قطار المصالحة المتوقف منذ سنوات هل سيتحرك من جديد؟

سلمت حركة فتح المخابرات المصرية مبادرة لتنشيط ملف المصالحة الداخلية المتوقف منذ سنوات عدة، لمناقشتها وعرضها على حركة حماس، لكن المبادرة ليست جديدة وانما تدور في نفس الزوايا السابقة التي تطالب بتنفيذ كامل اتفاق 2017 دون الإشارة إلى تنفيذ اتفاق 2011 التي توافقت عليه الفصائل.

ومن أهم البنود التي تريد فتح تنفيذها في اتفاق 2017 هو تمكين حكومة رام الله من بسط سيطرتها الكاملة على قطاع غزة، بينما تريد حماس تنفيذ كامل الاتفاقية بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني بشكل متزامن.

كُتاب ومحللون سياسيون أكدوا أن مبادرة فتح لتنشيط ملف المصالحة لن تدفع القطار بالتحرك دون وجود إرادة سياسية لدى الطرفين، مشيرين إلى ان المصالحة لا تحتاج إلى لقاءات وحوارات جديدة بل تحتاج إلى تنفيذ الاتفاقيات السابقة وخاصة اتفاق 2011 التي توافقت عليه الفصائل والقوى الفلسطينية كافة.

ويرى كتاب ومحللون في تصريحات منفصلة لـ”فلسطين اليوم الإخبارية”، أن تحرك ملف المصالحة في هذه الأيام الصعبة مهم جداً وعلى الجميع أن يلتقط هذه الإشارات الإيجابية لأن القضية الفلسطينية على مفترق طرق.

وكان وفد من “اللجنة المركزية لحركة فتح”، برئاسة عزام الأحمد وعضوية روحي فتوح، وصل إلى القاهرة أمس، لنقل رسالة عبر الوسيط المصري إلى “حماس”.

وفي هذا السياق، قال القيادي في “فتح”، عبد الله عبد الله: “إن وفد حركته قدّم مبادرة إلى المصريين، طالباً منهم تسليمها لـ«حماس» خلال 24 ساعة”، موضحاً أن المبادرة تتضمن استكمال تنفيذ اتفاق 2017 وصولاً إلى انتخابات تشريعية “ينتج منها تشكيل حكومة وحدة تعطي كل فصيل حجمه الذي حصل عليه في صندوق الاقتراع”.

وأضاف: “نأمل أن تكون المبادرة الخطوة الأخيرة، فالوقت لا يسمح بأي تلكؤ… الجانب المصري يستشعر الخطر على القضية، ونحن أخذنا المبادرة على عاتقنا” وفقاً لقوله.

لا تحتاج لقاءات

الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف يرى، بأن المصالحة الفلسطينية لا تحتاج إلى لقاءات وحوارات بين الفصائل والتوقيع على اتفاقيات جديدة مطلقاً فالحوارات واللقاءات لن تجدي نفعاً.

ويعتقد الكاتب الصواف في تصريح لـ”فلسطين اليوم”، بأن المصالحة تحتاج فقط إلى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه مسبقاً برعاية المخابرات المصرية في اتفاق عام 2011، وما تلاه من اتفاق لتنفيذ الآليات عام 2017.

وتوقع بأن المبادرة التي طرحتها حركة فتح والتي تتضمن استكمال تنفيذ اتفاق 2017 وصولاً إلى انتخابات تشريعية تدلل على أن محمود عباس لا يريد مصالحة حقيقية بل يريد تنفيذ جزء من الاتفاقيات وهذا غير مقبول من الفصائل والقوى الفلسطينية.

وقال الصواف: “المبدأ الذي تقام عليه المبادرة هو مبدأ غير مقبول للقوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية، فمحمود عباس لا يريد ان يسمع من الأخرين بل يريد أن يفرض رؤيته دون أي تغيير أو اعتراض من أحد”، مشيراً إلى وجود اتفاق عام 2011، ثم اتفاق 2017 الذي يعتبر جزء آلي لتنفيذ آليات الاتفاق الأول عام 2011.

ولفت إلى أن عباس إذا أراد الوصول إلى المصالحة الحقيقية فعليه تنفيذ اتفاق عام 2011، وألا يتهرب من تنفيذ الاتفاق الذي توافقت عليه الفصائل والقوى الوطنية كافة وألا يُقدم عروض منقوصة، فالمؤشرات واضحة جداً بأن عباس لا يريد شراكة ولا يريد أحد ينازعه أو يناقشه بالقرارات.

اشعال محرك القطار لا يعني تحركه

وفي ذات السياق يرى الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب، أن قطار المصالحة المتوقف منذ زمن طويل تم إشعال فتيل محركه بعد مبادرة فتح لكن عجلاته لم تتحرك بعد ما دام طرفي الانقسام لا توجد لديهما الإرادة والنية لإتمام المصالحة.

ويعتقد حبيب خلال تصريح لـ”فلسطين اليوم” بأن مبادرة فتح التي تتضمن تنفيذ اتفاق 2017 لن تقدم جديد يذكر، فالأمر وفقاً لحبيب لا يحتاج إلى حراك بقدر ما يحتاج إلى توفر الإرادة لدى صانعي القرار لإنهاء الانقسام.

وقال الكاتب حبيب: “اتفاق 2017 جوهره الأساسي مرتبط ببنده الأول هو تمكين الحكومة في قطاع غزة كما هو الأمر عليه في الضفة الغربية، فمن الناحية العملية وافقت حماس شكلاً على الاتفاق لكنها لم تبادر بتمكين الحكومة السابقة حكومة الحمدالله بمهامها في غزة”، وفقاً لقوله.

وأشار إلى أن المشكلة تتعلق باختيارات طرفي الانقسام وتجزئة الاتفاقيات وفقاً لم يراه الطرفين مصلحة لهما، فهذا الطرف يختار تنفيذ هذا البند وهذا يريد تنفيذ هذا البند فالعملية بين الطرفين انتقائية لذلك لو توفرت الإرادة الفعلية لتم تجاوز هذا الأمر بسهولة.

وأضاف: “رغم وجود تحركات لتفعيل ملف المصالحة إلا أننا نتحرك في نفس النقطة لكن علينا التمسك بالتفاؤل، وعلى الرأي العام الفلسطيني أن يُشكل ضغطاً أساسياً على طرفي الانقسام من أجل التقدم خطوة لنهاية هذا النفق المظلم.

تفاؤل بلقاءات قريبة

فيما رجح الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن تشهد الأيام القادمة تحريك قطار ملف المصالحة من جديد برعاية المخابرات المصرية لأن جميع الفصائل تدرك أن لا وقت مطلقاً لاستمرار الانقسام في ظل مواصلة الإدارة الامريكية في تنفيذ ما يُسمى “صفقة القرن”، وضياع الحقوق التي نضحي من أجلها.

ويرى الكاتب عوكل في تصريح لـ”فلسطين اليوم” أن ما أطلقته فتح من مبادرة لتحريك ملف المصالحة في جوهره ليس مبادرة جديدة بل تبديل زوايا لتفعيل المصالحة من جديد بغض النظر عن المواقف، مشيراُ إلى أن تحريك الملف يحتاج إلى قرارات حاسمة.

ووفقاً لرأيه، فإن المطلوب الآن رغم اختلاف المواقف أن يتم التقاط هذه المبادرة والعمل على تحريك ملف المصالحة نحو حوارات جادة لتنشيط الساحة الداخلية والتمسك بكامل الحقوق الفلسطينية.

ويعتقد الكاتب عوكل، أن الإرادة السياسية مطلوبة لكن يجب أن تستند اولاً إلى الثقة بين الطرفين لنحدد خطة الطريق فمن أين سنبدأ؟ وإلى أين سنصل؟ هذه الخطة لا يمكن اعدادها دون وجود الثقة بين الطرفين فمنذ الانقسام عام 2006 فقدت الفصائل الفلسطينية الثقة فيما بينها، والعودة إلى الحوارات من جديد من الممكن أن يعيد ولو جزء بسيط من الثقة، بهدف البحث في آلية تنفيذ ما اتفق عليه سابقاً.

وعن أسباب هذا الحراك، ذكر مصدر مقرب لصحيفة عربية أن محمد اشتية رئيس حكومة منظمة التحرير في رام الله قال إن رئيس السلطة محمود عباس، يريد “صيغة اتفاق مع حماس حول متطلبات المرحلة المقبلة، والخروج بتأكيد حول وحدة السلطة في الضفة والقطاع، وصولاً إلى اتفاق على برنامج سياسي يتطابق مع برنامج منظمة التحرير”، إضافة إلى أن عباس “يريد طمأنات من حماس بشأن عدم الموافقة على أي ترتيبات في غزة لا تريدها السلطة، التي تصرّ بدورها على إيجاد دور لحكومة اشتية في غزة”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى