الذكرى الواحدة والسبعون للنكبة العربية الكبرى بفلسطين

في السياسة لا يوجد شيء من صنع الصدف أو الحظ، فهذه مفردات لا مكان لها في عالم الواقع والحقائق على الأرض، وإذا كنّا اليوم نمر بالذكرى الواحدة والسبعين على نكبتنا العربية الكبرى بفلسطين وما نتج عن تلك النكبة من مآسي لشعبنا العربي الفلسطيني وتشريده بكل بقاع العالم وإقامة كيان لقيط عرف باسم إسرائيل وما أفرزت تلك النكبة بعد ذلك من تبعات وترددات واغتيالات سياسية وثورات وطنية وغير وطنية.. فلا شك اننا نفاخر بشعبنا العربي بفلسطين الذي قاوم ولم يزل يقاوم منذ عهد الانتداب، وصولاً لولادة هذا الكيان المسخ الذي يدخل عامه الواحد والسبعين، ولم يكل شعبنا الفلسطيني ولن يمل رغم تساقط الكثير من الأشقاء حوله وتآمر بعضهم واستسلام بعض قياداته لأوهام ما يسمى بالسلام الذي لم يكن إلا لتمكين العدو حتى تغطرس وأصبحت مطالبه أشبه بالمستحيل، بعد أن كانت غاية أمنياته أن يجلس لطاولة المفاوضات مع طرف عربي .

وعندما تحقق له ما كان شبه مستحيل فإذا هو اليوم يطالب بمطالب عنصرية لا يقبلها عقل ولا منطق، مثل يهودية الدولة وهذه المطالب يرفضها العالم كلّه بالكلام، ولكن للأسف يقبلها على أرض الواقع في هذا العصر الصهيوأمريكي الرديء.

وكما قلت، في عالم السياسة لا يوجد مصادفات بالتاريخ الإنساني ولكن هناك مؤامرات وبرامج أعدّ لها أصحابها جيداً، وفي حالتنا العربية منذ مؤتمر بال بسويسرا والأهداف الصهيونية تسير، وكما قال الجنرال موشي ديان بصراحة ان جيراننا العرب لا يقرؤون ، وهنا نرى اليوم بوضوح بعد كل ما جرى في نهر الحياة من أحداث أن اختيار الخائن أنور السادات لذكرى النكبة يوم 15  أيار /مايو عام 1971م لينقض هو الآخر على ثورة 23 يوليو والانقلاب على النهج الناصري العروبي ويضع كل رجال جمال عبد الناصر في السجون والمعتقلات، وهم من دعموا ترشيحه إيماناً منهم أنه أكثر محافظة على النهج الثوري للزعيم الخالد خاصة بعد انحنائه الشهير أمام تمثال جمال عبد الناصر بمجلس الأمة ، ولكنه منذ النكبة الثانية في 15 أيار مايو 1971م انفرد السادات بالسلطة وكان سهلاً عليه بعد ذلك أن يجعل من دماء أبطال الجيش المصري والسوري تحديداً جسراً ليعبر به لأسياده الصهاينة، وتبدأ مرحلة الانحطاط السياسي ولا سيما بعد زيارته المشؤومة للقدس واعترافه بالقتلة ، ورغم كل ذلك لم يقدموا له شيئاً إلا سيناء بغير كرامة ومنزوعة السلاح .

وبعد ذلك توالت الانهيارات العربية للأسف، خاصة بعد حرب الخليج الأولى والثانية التي انتهت باحتلال العراق وعملية فرض الأمر الواقع الذي يسمونه بالسلام، وكلما توقع العدو الصهيوأمريكي وعرب الاعتلال إن الأمر انتهى في فلسطين يتفاجأون بقوة وعنفوان شعبنا الفلسطيني ومقاومته التي لا تعرف المستحيل ولا تقبل بأقل من تحرير كامل ترابها الوطني من البحر للنهر، رغم كل ما نادى به ترامب مجنون واشنطن من اعتراف بالقدس عاصمة لقطعان الصهاينة، وصهينة الجولان والعمل على ما أسماه بصفقة القرن وجعلها أمراً واقعاً يتقبله العملاء من نواطير كازيات النفط الذين يدفعون بسخاء ، كيف لا وهو حاميهم.. ولكننهم سرعان ما فوجئوا ببطل فلسطيني شاب لا يتجاوز التاسعة عشرة من عمر اسمه ” عمر أبو ليلى ” قد استطاع، وبعملية استشهادية واحدة، ان يعيد خلط الأوراق، ويصبح نهجه أي نهج المقاومة هو العنوان لكل شبابنا العربي، فمن منّا لم تهزه بطولة عمر أبو ليلى واستشهاده؟ .

وفي الذكرى الواحدة والسبعين للنكبة أرى أن الكيان الصهيوني، ورغم كل مظاهر القوة الكاذبة، يزداد ضعفاً وكل قوته بسبب ضعفنا نحن، وما أصدق سماحة السيد حسن نصر من الله وهو يصف هذا الكيان بأنه أهون من بيت العنكبوت.

أن فلسطين ستبقى هي البوصلة التي توحدنا، وأي بندقية لا تتجه إلينا مشبوهة رغم كل أنوف الخونة والعملاء، ولا أريد من أحد أن يحمل شعبنا العربي الفلسطيني جمايل، فوالله لولا صمود هذا الشعب العظيم لكانت أوطاننا اليوم ربما لا تعرف حتى لغة الضاد .

عاشت فلسطين حرة عربية من بحرها لنهرها.. ولا نامت أعين الجبناء .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى