبرلمانية.فقد صنفت أغلب استطلاعات الرأي عددا من المرشحين “الشعبويين” في الصدارة، ورجحت فوزهم بالمراتب الأولى.
يتقدم هؤلاء رجل الأعمال والإعلام وصاحب قناة نسمة التلفزية نبيل القروي :رئيس حزب”قلب تونس” الذي تشكل حديثًا،والجامعي المستقل أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد ورئيس فريق النادي الأفريقي السابق سليم الرياحي والإعلامي محمد الهاشمي الحامدي ومحافظ العاصمة السابق عمر منصور، والقيادية السابقة في الحزب الحاكم في عهد بن علي المحامية عبير موسى، التي أسست حزبا تعهد بحل حركة “النهضة” وحظر “كل أحزاب الإسلام السياسي” في صورة فوزها.
تداعيات اعتقال نبيل القروي على الانتخابات الرئاسية
الحدث الذي عكر صفو الانتخابات الرئاسية التونسية وشفافيتها ،والمسار الديمقراطي برمته ، هو قراراعتقال نبيل القروي المرشح للانتخابات الرئاسية وأخيه غازي، مدير حملته الرئاسية، يوم 23أغسطس/آب2019. قرار اعتبره الأخوان وحزبهما قلب تونس محاولة لضرب المترشح للرئاسية والمَسِّ من مصداقيته خاصة في ظل الشعبية التي يتمتع بها وفق ما عبر عنه الحزب والمترشح لاحقًا، وتطور الأمر خلال أقل من 15 يومًا لتصدر عن دائرة الاتهام المختصة بطاقتي إيداع بالسجن في قضية غسيل أموال رُفِعَتْ ضِدَّ الأخوين في 2016، من قبل منظمة “أنا يقظ” غير الحكومية.
المرشح نبيل القروي حقق شعبية كبيرة بسبب المساعدات الاجتماعية التي يشرف على توزيعها عبر جمعية خليل تونس على الفقراء في معظم القرى النائية من الجمهورية التونسية،في غياب الدور الاجتماعي للدولة والتقصير في الاتصال المباشر بالشعب، وهوما ما جعله يحتل المرتبة الأولى من قبل بعض المؤسسات المعنية بسبر الآراء ،وهذا يشكل تهديدًا مباشرًا على المرشح يوسف الشاهد، و حليفته حركة النهضة التي تعتبر نبيل القروي خطرًا عليها ، لأنّه ينافسها على افتكاك مخزونها الإنتخابي من الفئات الشعبية المهمشة ،سيما وأنّه صاحب وسيلة إعلامية “قناة نسمة”الفضائية التي يعشقها الفقراء والطامعون وعشاق المسلسلات التركية، وأصبح يلقب في تونس ب”برلسكوني ” رئيس الحكومة الإيطالي السابق
نبيل القروي متهم بتبييض مبالغ مالية هامة وكذلك بالتهرب الضريبي، حيث أن هذه القضايا أثارتها منظمة “أنا يقظ” منذ 3 سنوات تقريبًا، لكنَّ اختيار التوقيت في عملية البت فيها كانت له نتائج عكسية زادت من شعبية القروي مرة أخرى.فأن يصدر قرار ايقاف القروي أثناء العطلة القضائية وعند انطلاق السباق الرئاسي، فإنَّ الأمر يدعو الى الشَكِّ والريبة و توجيه أصابع الاتهام إلى خصومه السياسين ، ولا سيما إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد.
ما حصل مع المترشح نبيل القروي من اعتقال في هذه المرحلة الانتخابية الحساسة، اعتبرته معظم الأحزاب السياسية ،وحتى المرشحين، بأنّه يمس من استقلالية القضاء التونسي ، الذي لا يمتلك الثقافة الإستقلالية ، ويخضع في الأعم الأغلب للتوجهات والأوامر الذي تأتيه من السلطة السياسية ، في ضوء تداخل الزمن السياسي مع الزمن القضائي،بدليل أنّ القضاء التونسي لم يَبُتْ طيلة السنوات الماضية في الملفات الشائكة ،التي لها علاقة باغتيال الشهيدين شكري بلعيد، ومحمد البراهمي، ولم يَبُتْ أيْضًا في ملف الجهاز السرّي لحركة النهضة، والعديد من قضايا الفساد .
يوسف الشاهد وتوظيف أجهزة الدولة وتوظيفها لصالح حملته
وهذا ما دفع برئيس الحكومة السيد يوسف الشاهد المتهم بتوظيف وسائل الدولة والملفات لإزاحة خصومه السياسيين ، خلال برنامج ميدي شو يوم الإربعاء 27أغسطس/آب2019،على إذاعة موزاييك آف آم، إلى الدفاع عن نفسه،حين شدّدَعلى استقلالية المرفق القضائي وعدم إمكانية الحكومة التدخل فيه وأن الحكومة عملت على دعم استقلالية القضاء و دعم مؤسساته بما مكنّها من البت في العديد من القضايا ، مضيفًا بأنّه من الخطير استعمال كل الوسائل لشيطنة مؤسسات الدولة وتشويهها ،مشيرًا إلى إن ّتوقيت إيقاف القروي يؤكد أنّ السلطة القضائية مستقلة وتمارس سلطتها بناء على ماتوفر لها من معلومات وليس بناء على تعليمات سياسية.
وأرجع يوسف الشاهد الاتهامات المتكررة التي تطال شخصه الى حربه المفتوحة على الفساد والتي بدأها منذ 3 سنوات، مضيفا بأن الديمقراطية في تونس مهددة بدكتاتورية المافيا التي اصبح لها اذرع في الخارج من خلال تجنيد نواب في الاتحاد الاوروبي لتشويه صورة تونس على حد قوله.
وشدّد يوسف الشاهد على أنّه اختار الدخول في معركة ضد المافيا التي تعلم أنها من غير الممكن ان تتحالف معه وتحمل المسؤولية لافتا إلى إنّ المافيا في حالة هلع ولديها خياران إما افتكاك السلطة والتنفذ في الدولة عبر انتشارها الواسع في الإدارة ومفاصل الدولة أو الانهيار والتفكك.
في الواقع تحدث يوسف الشاهد عن المافيا خارج حزبه فقط، لكنه تجاحل المافيا المتغلغلة في داخل حزب “تحيا تونس، وفضلاًعن ذلك لم يدخل المرشح يوسف الشاهد منذ أن تولى منصب رئاسة الحكومة في شهر يوليو/تموز 2016، في أي حرب ضد مافيا الفساد،ولم ينتهج سياسة الشفافية في محاربة الفساد التي تُعَدُّ أحد ركائز الديمقراطية، لأنّ مافيا الفساد يمثلها رجال الأعمال الفاسدين الذين نهبوا 8مليارات دينار تونسي من البنوك العمومية التونسية، ولم يَرُدُّوهَا، وقد تحولت مافيا الفساد إلى أكبر ممول لأحزاب المنظومة التقليدية ،والإئتلاف الحاكم .وفضلاً عن ذلك، فإنّ مافيا الفساد موجودة في الجمارق التونسية، وفي كل مفاصل الإدارة والدولة التونسية، ولم نسمع أنْ تمَّ اعتقال أي من هؤلاء المافياويين أوالزَجِّ بِهِمْ في السجون التونسية، أومحاكمتهم.
المرشحون الأوفر حظًا في الانتخابات الرئاسية
لا أحد يستطيع اليوم القول بأنه قد ضمن أحد مقعدي الدور الثاني وهذا ما سيجعلنا أمام حملة انتخابية حادة وقد تٌستعمل فيها كل الضربات المباحة وغير المباحة .لكن من الأسماء التي يمكن أن تنجح إلى الدور الثاني، وربما تفوزبمنصب رئاسة الجمهورية ،المترشح عبد الكريم الزبيدي،الذي كان يشغل منصب وزير الدفاع في حكومة يوسف الشاهد، ويتمتع بشعبية كبيرة في أوساط الرأي العام التونسي. والزبيدي (69 عاما) مرشح مستقل لكنه حصل على دعم واسع من شخصيات بارزة وأحزاب ليبرالية من بينها “نداء تونس” حزب الرئيس السابق الباجي قائد السبسي الذي توفي الشهر الماضي. وفي حوار لوكالة “رويترز” قال الزبيدي عن برنامجه الإنتخابي: إنّه سيعدل الدستور في حال فوزه وذلك بهدف إنهاء تشتت السلطات بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وهو أمر يرى أنه يعطل الانتقال الديمقراطي والاقتصادي في البلاد.وأضاف الزبيدي أنه مستعد للعمل مع كل الأطراف بما فيها الإسلاميون طالما احترموا نمط حياة التونسيين.وسيكون فتح سفارة تونسية في دمشق العام المقبل من أولويات الزبيدي “بهدف خدمة مصالح العائلات التونسية هناك ولفك العزلة على الشعب السوري أيضا ورفع التنسيق الأمني”.
-المترشح عبد الفتاح مورو عن حركة النهضة،والذي يمكن أن ينتقل إلى الدور الثاني .
-المترشح نبيل القروي ، الذي تحول إلى بطل بعد اعتقاله.
المترشح يوسف الشاهد رئيس حزب”تحياتونس”، وقد تحدث عن أوليات برنامجه في الانتخابات الرئاسية ، حين شدَّدَ على ضرورة التخلي عن تدخل العائلة في الشأن السياسي كما كان رائجا في فترات الحكم السابقة، إضافة الى العمل على ارساء المحكمة الدستورية في ظرف 6 أشهر من تقلده الحكم ،فضلا عن العمل على إرساء المساواة في الاجور بين الجنسين الى جانب الغاء الحصانة لرئيس الجمهورية وللبرلمان.
كما تعهد يوسف الشاهد بالعمل على خروج تونس من الحياد السلبي في علاقة بالملف الليبي والاستفادة من رئاسة تونس للقمة العربية وعضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن للقيام بمبادرات سياسية لحلحلة الملف الليبي من خلال دعوة الإخوة الليبيين  إلى تونس والجلوس على طاولة الحوار لأن أمن تونس من أمن الشقيقة ليبيا حسب تعبيره، وبإرساء منطقة حرّة للتبادل التجاري بين تونس والجزائر تكون النواة الأولى للبعد المغاربي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى