تحرير ادلب.. هدف استراتيجي للجيش السوري ولكن التكتيكات الميدانية متنوعة 

تحتدم المعارك في إدلب وأطراف محافظة حماة بشكل كبير هذه الأيام، حيث يدافع المسلحون في سوريا عن حصنهم الأخير بينما تتقدم قوات الجيش السوري لاستعادة المعاقل الأخيرة من قبضة المسلحين، وعلى هذا الأساس يستخدم المسلحون طاقتهم القصوى للبقاء في مواقعهم، والحفاظ عليها، وشنّ هؤلاء هجوماً معاكساً على الجيش السوري لاستعادة بعض المناطق التي خرجت عن سيطرتهم إلا أن الجيش السوري استوعب هذا الهجوم خلال ساعات قليلة من ليلة “الجمعة – السبت”.

الهجوم المعاكس حصل على محور محردة ـــ السقيلبية، ما اضطر الجيش السوري إلى الانسحاب من بعض المناطق لاستيعاب الهجوم الشرس الذي شنّه المسلحون وبعد ساعات تخللها وصول مساندات وتعزيزات وصلت إلى مناطق انتشار الجيش، تمكّن الأخير من استيعاب الهجوم، واستعادة السيطرة على محيط قرية كفرهود وتل ملح، وتحت غطاء مدفعي كثيف، أُجبرت الفصائل على الانسحاب من تل ملح، على الرغم من تفجير “تحرير الشام” سيارة مفخخة يقودها انتحاري على الطريق بين تل ملح، والجلمة في محاولة للتقدم نحو الأخيرة، على طول الخط الواصل بين محردة والسقيلبية.

وذكرت الوكالة العربية السورية للأنباء “سانا”، أن “الجيش استوعب هجوماً لمجموعات إرهابية على نقاط المواجهة” بعد اشتباكات عنيفة مع مقاتلين خلال الليل، وأضافت إن المقاتلين أطلقوا قذائف مدفعية على قرية في ريف حماة الشمالي.

وحتى اللحظة لاتزال الاشتباكات العنيفة التي يخوضها الجيش السوري مع التنظيمات الإرهابية على محور بلدة الجبين الاستراتيجية في ريف حماة الشمالي، بهدف استعادة السيطرة عليها مستمرة.

وبالتزامن مع المعارك الشرسة التي تدور حالياً هناك بدأ مقاتلو تنظيم “جبهة النصرة” الإرهابي بشنّ هجوم على مواقع الجيش على محور الحماميات- كرناز بريف حماة الشمالي الغربي، وقال مصدر عسكري سوري “إن قوات الجيش تمكّنت من استيعاب محاولة الهجوم هذه، إذ دارت اشتباكات عنيفة أسفرت عن تدمير ثلاث مصفّحات ودبابتين للمسلحين دون تغير بخارطة السيطرة، موضحاً أن وحدات الجيش انسحبت أمام الهجوم من بعض النقاط المتقدّمة على محور الحماميات، ومع إفشال محاولة الهجوم للمسلحين تم استعادة السيطرة على كامل هذه النقاط، بعد إلقاء القبض على عدد من إرهابيي “النصرة” في محوري كرناز وتل الملح، من خلال كمين محكم نفذه جنود في الجيش السوري.

وأضاف المصدر إن السلاح الحربي السوري الروسي المشترك قد نفذ سلسلة من الغارات الجوية، مستهدفاً مواقع الإرهابيين في اللطامنة وكفر زيتا والزكاة والأربعين، ومحيط مورك وخان شيخون وبلدة الصياد بريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، قاطعاً خطوط إمداد التنظيمات الإرهابية المسلحة من ريف إدلب باتجاه ريف حماة الشمالي.

وتأتي أهمية هذه المعارك من كونها تمثّل إعلان نهاية الأزمة في سوريا من خلال نهاية المعارك المباشرة مع المسلحين، وبالتالي فإن استعادة السيطرة على إدلب وريف حماة ستكون بمثابة نهاية الحرب في سوريا، وستبدأ الحكومة بعدها بإعادة الإعمار، وبهذا يطوي السوريون صفحة سوداء مرّت على تاريخ البلاد.

الأهم أن الجيش السوري يريد تخليص هذه المناطق من ويلات الإرهابيين وجرائمهم، لأن الميليشيات الموجودة في تلك المناطق مازالت حتى اللحظة تستهدف المدنيين، والبنى التحتية، وبشكل خاص محطات الكهرباء.

حالياً يتحصّن المسلحون بالمدنيين ويستخدمونهم كدروع بشرية، لمنع تقدّم الجيش السوري، واستعادة المناطق الخارجة عن سيطرته، هذه الحركة كرّرها الإرهابيون على مدار عمر الأزمة، وكانوا دائماً يتحصّنون بالمدنيين، لكن هذه المرة أكثر من أي مرة سابقة لأنهم يعلمون أن نهايتهم أصبحت وشيكة.

في هذا الإطار يقول الخبير السوري حسام شعيب: لا شكّ أن العملية التي يقوم بها الجيش السوري هي عملية حاسمة جداً، وفي نفس الوقت ليست سهلة، الجيش السوري والحلفاء يقاتلون جيشاً نظامياً، ويمتلك الآن أسلحة متطوّرة، والتي وصلت لتلك المليشيات مؤخراً من تركيا، وهناك صواريخ ومضادات للطائرات وصلت إلى تلك التنظيمات، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة، والتي وصلت إلى قاعدة “حميميم”، وهو الأمر الذي أحرج الجانب الروسي، والذي يرعى الاتفاقات الدولية التي تم التوصل إليها في أستانا وسوتشي”.

وأشار “شعيب” إلى أن “تركيا استغلت خلال الفترة الماضية من توقف القتال، لإعطاء فرص جديدة للمجموعات الإرهابية لاستجماع قواتها وجلب عناصر جديدة من تركيا وإن لم تكن تحمل سلاحاً، نحن نعلم أنه ليس كل من هم داخل إدلب يحملون سلاحاً، هناك ما يقارب مليون مدني محتجزون تحت تهديد الإرهاب”.

وأكد الخبير السوري “أن المعركة مستمرة ضد تلك الجماعات الإرهابية ولن تتوقف حتى يكون هناك تحرير حقيقي لإدلب، الأمر الذي أدّى إلى كثرة تخبّط واستياء الجانب التركي”.

ولفت حسام شعيب إلى أن “سقوط ورقة إدلب من تركيا والمجموعات الإرهابية لن يكون تأثيره السلبي على تركيا فقط، بل سيمتد إلى الجانب الأمريكي بالمقابل، لذا فإن الأمريكيين يركّزون على مناطق أخرى الآن في الجزيرة السورية ومناطق شرق الفرات”.

وأشار شعيب إلى أنه في المعارك القادمة في ريفي حماة وإدلب، سوف يقوم الجيش السوري بعمليات تكتيكية عالية وفقاً لخبراته الميدانية الكبيرة خلال السنوات الماضية من الحرب، وبشكل خاص من سلاحي المشاة والعناصر المقاتلة، بالإضافة إلى سلاح الجو الروسي الذي يلعب دوراً مهمّاً في تلك المعارك، لضرب أهداف بعينها، وهو الأمر الذي أحرج الجانب التركي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى