زعامة ترامب تؤجج الغرائز العنصرية وارهاب جماعات العرق الأبيض

يمرّ العالم في الوقت الراهن بسلسلة طويلة من التهديدات التي تجتاح الحدود السياسية لدول العالم بغضّ النظر عن موقعها الجغرافي أو انتشار “الإرهاب” فيها سابقاً من عدمه، ويمكن ربط العمليات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها دول عدة منها أمريكا ونيوزيلندا وسريلانكا ناهيك عن تدمير مدن بأكملها في بعض المناطق الساخنة من هذا العالم “سوريا والعراق على وجه التحديد”، يمكن ربطها بشكل مباشر بخطاب الكراهية الذي يتبناه بعض زعماء العالم والذي يؤدي بطبيعة الحال إلى تقوية الجماعات الإسلامية المتشددة، وبالتالي تعميق فكرة انتشار “ظاهرة الإسلام فوبيا” التي بدأت تسيء للمسلمين بشكل كبير ولاسيما في المجتمعات الغربية، وبدأت الأمور تتحوّل نحو إراقة الدماء وتفجير مساجد هنا وهناك ضمن إطار ومفهوم “تفوّق العرق الأبيض”.

تفوّق العرق الأبيض

تشهد أمريكا سلسلة من العمليات الإرهابية التي يعمل منفذوها على نشر ثقافة “تفوق العرق الأبيض” والتي يتحمّل مسؤوليتها بشكل مباشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي ألقى عشرات الخطابات التي تحمل نفساً عنصرياً ضد أصحاب البشرة السمراء وضد المسلمين منذ حملته الانتخابية وحتى اللحظة، ونظراً لهذه السياسة الإقصائية التي اتبعها ترامب منذ وصوله إلى الحكم بدأ كثر يرون فيه رمزاً للدفاع عن “العرق الأبيض” ومنهم منفذ مذبحة نيوزيلندا.

قبل ما يقارب الأسبوع عمد مواطن أمريكي يدعى “أشعيا جوويل بيبلز” ويبلغ من العمر 34 عاماً إلى دهس عدد من المارة بشكل متعمّد الثلاثاء الماضي بسبب عرقهم، واعتقاده بأنهم مسلمون، وخلّف الحادث ثمانية جرحى، بحسب الشرطة الأمريكية، وذكر بيان لشرطة مدينة سانيفال القريبة من مدينة كاليفورنيا غربي البلاد أنها تتعامل مع الحادث بوصفه جريمة كراهية بناء على أدلة جديدة حصلت عليها الشرطة.

وبعد أقل من أسبوع على هذا الحادث قام جون أرنيست البالغ 19 عاماً بإطلاق نار في كنيس يهودي بكاليفورنيا ما أدّى إلى مقتل شخص وإصابة ثلاثة، وأكد ارنيست في بيان نشره على الإنترنت أنه استلهم عمله من منفذ الهجوم الإرهابي على مسجدي نيوزيلندا في مارس الماضي، وأشارت الشرطة إلى أنها تحقق في صلة محتملة لأرنيست بحريق طال نهاية مارس الماضي مسجداً في مدينة إسكونديدو شمالي سان دييغو.

وكشفت التحقيقات الأولية أن بياناً باسم جون أرنست نشر على أحد المواقع الإلكترونية التابعة لجماعات اليمين المتطرف تزامناً مع الهجوم على الكنيس، أكد صاحبه أنه تأثّر بتصرفات برينتون تارانت منفذ الهجوم الدامي على مسجدي نيوزيلندا الشهر الماضي، وبروبرت باورز الذي قتل 11 شخصاً داخل كنيس بمدينة بيتسبرغ في ولاية بنسلفانيا في أكتوبر/تشرين الاول الماضي.

وأشار صاحب البيان الذي يقلد بصياغته ومحتوياته البيان الذي نشره تارانت قبل الإقدام على جريمته إلى أنه بدأ التخطيط للهجوم على الكنيس بعد وقوع مجزرة المسجدين في نيوزيلندا، حسب وسائل الإعلام، فإن البيان المنسوب لأرنست، مليء بالتصريحات المعادية لليهود والمروّجة لتفوق العرق الأبيض.

مذبحة المسجدين

ان المذبحة التي نفذها برينتون تارانت في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية أظهرت ما كان يخفيه ويعلنه الرئيس الأمريكي في داخله تجاه المسلمين، فبينما نشر تارانت بياناً عبر الإنترنت، شرح فيه “دوافعه” للجريمة، وأقرّ فيه بأنه أقدم على الإجرام بدافع “الإرهاب”، امتنع ترامب عن وصفه بالإرهابي وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن ترامب لم يستجب حتى وقت متأخر لطلب رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسندا آرديرن  إبداء “التعاطف والمحبة” حيال المجتمعات المسلمة كافة.

ويبدو أن ترامب تعاطف من المجرم بدلاً من الضحايا ربما لأن تارانت يرى في ترامب “رمزاً للهوية البيضاء المتجددة والهدف المشترك” ويحمل خطاباً مشابهاً لخطاب ترامب بالنسبة للمهاجرين، وفي البيان اعتبر تارانت أن تدفق المهاجرين على الدول الغربية يشكّل أخطر تهديد لمجتمعاتها، ويرقى إلى ما وصفه بـ”الإبادة الجماعية للبيض”، وأن وقف الهجرة وإبعاد “الغزاة” الموجودين على أراضيها ليس “مسألة رفاهية لشعوب هذه الدول، بل هو قضية بقاء ومصير”.

وفيما يتعلق بأهداف الهجوم، يؤكد تارانت أنه جاء من أجل “إقناع الغزاة بأن أراضينا لن تصبح لهم أبداً”، وانتقاماً لـ”ملايين الأوروبيين الذين قتلهم الغزاة الأجانب عبر التاريخ وآلاف الأوروبيين الذين قضوا في هجمات إرهابية على الأراضي الأوروبية”.

اساءات ترامب للمسلمين

ترامب أساء لجميع المسلمين عندما ملأ خطاباته بالكراهية تجاه المسلمين ومنع مواطني سبع دول إسلامية من دخول أمريكا، كما رفض وصف مُنفّذ مجزرة نيوزيلندا بالإرهابي، وقدّم تعزية ‘باهتة’ لأهالي ضحاياها.

وفي إجابته عن سؤال لأحد الصحفيين في آذار الماضي، قال ترامب إنه لا يعتبر القومية البيضاء تشكّل تهديداً متعاظماً حول العالم، وهو تصريح يتناقض مع واقع الحال كما تؤكد “واشنطن بوست”.

وأفادت صحيفة واشنطن بوست بأن تقريراً نشره أحد مراكز الدراسات الأمريكية –واسمه “سذرن بفرتي لو”-  في شباط رصد عام 2018 وجود 1020 جماعة تحضّ على الكراهية منتشرة في جميع أرجاء أمريكا، كما أظهر هذا التقرير زيادة في معدل الوفيات المرتبطة باليمين المتطرف، حيث قتل المتعصبون البيض في أمريكا وكندا أربعين شخصاً على الأقل.

إذن عنصرية ترامب تضع العالم على المحك وتنذر بانفجار كبير في دول مختلفة من العالم، حيث يتبنى كثر سياسة ترامب العنصرية والاقصائية ويرون فيها أسلوباً رائعاً لتحقيق ما يصبون إليه من تفوّق العرق الأبيض إلى نشر فكرة “الإسلام فوبيا” وغيرها من الأمور التي تجعل العالم بأسره على حافة الخطر، وجميعنا يرى نتائجها وانعكاساتها على الجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى