من صفقة القرن الى ورشة البحرين .. الهدف شطب القضية الفلسطينية 

صفقة القرن هي مشروع صهيوامريكي قديم جديد يحاول الرئيس الامريكي من خلالها تشريع الكيان الصهيوني كقوة عسكرية وامنية واقتصادية قائدة للمنطقة الشرق اوسطية على حساب الشعب والارض والهوية العربية والفلسطينية منذ طرح المشروع الليكودي الصهيوني ما يسمى ” السلام الاقتصادي ” الى مشروع اوسلو الخياني ووادي عربة وما يسمى المبادرة العربية المشبوهة الى احتلال العراق والتي حاول العدو الصهيوامريكي استثمارها وترجمتها على ارض الواقع من خلال ما يسمى الربيع العربي المزعوم واعلان الحرب الكونية على سورية من اجل تقسيمها على قاعدة تعميم ثقافة الفتنة الطائفية والمذهبية لإخراجها من معادلة الصراع العربي الصهيوني كما اخرجوا العراق بعد احتلاله ومصر بموجب اتفاقيات كامب ديفيد الخيانية
لكن سورية صمدت بوحدة شعبها وجيشها وقيادتها بقيادة الرئيس الاسد ودعم ومساندة حلفائها في محور المقاومة والصمود وحققت انتصارات مهمة على معظم الجغرافية السورية .
وبالرغم من انتصارات وصمود محور المقاومة تعمد الرئيس الامريكي ترامب تجاهل هذه الانتصارات والصمود في سورية والعراق والمقاومة في لبنان وفلسطين المحتلة واليمن وايران وحاول استثمار الظروف العربية والفلسطينية والاقليمية الصعبة لترجمة وعوده الانتخابية الى قرارات حقيقية على ارض الواقع لكسب ود اليمين العنصري الامريكي المتطرف واللوبي الصهيوني خلال فترته الرئاسية الاولى التي افتتحها بعقلية التاجر ومنطق الربح والخسارة وعلى قاعدة ” امريكا اولاً ” وليس بمنطق رجل الدولة مما ازم الوضع الداخلي الامريكي وخاصة بعدما اصطدت قراراته الفردية بمعظم النواب الامريكيين سواء من الجمهوريين والديمقراطيين ولم تنحسر الازمة في الداخل الامريكي بل استولدت ازمات خارجية وخاصة مع اقرب المقربين من حلفاء الادارة الامريكية بشكل عام وحلفائه بشكل خاص فوضع نفسه امام مصاعب وازمات حقيقية اضعفت الدور الامريكي على الصعيد العالمي وافقدته الثقة والمصداقية والتوازن.
وانطلاقا من هذه المعادلة تعمد الرئيس ترامب الهروب من ازمته الداخلية والخارجية بإطلاق ما يسمى صفقة القرن التي تجاوزت حدود تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني لتستهدف كل اطراف محور المقاومة والصمود وعلى قاعدة سياسة القضم والقرض حسب الاولويات التالية :
اولاً : بدأ اعلان ما يسمى الصفقة بالاعتراف بالقدس عاصمة موحدة لما يسمى الدولة اليهودية ونقل السفارة الأمريكية من ارضنا المحتلة عام 1948 الى القدس المحتلة عام 1967 وترافق هذا الوعد مع قرار حجب المساعدات الامريكية عن المؤسسة الدولية الأونروا لمحاصرتها وانهاء دورها كونها كانت وما زالت شاهد العصر على ابشع جريمة لم يشهد العصر الحديث مثلا لها كمقدمة لشطب وتصفية حق العودة للاجئين الفلسطينيين للأرض التي شُردوا منها بقوة المجازر والمذابح الجماعية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في الاراضي المحتلة عام 1948 .
ثانياً : وبعد تهويد القدس اطلق اعلانه الثاني الذي اعترف بالجولان العربي السوري تحت سيادة الكيان الصهيوني من خلال تغريداته التي تعتبر مواقف فردية تجاوزت المؤسسات الامريكية كما تعتبر تناقضا صارخا لكل القوانين الدولية وقرارات الامم المتحدة الخاصة بقضية القدس والجولان العربي السوري المحتل .
ثالثا : تعمد التاجر الامريكي ترامب تشديد الحصار على سورية والجمهورية الاسلامية الايرانية معتقدا ومتوهما أن ما فشلت القوة الصهيوامريكية الارهابية بتحقيقه ربما يحققه بسياسة الحصار والتهديد والوعيد وخاصة بعدما قرر رسميا إدراج الحرس الثوري الإيراني في قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية في سابقة خطيرة ستكون الأولى لتصنيف واشنطن جزءا من حكومة أجنبية إرهابا مما أثار هذا الإجراء مخاوف كثيرة داخل الولايات المتحدة من احتمال نشوب حرب بين القوات الايرانية والقوات الامريكية في المنطقة وخاصة بعدما صنفت ايران في خطوة جوابية القوات الأميركية المنتشرة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بأنها قوات ارهابية إرهابية وفي نفس السياق حذر السيناتور الجمهوري راند بول إدارة الرئيس الأميركي ترامب من الإقدام على إعلان الحرب على إيران، مشددا على أن البيت الأبيض لا إذن لديه بفعل ذلك دون سماح له من الكونغرس الامريكي .
لذلك تعمد الرئيس ترامب العمل من اجل تشكيل ما يسمى الناتو العربي للقيام بالمهام الارهابية القذرة سواء بتشديد الحصار على الجمهورية الاسلامية الايرانية وسورية وكل اطراف محور المقاومة وربما فتح بوابة الحرب على ايران باعتبارها اصبحت تشكل التهديد الاساسي على المصالح الصهيوامريكية في المنطقة وعلى الانظمة العربية المتصهينة في الخليج العربي كما يزعمون
ولم يكتفي الرئيس الامريكي بذلك بل وضع معظم فصائل المقاومة على القوائم الامريكية السوداء بحجة انها ارهابية من حزب الله وحركة امل في لبنان الى معظم الفصائل الفلسطينية المقاومة الى الحشد الشعبي بالعراق الى قيادات المقاومة الشعبية في اليمن ومعظم الاحزاب والقوى والشخصيات المقاومة التي تواجه الاحتلال والعدوان والطغيان .
رابعاً : ان التاجر ترامب قاتل اطفالنا في شمال وشرق سورية والعراق تعمد تصفية القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وتحويل معادلة الصراع العربي الصهيوني الى معادلة للصراع العربي الايراني بعد فتح بوابة التطبيع بين الانظمة العربية المتصهينة بقيادة النظام الوهابي التكفيري السعودي مع الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة كمقدمة لتشكيل ما يسمى الناتو العربي المزعوم .
لكن المشروع الصهيوامريكي اصطدم بالرفض الفلسطيني الشامل بعد اعلان الاعتراف بالقدس عاصمة موحدة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الامريكية اليها
وبالرغم من الرفض الفلسطيني الشامل لما يسمى ” صفقة القرن ” اعتقد صهر الرئيس الامريكي كوشنير متوهما كما اشار الكثير من الخبراء الامريكيين أنه يأمل بطرح مغريات اقتصادية استثمارية كبيرة على الفلسطينيين لتعوض خسارتهم السياسية المتوقعة من الصفقة الصهيوامريكية وهو ما أطلق عليه روبرت مالي “فانتازيا كوشنير حول سلام الشرق الأوسط” المزعوم بعدما اعتقد متوهما ان الشعوب العربية اصبحت جاهزة للموافقة على صفقة القرن المزعومة
وبعدما فشلت ادارة ترامب فرض صفقة القرن المزعومة على الفلسطينيين حاولت الهروب خطوة الى الامام لعقد ما يسمى ” ورشة البحرين الاقتصادية ” في المنامة لتمرير صفقة القرن ولكن بعناوين اقتصادية مرفوضة فلسطينيا من اجل تحقيق اهداف سياسية لكن الشارع العربي تحرك رفضا لما يسمى صفقة القرن المزعومة وورشة البحرين الخيانية ليؤكد للعالم اجمع ان قضية فلسطين وحقوق الشعب الفلسطيني والقدس والجولان المحتل ما زالت متجذرة في وجدان وضمير معظم شرفاء الامة التي تعتبرها خطوطا حمراء لا يمكن المساس بها مما اقلق الانظمة العربية المتصهينة وحلفائهم واسيادهم بقيادة العدو الصهيوامريكي الذي اطلق سياسة التهديد والوعيد لرئيس ما يسمى سلطة الحكم الذاتي محمود عباس وخاصة العمل على فتح بوابات الهجرة للفلسطينيين الى الولايات المتحدة الامريكية وكندا واستراليا واوروبا لإفراغ الاراضي الفلسطينية المحتلة من شبابها وكذلك مخيمات الشتات في لبنان والاردن وسوريا لفرض صفقة القرن على الفلسطينيين والعرب والمسلمين بالقوة لإعادة تشكل المنطقة على قاعدة سايكس بيكو جديد لتحقيق الاهداف الصهيونية التي تتطلع ” لحدود اسرائيل من الفرات الى النيل ” وعلى قاعدة تحقيق ما يسمى النظام الشرق اوسطي الجديد بلا هوية وطنية او انتماء عربي .
وبالرغم من حالة الجدل القائمة بهذا الخصوص ما هو المطلوب على الصعيد الفلسطيني بعد الرفض الشامل لما يسمى صفقة القرن وورشة الخيانة البحرينية ودعوة السفير الامريكي الذي اعطى الحق للكيان الصهيوني بضم وتهويد اجزاء اخرى من الضفة الغربية المحتلة ؟؟
المطلوب بصراحة بعد مواقف حركة فتح في رام الله وسلطة الحكم الذاتي التحرك العاجل بعد هذا الموقف الذي يعتبر خطوة مهمة وايجابية لكنها غير كافية وتحتاج لخطوات تبدأ بالدعوة للاطار للقيادي الفلسطيني المؤقت واجراء حوار وطني شامل يقوم على اساس حل سلطة معازل اوسلو وسحب وثيقة الاعتراف بالكيان الصهيوني من طرف واحد والغاء التنسيق الامني والاقتصادي وعقد مجلس وطني بمشاركة كل الفصائل والقوى والشخصيات والاتحادات الشعبية واللجان والهيئات الوطنية لاستعادة وحدة م . ت . ف على اسس سياسية وتنظيمية مقاومة كحركة تحرر وطني واعادة الاعتبار لميثاقها الوطني المعدل عام 1968 واعادة صياغة برنامجاها الوطني المقاوم وانتخاب قيادتها لتشكل المرجعية الوطنية لقيادة الشعب الفلسطيني الى جانب قيادات محور المقاومة في مواجهة الاحتلال الصهيوني واستعادة كامل الاراضي العربية المحتلة وتحريرها واجتثاث الغدة السرطانية الصهيونية من قلب الامة .
[email protected]

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى