هل هناك خوف على علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة؟

 

 

في السياسة لا معادلات ثابتة، ولا علاقات إلّا وفق مصالح تُحسب رياضياتياً، وبالعودة للتاريخ فقد انتقل بعض الدول إلى محاور مختلفة، في الحربين العالميتين الأولى والثانية، رغم أنّ الفاصل الزمني ما بين انتهاء الأولى واندلاع الثانية كان فقط 17 عاماً.

وعند الحديث عن علاقة “إسرائيل” بالولايات المتحدة، فإنّ هذه العلاقة تدخل ضمن هذه المعادلات، وما يُرى مستحيلاً بشأن تغيير العلاقة ما بين الطرفين، في ظل علاقات استراتيجية متينة، فإنّ تخوفات حقيقية باتت تُساور بعض الساسة والاستراتيجيين في “إسرائيل” على هذه العلاقة واحتمالية تراجعها.

في قراءة مطولة، كتب ميخال ختوال وشاحر عيلم، تقديراً حول التغييرات التي ترافق المجتمع في الولايات المتحدة، وانعكاساتها على علاقة الطرفين الإسرائيلي والأمريكي، في ظل العلاقة القوية التي تُميزهما، وارتباط “إسرائيل” الكبير في الولايات المتحدة، ودعمها.

حيث يُشير ميخال ورفيقه إلى أنّ السنوات الأخيرة، تشهد زيادة في حدّة التجاذبات الداخلية في الولايات المتحدة، والتركيز على الهوية والانتماء، إلى جانب روح كبيرة من العنصرية باتت تُخيم على أجواء النقاش العام، بالإضافة إلى نظرة متطرفة وشعبوية، تجاه الكثيرين من القائمين على الوضع العام في الولايات المتحدة.

والمُثير للقلق وفق الكاتبين، أنّ حدّة الاستقطاب الداخلية، ستؤدي إلى دخول “إسرائيل” ساحة النقاش، وهي عملياً دخلت دائرة النقد لمجموعات صغيرة متنوعة، لكنّها قد تجد نفسها ضمن معادلة أن تكون محسوبة على تيار دون الآخر، أي أن يتم حسبها على الجمهوريين، ليكونوا هم داعميها، وأن تفقد هذا الدعم من الغالبية الدمقراطية، الأمر الذي من المُمكن أن يؤثر سلباً على الدولة العبرية، بعد أن كانت تنال دعم الجميع، وكانت خارج الحسابات المرتبطة بخلاف الطرفين.

حيث وفق مُعطيات قدمها الكاتبان، فإنّ دعم “إسرائيل” عند الجمهوريين المحافظين، يزيد عن دعم الفلسطينيين بنسبة 81%، فيما نسبة الدعم الذي تتلقاه “إسرائيل” عند الدمقراطيين الليبراليين، يزيد فقط بنسبة 3% عن دعمهم للفلسطينيين، وهذه الأرقام بحد ذاتها، توحي إلى أنّ “إسرائيل” ستكون مع مرور الوقت، حجر خلاف بين الطرفين.

من هُنا قدم الباحثين مجموعة من الاستنتاجات للحكومة الإسرائيلية، أولاها، أنّ العلاقة مع النظام في الولايات المتحدة هي كنز استراتيجي ل”إسرائيل”، لكن هناك ظاهرة باتت مقلقة وهي تراجع العلاقة وفتورها مع مُمثلي التيار الدمقراطي، وتراجعها مع يهود الولايات المتحدة، اللذين يُعارضون في غالبيتهم العُظمى ترامب، ويعتبرونه سبباً في انتشار العنصرية، وارتفاع “اللاسامية”.

ثانيها، أنّ الفجوة المتزايدة مع يهود الولايات المتحدة، خاصة في ظل الخلاف على الشكل العام للدولة العبرية، ورفض “إسرائيل” الاعتراف بالتيار الديني الذي ينتمي اليه 90% من يهود الولايات المتحدة، وهو التيار الإصلاحي الليبرالي، الأمر الذي سينعكس سلباً على تل أبيب، وتلقيها الدعم اليهودي الخارجي.

وهذا ما يُلزم “إسرائيل” وفق الباحثين، أن تعمل بجد على منع نفسها من الدخول في الخلافات الداخلية الأمريكية، ومحاولة لملمة الخلاف مع يهود الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بالدين والدولة، ووضع خطة مناسبة في حال ازدياد الشرخ مع أحد الطرفين المهمين أعلاه.

اندفاع “إسرائيل” بالعلاقة مع دونالد ترامب، والتي جاءت في كثير من الأحيان بتقديم اعتراضات على سياسة الرئيس السابق في الولايات المتحدة باراك أوباما، تنال نقداً داخلياً اسرائيلياً، حيث تُعتبر خطراً في حال تبدّل الوجوه في البيت الأبيض، من جانب آخر، فإنّ الفجوة المتزايدة مع يهود الولايات المتحدة، تدق ناقوساً خطيراً من الناحية الإسرائيلية على المستوى المتوسط.

* مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي والفلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى