وداعاً أيها السلاح

العنوان لفيلم أمريكي قديم عرض بصالة سينما البتراء بعمان بفترة الخمسينات، حسب صديقي مخرج مسرح الطفل، أكرم ابو الراغب في كتابه حصاد العمر الذي يتحدث فيه عن عمان القديمة وبساتينها وشجرها وانسانها.
هذا الفلم من روائع هوليوود قديما، وأعتقد أنه ترجمة سينمائية لقصة الأديب الأمريكي إرنست همينغواي الذي حصل على جائزة نوبل للأدب.
أحاول قدر المستطاع التغلب على العطش في هذه الأجواء الرمضانية الحارة، من فينة لأخرى، بكتابة مقال مناسب استجمع فيه شتات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في اردننا الغالي، فالفيديو الذي انتشر ليلة الأمس بقرية الزعتري، وليس بمخيم اللاجئين السوريين، صعق المواطنين والمقيمين عن عمق مشكلة كبيرة تضرب أسس أمننا الاجتماعي والوطني معا. فالمشهد يتلخص بوجود سيارة فارغه متوقفة أمام منزل أحد المواطنين بالشارع العام، وقد هرب منها سائقها بعد إطلاقه النار على المنزل على إثر مطالبات مالية تتعلق بتجارة السلاح والمخدرات وفق الردود على الخبر، لتأتي سيارة حربية من نوع تويوتا كالتي نشاهدها بحرب اليمن وليبيا وينزل منها شخص ممسك بسلاح ناري اتوماتيكي من نوع كلاشنيكوف ويمطر السيارة التي هرب صاحبها بصليات من فوهة مدفعه الرشاش تكفي لإبادة فصيلة من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وداعا أيها السلاح، فيلم أطلقه الأمريكيون بعد نهايه الحرب العالمية الثانية يتحدث عن مأساة إنسانية وكوارث تلك الفترة المرعبة من تاريخ البشرية، وان أهل السلاح الذي آباد الملايين قد تركوه إلى غير رجعة واتجهوا إلى الحياة المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحضارية، وتغليب لغة القانون والحوار والمنطق، فوصلت تلك الامم إلى القمر.
 غريب عجيب ما وصلنا إليه اليوم من ثقافة حمل السلاح في المجتمع الأردني الطيب، ورغم جهود الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية ومديرية الأمن العام الإعلامية إضافة إلى جهود القوات المسلحة حرس الحدود بمنع دخول الأسلحة والمخدرات من سوريا والعراق إلى الاردن، الا ان هذه الظاهرة في ازدياد مرعب.
 ان حجم جرائم القتل العمد والشروع في القتل العمد مع سبق الإصرار في شهر رمضان الكريم والتي وصلت حتى اللحظة أكثر من 16 جريمة قتل يدعو للقلق والحيرة معا، ولا شك ان الحلول الأمنية وحدها لا تكفي، فمسلسل واحد كفيل بإطلاق ثقافة الكراهية والثارات العشائرية وعودة ثقافة الغزو بين القبائل على مصراعيها، فالمسلسل الهابط “الهيبة” المغلف بلغة الزنا والعنف والإجرام لبطله جبل والغانية التي شاركته لإفساد صوم رمضان المبارك، لم يكتف بذلك بل رفع منسوب العنف المجتمعي والعشائري لأعلى مستوى في العالم العربي والإسلامي عامة، وليس الأردن فحسب.
ونحن كمثقفين نرصد ونحلل هذه الظاهرة، نتمنى على الحكومة أن تخاطب إدارة قناة mbc وغيرها من القنوات الفضائية الناقلة لهذا المسلسل الهابط ومن هو على شاكلته، ونستعين بجامعة الدول العربية، لمنع بث ثقافة الكراهية والعنف والإرهاب والمخدرات في المجتمعات العربية، وتنمنى ان  يتدخل الأزهر الشريف وعلماء الشرع والمفتي العام للمملكه بتحريم اقتناء الأسلحة النارية ووضعها بايدي الأفراد والعابثين، لنقول كما قال الأمريكان من قبلنا : وداعا أيها السلاح، وليس لها دون الله كاشفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى