نكسة حزيران في ذكراها الــ 52

 
نكسة حزيران/ يونيو المؤلمة  التي تمر هذه الأيام ذكراها الــ52 ، تحتاج منا لإعادة تحقيق وفتح ملفات، فهي لم تكن حربا بالمفهوم المعروف للحرب  ولكن كانت عدوانا  مخططا له جيداً، ونجح نجاحا لم يكن العدو نفسه يتوقعه من الضربة الجوية الأولى .
وأغراه ذلك النجاح بمواصلة العدوان واحتلال ما تبقى من فلسطين، ثم الجولان إضافة لسيناء بالطبع، الأمر الذي أذهل القادة الصهاينة وتنبه بعضهم لخطورة هذا النصر الرخيص الذي ما كان له أن يتم لولا الدعم الأمريكي المطلق، وخيانة وعمالة الكثير من عرب الاعتلال .
وما نشره الإعلام الصهيوني ذاته عن خيانة بعض الأنظمة العربية خاصة مجمع الملوك والامراءالعرب يغنينا  عن  الكثير من الجدل والنقاش، ويتحتم علينا إعادة التحقيق في تلك النكسة التي يريد منها الطابور الخامس في وطننا أن تكون كربلاء سياسية للهجوم على أعظم مرحلة من تاريخنا العربي، والتشكيك بها حتى يصبح المواطن العربي يخجل من تاريخه .
فقد كانت هناك رسالة من ملك العربي إلى الرئيس الأمريكي الصهيوني ليندون جونسون يطلب منه ضرب مصر عن طريق الكيان الصهيوني لأجل إسقاط هيبة جمال عبد الناصر، ثم ضرب سوريا ودعم العميل مصطفى البرزاني في العراق لأجل إلهائه عن دوره القومي،  وضرب سوريا الهدف منه حتى لا تحل مكان عبد الناصر بالدعوة للقومية العربية  وإلا سوف تسقط كل العروش من أصدقائكم في المنطقة، كما قال ذلك الملك حرفيا في رسالته .
 
وهناك  ملك آخر كان يسمح بوضع السماعات الجسسية في اروقة القمم العربي التي تعقد في عاصمة بلاده حيث يسمع الموساد كل نقاشات الحكام العرب وبالبث المباشر .
 
وما اعترف به العدو ليس إلا نقطة في بحر،  ولعل رحيل بعض الحكام وأمام هيبة الموت جعلت الإعلام الصهيوني ينسى نفسه وهو يعدد مناقب بعض ما فعلوه  من أجل أمن العدو ووجوده، ويقوم بإطلاق أسمائهم على الأماكن العامة في فلسطين المحتلة وبعض التكريم أصبح يلفت الانتباه .
لذلك لا يوجد أمة من الأمم التي تحترم تاريخها ومستقبل أجيالها تجعل من خسارة معركة كأنها نهاية للتاريخ، وهذا ما يركز عليه الإعلام العربي المتصهين  خاصة التي تفيح منه رائحة النفط .
إن نكسة حزيران ليست نهاية التاريخ وبعد النكسة وحتى أثناء النكسة ذاتها سجلت الجندية العربية والمصرية بشكل خاص بطولات مشرفة ولا سيما في حرب الثلاثة أعوام التي تلت النكسة وعرفت بالاستنزاف  .
وبعد ذلك معركة الكرامة الخالدة التي خاضها الفدائيون الفلسطينيون والجيش الأردني بقيادة الفريق البطل مشهور الجازي رحمه الله الذي هزم بها جيش العدو بقيادة موشيه ديان، وثم حرب أكتوبر التي كانت ملحمة خالدة للجندي المصري والسوري بشكل خاص ، وللأسف كانت السياسة المصرية أقل وأصغر من ذلك النصر الذي حققته الجندية وزحف السادات على ركبتيه يتوسل سيده كيسنجر بعد ثغرة الدفرسوار التي تسبب بها  لتبدأ سلسة التنازلات، بدءا من مفاوضات 101 وصولا لكامب ديفيد وملحقاتها الأكثر سوءاً منها في أوسلو ووادي عربه، وهذا يضع علامات استفهام  كبرى على ما حدث والمفروض أن النصر الذي يتحدث عنه إعلام كامب ديفيد يزيل آثار ما حدث في نكسة حزيران 1967 .
 
ولكن ما تم للأسف حتى من بعض الإعلام المصري المحايد والنفطي هو التركيز على نكسة حزيران بهدف زرع ثقافة الهزيمة، رغم أن العدو الصهيوني لم ينتصر في معركة منذ تلك النكسة التي نطالب بفتح ملفاتها، لان ما حدث من تشكيك بالانجازات العملاقة للمرحلة الناصرية يعطي دليلا لا يقبل النقاش أن ما حدث كان مدبرا  وبتواطؤ من أنظمة عربية معروفة  ، وطيلة  اثنين وخمسين عاما كان هناك تشكيك بالجيش المصري العظيم والأجهزة الأمنية خاصة المخابرات المصرية ومهاجمة قادتها والهدف الزعيم جمال عبد الناصر .
ونتساءل ماذا لو أن كل بلد في العالم تعرض لهزيمة قد فعل كما يفعل السفهاء والخونة العرب؟.
لقد قلنا ونقول ونؤكد أن نكسة حزيران كانت خسارة معركة وليست خسارة حرب وما تم بعد حزيران حتى اليوم لم يكن الأفضل ولا الطريق الصحيح .
 
والعدو وطبيعة دوره الوظيفي لم ولن يغير سلوكه اتجاه أي قطر عربي، من مصر أم الدنيا لدولة اسمها البحرين  ، ومهما حاول دعاة كربلاء 1967 أن يغيروا الصورة ستبقى الحقيقة واضحة ومفادها أن المستهدف هو الأمة ووحدتها الذي كان جمال عبد الناصر عنوانا ورمزا لها .
رحم الله من زرع ثقافة المقاومة والصمود أمام عدو لئيم، صراعنا معه صراع وجود وليس صراع حدود .
 
وبالغ العزاء لكل شهداء العرب .
 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى