مستمرة لا ذكرى.. وعربية قبل الفلسطينية

ليست ذكرى، لأنها قائمة ولا زالت وهي الآن مستمرة. وهي ليست مجرَّد نكبة فلسطينية، لأنها نكبة أمة بكاملها من محيطها إلى خليجها. وعليه، هي لم تبدأ قبل واحد وسبعين عاماً، ولا حتى بوعد بلفور، وإنما بسايكس – بيكو، ونوايا ومقدّمات استعمارية سبقت بكثير..

من أجلها وتهيئةً لارتكابها جزأوا الأمة، وبها فصلوا مشارق الأمة عن مغاربها.. ولتأبيدها منعوا وحدتها، حالوا دون قيامتها، أعاقوا نهضتها، نهبوا ثرواتها، سلَّموا فتاتها للقطريات ودعموا أنظمتها العميلة والتابعة والعاجزة والمستسلمة..

لديمومة هذه النكبة وضمان استمراريتها، اخرجوا مصر من مصر، من الصراع، من دورها، من حجمها، احالوها لراهنها، ودمَّروا العراق، وقسَّموا السودان، ومزَّقوا ليبيا، وعاثوا خراباً لسنوات ثمان في سوريه الأمة ولا زالوا، ويحاصرون الإرادة الفدائية في غزة، ويتآمرون على روح المقاومة في لبنان، ويسفحون دمنا في اليمن…وأكثر، ولديمومتها يحاصرون إيران، ويؤججون الطائفية، وينفخون في سور الإثنيات المتحفية، ينبشون كهوف التاريخ ليبعثوا من جديد رميمها..

.. هي نكبة لكل عربي كان منذ أن كانت، ولكل عربي الآن، وللأجنة في ارحام العربيات، وللأجيال العربية القادمة.. مستدامة مادامت قائمة، وفادحة ما ظلَّت مستمرة، أي ما لم يحسم الصراع بكنس الغزاة، بالتحرير الكامل والعودة لكامل ما أُغتصب

ولأنها مؤامرة مستدامة.. ومسألة صراع وجود لا حدود، لن تقوم للأمة، ومرة أخرى من محيطها إلى خليجها، قائمة إن لم تظل بوصلتها فلسطينها.. ومالم يرضع كل طفل عربي مع حليب أمه بأن عدو الأمة الأول هو الغرب ممثلاً في ولاياته المتحدة، وإن “اسرائيله” هي لا تعدو تفصيل من تفاصيله، مجرَّد أداته، ثكنته الاحتلالية المتقدمة..

.. والأخطر من هذا العدو وتفاصيله وثكنته، هو أمتداداته الانهزامية والمتصهينة المتنامية بين ظهرانينا.. نخباَ ثقافية مستلبة أولاً، ومن بعد حكاماً إن هم ليسوا بالعَجَزة فعملاء وصنائع وتابعين.

لأنها مستمرة وليست مجرَّد ذكرى، وعربية قبل أن تكون فلسطينية، ومسألة صراع وجود لا حدود، فهي لا تواجه إلا بثقافة المقاومة وبإرادة إما فلسطين أو فلسطين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى