ناصر ٦٧

ربما يتفق معظم المؤرخين على أن أعظم مواقف جمال عبد الناصر كانت في تأميم قناة السويس وتعامله مع الأحداث التي تتابعت بعد ذلك التأميم. وربما يرى الكثيرون أنه، بالمقابل، كانت النكسه العسكرية سنة ١٩٦٧ هي أكبر إخفاقاته. ومع أن جروح النكسة كانت عميقة جداً وأدت، كما نظن، إلى وفاته المبكره سنة ١٩٧٠ إلا أنني أعتقد أن التاريخ سيذكر مواقف جمال عبد الناصر بعد النكسه وإلى يوم وفاته بأحرف من نور. وسأوضح في هذه المقاله كيف أن تلك الأوقات العصيبه صنعت من البطل أسطورةً قلما تتكرر في التاريخ.

لم تكن إسرائيل وحدها الرابحة  سنة ١٩٦٧، فقد شاركها في انتصارها طرف آخر، لا يقل عداءً للعرب والعروبه، وهم الإخوان المسلمون الذين وجدوا في هزيمة الجيش المصري بالذات فرصة كبرى للنيل من عدوهم اللدود جمال عبد الناصر وكل ما وقف من أجله من مبادىء. موقف الإخوان المشين من الهزيمة العسكرية أصبح أكثر وضوحاً بعد أن أخرجهم السادات من السجون وسلّمهم مفاتيح الإعلام والمساجد  والجامعات. وإعتراف الشيخ الشعراوي بأنه صلى شكراً لله  على هزيمة ١٩٦٧ ”لإن الجيش كان كان يقاتل بالسلاح الشيوعي“ يدل على مستوى الخيانه المخزي وتفاهة التبرير الذي يتباها به الإخوان الآن.

وفي حقبة الخمسينات والسينات، دأب إعلام الإخوان  وأعوانهم من أعداء حركات التحرر العربي على مهاجمة عبدالناصر والمزايده عليه والادعاء بأنه لن يحارب إسرائيل وأن كل ما يفعله هو ضرب من الجعجعات و العنتريات الجوفاء، وحجتهم كانت دائماً ” لماذا يُبقي على قوات الطوارىء الدوليه في تيران؟”. كان همُّ الإخوان وقوى الرجعيه العربيه هو الزج بمصر في معركة مبكره مع إسرائيل بأمل كسر شوكتها وإسقاط عبدالناصر. وللمفارقه فقط نذكر أن الإخوان لم ينتقدوا وقتها أي حاكم عربي آخر وكأن سائر الحكام العرب وقتها كانوا صادقين في إسلامهم ونيتهم بتحرير فلسطين!

نكسه أم هزيمه؟

 يسخر الإخوان وشاكلتهم من أعداء سياسة الزعيم الخالد من وصف حرب ١٩٦٧ بالنكسة ويعتبرون ذلك دليلاً على ”الخداع“ الذي كان يمارسه نظام عبدالناصر. ومع  أنه فعلاً إستعمل  عبد الناصر وصف النكسة في خطاب التنحي إلا أنه أشارإليها عدة مرات كَ ”هزيمه“ و ”إنتصارٌ إسرائيلي ساحق ”. ولا أعتقد أن فصاحة الكلام كانت وقتها همٌّ عبدالناصر وشغله الشاغل في تلك اللحظات العصيبه، ومع ذلك فهل كانت نكسه أم هزيمه؟

تتحقق الهزيمه  عندما يعترف المهزوم بها ويستسلم، أو في حالة الإباده التامه للمهزوم، و ما دون ذلك لا تتحقق الهزيمه مهما كان سوء الوضع العسكري للفريق المهزوم. تحققت هزيمة ألمانيا فقط عندما إستسلم الجنرالات الألمان بعد سقوط برلين على يد الجيش الأحمر وإنتحار هتلر. وعندما هاجمت ألمانيا الإتحاد السوفياتي في صيف عام ١٩٤١ وإحتلت مساحات شاسعة جداً من أراضيه وقتلت وأسرت الملايين من أفراده ودمرت عشرات الآلاف من الدبابات والطائرات، لم يعتبر أحد وقتها أن الإتحاد السوفياتي هٌزم في الحرب العالميه رغم خسائره الهائله، وذلك لأنه لم يستسلم وإستمر في القتال حتى النصر.

إنتهت حرب ١٩٦٧ بخسائر  كبيره للجيوش العربيه وإحتلال سيناء والضفة الغربيه والجولان، لكن العرب رفضوا الإستسلام وأصرو على مواصلة القتال. لذلك  تبقى ١٩٦٧، رغم مرارتها، نكسة عسكرية مريره ومؤلمة جداً في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي. المؤسف أن  الهزيمة تحققت بعد ذلك بسنوات في كامب ديفيد ومعاهدات الاستسلام التي تبعتها.

وللتاريخ أريد أن أذكر أن هزيمة الجيوش العربيه سنة ١٩٦٧ لم تكن أمراً شاذاً أو فريداً في التاريخ العسكري. فكل دول غرب أوروبا سقطت أمام الجيش الألماني خلال أسابيع، بما في ذلك فرنسا التي أنشأت خط ماجينو الدفاعي الشهير. كما أضطرت القوات البريطانيه، التي كانت تزيد على ٣٠٠ ألف جندي، للإنسحاب من دنكرك في شمال فرنسا تاركة كافة معداتها للألمان. و كذلك هُزمت جيوش الإتحاد السوفياتي أمام هتلر في الأشهر الأولى من الحرب وإستسلم  وقتل مئات الآف وأبيد معظم طائرات سلاح الجو السوفياتي وهي قابعة على الأرض ( وكانت آلاف الطائرات) ووصلت القوات الألمانيه إلى مشارف موسكو وليننغراد. لكن الإتحاد السوفياتي لم يستسلم ولم ينهار بل قاتل ببساله مذهله لم يعرف  التاريخ البشري  لها مثيلاً وحقق أكبر إنتصار على أكبر قوة عسكريه على الأرض ودخل برلين فاتحاً منتصراً. لا يستطيع أحد في الدنيا الآن أن يقول أن الإتحاد السوفياتي هُزم في الحرب العالميه الثانيه رغم الملايين من القتلى والمئات من المدن والقرى التي تم تدميرها.

بل أنه في حالة مصر ذاتها  لا أجد مناصاً من أن أذكر معركة أخرى، حديثه نسبياً، هُزمت فيها مصر ولم تكن نتيجة الهزيمه خسارة سيناء فقط بل كانت خسارة مصر كلها، ألا وهي معركة الجيزه بين قوات نابليون والقوات العثمانيه (دوله عظمى) التي كانت تحتل مصر. دامت المعركه ساعه واحده فقط! لكن الإخوان طبعاً لا يذكرون تلك المعركة لأنهم لا يريدون أن يعرضوا تاريخ الدوله العثمانيه للأذى.

القاده بين النصر والهزيمه

عبر التاريخ، دافع قادة الشعوب عن بلادهم فمنهم من إنتصر ومنهم من هُزم. الهزائم دائماً منكره لكن وقوعها كان دائماً  أمراً وارداً. وطبعاً، العار ليس في الهزيمة وإنما في الإستسلام. على أنه  في التاريخ الحديث، لم يعد مقبولاً إطلاقاً أن يقاس نجاح القاده بعدد انتصاراتهم العسكريه بل بنجاح سياساتهم وإداراتهم بشكل عام من الزوايا الإجتماعيه والإقتصاديه والتنمويه ..الخ. فقد إنتصر جورج بوش انتصارات عسكريه باهره لكنه كان قائداً فاشلاً مقيتاً، بينما مُني نابليون بهزائم فادحه (فقد أٌبيد ٩٠٪ من جيشه الجرار في روسيا، وقبل ذلك هزم في معارك أخرى) ومع ذلك يُعتبر نابليون أعظم حاكم في تاريخ فرنسا. في حالة مصر، فإن إنجازات عبد الناصر في التعليم والتصنيع والمساواه الإجتماعيه وتأميم القناه وبناء السد العالي أموراً تُنغص على قلوب أعدائه فلم يبقى أماهم سوى إستعمال النكسه كغطاء أسود يخفون ورائه كل ما وقف عبدالناصر من أجله من مبادىء وما حققه من  إنجازات.

ناصر ٦٧

في التاسع من يونيو ١٩٦٧ وبعد أن تأكدت هزيمة الجيش المصري في تلك الحرب الخاطفه، أعلنت الإذاعه المصريه أن جمال عبدالناصر سيتحدث إلى الأمه.. لقد مرت على كل منا مواقف قاسية وعصيبة حين تَسْوَدُّ الدنيا وتضيق بما رحبت ولا يبقى للرجل إلا أن ينزوي ولا يكلم أحداً أو يرى أحداً حتى أعز الناس إليه. نوائب الدهر ومصائبه كثيرة ولا تستثني بشراً، وما وقع لعبد الناصر سنة ١٩٦٧ لم يكن فقدان عزيز أو خسارة ثروة عمر، بل كان أكبر من ذلك وأمرُّ بكثير وأجلّ وأفدح. ورغم كل ذلك فقد آلى عبد الناصر على نفسه إلا أن يواجه أمته مباشرة ويصارحهم بالأمر. ويذكر محمد حسنين هيكل أن عبد الناصر راجع خطاب التنحي، الذي صاغه له هيكل بناء على طلبه، حتى مرَّ على عبارة ” أتحمل مسئوليتي كاملةً“ فشطبها وغيرها إلى ” أتحمل المسئولية كلها“. وإستجمع عبد الناصر قواه، كأحسن ما يمكن لبشر أن يستجمع قواه في مثل تلك الظروف، وظهر أمام شعبه في التلفزيون قائداً مهيباً متماسكاً، فما أهم من تماسك القائد أمام شعبه في لحظات الهزيمه. كان رحمه الله مدركاً لمسئولياته وواجباته ويعرف أن للزعامة حقوقاً لا بد من إحترامها حتى في ذلك الموقف الرهيب العصيب الذي ينهار فيه أعتى الرجال.

وأنصتت جماهير الشعب العربي إلى الزعيم الذي وضعت فيه كل ثقتها وآملها. و رغم تماسكه وهيبته التي حباه الله بها، كان بادياً عليه من بريق عينيه ونبرات صوته، أنه كأنما كان يحمل أعباء الدنيا على كتفيه. أنصتت الجماهير إلى جمال عبد الناصر وهو يخبرهم  بما تمنوآ أن لا يسمعوه أبداً وهو أن الهزيمة قد حاقت بجيوشهم. وفي سابقة لم يعرف التاريخ العربي ولا التاريخ العالمي لها مثيلاً أعلن عبدالناصر أنه يتحمل المسئولية كاملة عن كل ما حدث  ثم قدم إستقالته من كل مناصبه الرسميه ليعطي للشعب حرية إختيار طريق المستقبل. وطبعاً كان يدرك تماماً تبعات إستقالته وما يعني ذلك من إحتمالات سيطرة بعض المعادين للأمة العربيه على البلاد وما قد يلفقونه له من تهم لمحاكمته وربما إعدامه. لا بد أن كل ذلك دار بخلده ولم يعنيه كثيراً، فقد كان إحساسه بالمسئولية عن كل ما جرى طاغياً. فرغم أنه عمل جاهداً من أجل بناء جيش قوي وذو تسليح حديث وأنه لم يقصّر في توفير الدورات التدريبيه اللازمه لضباط الجيش، لكنه وافق على تعيين قيادات الجيش التي أثبتت أنها فاشله، وكانت نتائج ذلك كارثيه.

كانت كل خطابات جمال عبدالناصر تستقطب الجماهير، لكن ذلك  الخطاب بالذات، مساء التاسع من يونيو ١٩٦٧، ربما إستقطب العرب عن بكرة أبيهم. بل تسمّرت الجماهير العربيه حول أجهزة الراديو والتلفزيون من قبل إذاعة الخطاب وحبست أنفاسها وإستمعت وأنصتت لكل كلمة  كما لم تسمع وتنصت في أي وقت مضى.

كنا نعرف كعرب أن جمال عبد الناصر كان مستهدفاً من إسرائيل والغرب وأعوانهما في العالم العربي، وأن أعداؤه كانوا دائماً يتربصون به ليوقعوا به وليكون درساً لمن قد تسول له نفسه  مستقبلاً أن “يتطاول“ على تلك القوى الإستعماريه  وينادي بحقوق وحرية العرب وكرامتهم. أدركت الجماهير العربيه، والمصريه بالذات،  كل ذلك في لحظه، ونكاية في أعداء عبدالناصر، خرجت تلعن إسرائيل وقوى الإستعمار وترفض الهزيمه وتعلن تمسكها بزعيمها وقيادته ومبادئه التي وقف وحارب من أجلها. وإمتلأت شوارع القاهره بالجماهير الغفيره، التي لم تأبه بظروف الحرب، و ترفض الهزيمه وترفض إستقالة عبدالناصر  وتصر على مواصلة القتال.

إن مجرد أن يقوم قائد مهزوم مهموم بمواجهة شعبه ليخبرهم بأسوأ الأخبار يعتبر أمراً شبه مستحيل لكثرة ما يتطلبه من شجاعة وقوة نفسيه جباره، وهي كلها أموراً لم يعرفها من القاده عبر التاريخ وإلى يومنا هذا إلا جمال عبدالناصر. ربما يتعذر علينا أن نصف بدقة وقع الهزيمه على جمال عبدالناصر لكن  يكفينا أن نقول أنها أصابته بجراح عميقة  وخطيره ولم تمهله أكثر من ثلاث سنوات إنتقل بعدها إلى جوار ربه.

إحتجت الجماهير وإعتصمت في الشوارع مطلبة بأن يسحب جمال عبدالناصر استقالته وتفوضه بالإستمرار في القتال. في يوم ١٠ يونيو ١٩٦٧ أعلن عبدالناصر أنه يرضخ لإرادة الشعب وسيستمر في منصبه ” حتى إزالة آثار العدوان“. لكن عبدالناصر في ١٠ يونيو ١٩٦٧ أصبح قائداً ذو نمط مختلف وذو رسالة واضحة واضعاً إياها نصب عينيه وهي إزالة آثار العدوان، وفي سبيل ذلك الهدف أصبح عبدالناصر لا يعرف في الحق لومة لائم. ففي نفس اليوم عكف الرئيس على خطة لإعادة بناء القوات المسلحه ومن أجل ذلك الهدف إختار ضابطاً ملتزماً صارماً وأيضاً لا يعرف في الحق لومة لائم، وهو الفريق محمد فوزي وإختار لرئاسة الأركان جوهرة العسكريه المصريه الفريق عبدالمنعم رياض .

وبفضل جهود وإستراتيجية القياده الجديدة، نجحت عملية إعادة بناء القوات المسلحة نجاحاً باهراً. بل أن الكثير من الخبراء العسكريين في الغرب أعتبروها معجزة حقيقيه وأنه من غير الإنصاف ذكر هزيمه الجيش من غير ذكر المجهود الذي بذل في إعادة بنائه .  كان قلب عبد الناصر وفكره مع كل مدفع أو دبابة أو طائرة جديده ومع كل خندق يتم حفره ومع كل جندي جديد يتم تعيينه وكذلك مع كل عملية عسكريه تقوم بها القوات المسلحه. أظهرت القطاعات المختلفه في الجيش المصري كفاءات عاليه في تعاملها مع العدو وكان ذلك واضحاً في إغراق المدمره الإسرائيليه إيلات ثم في حرب الإستنزاف المجيده التي أبلى فيها الجيش المصري بلاءً عظيماً.

ناصر بعد ٦٧

من الصفات التي عرف بها عبدالناصر كانت إدمانه على العمل الشاق لساعات طويله، وبعد النكسه كان يعمل ١٨ ساعه يومياً حتى يوم وفاته رحمه الله. لم يكن يغفوا له جفن إلا بعد أن يطمئن على الجبهة وفعالياتها.

إعتقدت إسرائيل وأميركا وأذيالهما في العالم العربي أن إلحاق  هزيمه عسكريه بالجيش المصري سوف يسقط جمال عبدالناصر، أو على الأقل سيُضعفه ويحوله إلى رئيس هزيل بلا نفوذ ولا مصداقية. لكن من مفارقات القدر العجيبه  أن مكانة عبدالناصر العالميه ومكانته في العالم العربي وإفريقيا لم تتأثر. لقد كنت شاباً واعياً في تلك الأيام ولاحظت أنه، شيئاً فشيئاً، وعن غير قصد، بدأت تتشكل حول الرجل هالة خاصه من التقدير و الإحترام ليس فقط بين قادة العالم، بل أيضاً عند القاده العرب الذين ياما ناصبوه العداء. لا أذكر أنني قرأت مقالاً في صحيفة عربيه ولا حديثاً إذاعياً ناقداً للرئيس. بل أنني لمست أن عامة الناس بدأت تبدي حساسية خاصة لأي محاولة للنيل من عبدالناصر وتعتبرها كأنها محاولة للنيل من القضيه العربيه والفلسطينيه. لقد إستمر ذلك الحال حتى الأسابيع الأخيره من حياته عندما وقعت ”الفتنة الكبرى“ بين الفصائل الفلسطينيه والحكومه الأردنيه وما سبق ذلك من رفض بعض الجماعات الفلسطينيه لمشروع روجرز وما تلاه من مجازر أيلول ألأسود التي دفع القائد الخالد حياته ثمناً لإيقافها.

لقد إعتبر العالم أن  وقوف الشعب العربي مع زعيمه في لحظة إنكساره يومي ٩ و ١٠ يونيو ١٩٦٧، وكذلك الإستقبال التاريخي الذي قوبل به في الخرطوم  في نفس العام، بمثابة إستفتاء عفوي كانت نتيجته  واضحه وهي أن الرجل يحظى بدعم الشعوب العربية  كلها وأنه عندما يتكلم فإنه يتكلم بإسمها. نعم، عاش جمال عبدالناصر السنوات الأخيره من حياته كزعيم بلا منازع للعرب وعميداً فوق العاده لكل ملوكهم ورؤسائهم ومع ذلك كان هو أكثر الناس زهداً في ذلك المجد الذي لم يحظ به زعيم من قبله ولا من بعده.

من السهل على المنتصر أن يظهر عظيماً وماأصعب ذلك على المهزوم. ومع ذلك فقد كان جمال عبد الناصر عظيماً حتى آخر رمق في حياته. ويحضرني في هذا ما ذكرته الصحف الإسرائيليه عن قول بعض الساسه الإسرائيليين ” مما يثير حنقنا أن العالم يتعامل مع عبدالناصر وكأنه زعيم منتصر، بينما يتعامل معنا وكأننا خسرنا الحرب“

من أجل كل ذلك أعتبر أن ناصر ٦٧ لا يقل عظمة عن ناصر ٥٦.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى